أوكرانيا: اجراءات بين الغرب وروسيا تزيد التوتر
خطت اوكرانيا الاربعاء اولى خطواتها نحو منح المناطق صلاحيات اوسع لتحقق بذلك رغبة الدول الغربية، فيما تطالبها روسيا بنظام فدرالي كامل. وتزامن القرار الجديد مع تعزيز روسيا لقواتها المتواجدة على طول الحدود الشرقية لاوكرانيا وبعد تحذير روسي من زيادة ثانية في سعر الغاز على جارتها خلال اسبوع واحد.
واعلنت الحكومة الاوكرانية الجديدة والموالية للغرب انها ستعمل على الغاء النظام الحالي الذي يمنح الرئيس صلاحية تعيين المحافظين المحليين لتتحول نحو نظام انتخابي. ولم تشر الحكومة الى منح المناطق حق وضع سياسات تجارية خاصة او اقامة علاقات خاصة مع دول اجنبية. وقالت الحكومة في بيان على موقعها الالكتروني ان الهدف الاساسي من “اعتماد هذا المبدأ هو الغاء المركزية في البلاد وتوسيع سلطة المجموعات المحلية بشكل ملحوظ”.
وتعرضت الحكومة الانتقالية في كييف لضغوطات من موسكو لاجراء اصلاحات جذرية على الدستور بعد احتجاجات انتهت بالاطاحة بالنظام الموالي لروسيا في شباط/فبراير الماضي. ويريد الكرملين ان تتحول اوكرانيا الى دولة فدرالية، على اعتبار ان ذلك من شانه الحد من اعتداءات القوميين المتشددين ضد المواطنين الروس في اوكرانيا.
في المقابل تخشى الدول الغربية من ان تكون روسيا تستخدم حجة الفدرالية لتقسيم اوكرانيا اكثر عبر منح الكرملين حق التدخل في سياسات كييف الداخلية.
ودعا المسؤولون الاميركيون السلطات في كييف لاعتماد اصلاحات معينة للرد على حجج بوتين بضرورة ارسال قواته الى المناطق الناطقة بالروسية في جنوب شرق اوكرانيا. ويتوافق بيان الحكومة الاوكرانية مع الرغبات الاميركية اذ يشير الى ان نظام انتخاب المحافظين المحليين من قبل البرلمانات المحلية سيكون اكثر فعالية.
وعمدت روسيا الى تعزيز تواجدها العسكري على الحدود الشرقية لاوكرانيا بعد اشهر من محاولاتها استخدام السلاح الاقتصادي ضد الدولة السوفياتية السابقة.
ولكن يبدو ان الحكومة الاوكرانية الجديدة مصرة على الوقوف في وجه الضغوط الروسية، وخصوصا بعد حصولها على دعم معنوي من حلف الاطلسي الثلاثاء ودعم مادي من صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي.
واعلنت مجموعة غازبروم الروسية الثلاثاء وقف الخفض في سعر الغاز الذي منح لكييف في كانون الاول/ديسمبر مقابل تخليها عن اتفاق مع الاتحاد الاوروبي، ما يعني رفع السعر الى 385,5 دولارا لكل الف متر مكعب.
وتواجه اوكرانيا، التي تعتمد صناعتها على 44% من الغاز الروسي، خطر زيادة اخرى خلال ايام ليصل سعر الغاز الى 485,5 دولارا، وهو الاعلى اوروبيا.
وكانت السلطات الروسية حذرت من وقف العمل بخفض آخر بقيمة مئة دولار تم اعتماده في نيسان/ابريل 2010 في اطار اتفاق حول وجود اسطول البحر الاسود الروسي في سيباستوبول. وتقول موسكو ان هذا الاتفاق لم يعد ساريا لان القرم اصبحت جزءا من روسيا. وقد وقع بوتين الاربعاء قرارا تنفيذيا بابطال اتفاق 2010.
واتهم رئيس الحكومة الاوكراني ارسيني ياتسينيوك موسكو “بانتهاك القانون الدولي” لالغائها اتفاقا من دون استشارة كييف. وقال امام منتدى لرجال الاعمال “سيحاولون (الروس) زيادة سعر الغاز 100 دولار اخرى” مضيفا “هذا هو الوضع الذي نعيش فيه”.
ومن المتوقع ان تشكل قضية الغاز اولوية محادثات الخميس في موسكو بين المدراء التنفيذيين في غازبروم ومدراء شركة الغاز الحكومية الاوكرانية. وفي هذا الصدد، قال محللون ان قرار زيادة سعر الغاز مرة اخرى يجب ان يصدر عن بوتين نفسه.
وبحسب المستشار في شركة “ماركو ادفايزوري” (ماركو الاستشارية) كريس ويفر “من الواضح ان هذا قرار سياسي سيتخذه الرئيس وسيعكس الخطوات الحالية تجاه تهدئة التوترات”.
ويأتي ذلك كله في وقت يكثف الحلف الاطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الضغوط على روسيا. وعلق الحلف الاطلسي الثلاثاء تعاونه المدني والعسكري مع موسكو. ويواصل الاربعاء في بروكسل مشاوراته على مستوى وزراء الخارجية.
وفي واشنطن تبنى الكونغرس مساء الثلاثاء خطة لمساعدة اوكرانيا تتضمن ايضا فرض عقوبات على موسكو. وهذه الخطة التي تلحظ ضمانات قروض حتى مليار دولار ستوفر لاوكرانيا “السبل الاساسية لاعادة الاستقرار الاقتصادي وعودة النمو والازدهار”، وفق ما اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما.
واضافة الى تشديد العقوبات، تلحظ الرزمة 150 مليون دولار من اجل المساعدة في ارساء الديموقراطية وتعزيز التعاون على الصعيد الامني.
ولم يحدد الحلف الاطلسي البرامج التي يطالها حد التعاون مع روسيا لكنه تدارك انه لن يتم المساس بتلك المتصلة بافغانستان او مكافحة تهريب المخدرات. ويسعى الاطلسي ايضا الى طمأنة دول اوروبا الشرقية ودول البلطيق وبولندا خصوصا والتي تطالب بحضور اكبر للحلفاء، حتى ان بعضها يؤيد اقامة قواعد دائمة.
واوضح الوزراء ان الاطلسي “مستعد” ل”اتخاذ التدابير الضرورية” في مواجهة “اي خطر اعتداء يواجه الحلف” من دون الخوض في التفاصيل العملانية. وكان البرلمان الاوكراني وافق الثلاثاء على اجراء مناورات مشتركة مع الحلف الاطلسي على الاراضي الاوكرانية وفي البحر الاسود، الامر الذي قد يثير استياء موسكو.
وفي خطوة قد تزيد من التوترات في شبه جزيرة القرم، قال رئيس مجلس اتنية التتار رفعت شوباروف في بيان انه تم تشكيل مجموعة صغيرة للنظر في احتمال اجراء “استفتاء داخل الاثنية” للمطالبة بحكم ذاتي. وصوت ممثلون لتتار القرم السبت على قرار يدعو الى “اطلاق اجراءات سياسية وقانونية للحصول على حكم ذاتي عرقي وجغرافي لشعب تتار القرم على اراضيه التاريخية في القرم”.