أسلحة أميركية للمعارضة السورية
تعرض تسجيلات مصورة لقطات لمقاتلين سوريين يستخدمون أسلحة يقول خبراء إنها تبدو من هيئتها صواريخ أمريكية مضادة للدبابات وذلك في أول ظهور ملفت لعتاد أمريكي في الحرب الأهلية الدائرة بالبلاد.
وهذه الأسلحة تنذر بتدويل أوسع نطاقا للصراع بعد رصد صواريخ جديدة يعتقد أنها واردة من روسيا وطائرات بلا طيار من إيران بين أيدي قوات الرئيس بشار الأسد.
إلا أن أيا من هذه الآليات لا يعتبر كافيا لتحويل دفة المعركة التي يكتنفها الجمود الآن مع هيمنة الأسد على وسط سوريا وبطول ساحل البحر المتوسط وسيطرة مقاتلي المعارضة على أجزاء في عمق الشمال والشرق.
ويتعذر التحقق بشكل مستقل من مصداقية شرائط الفيديو أو الجهة التي قدمت صواريخ بي.جي.إم-71 تاو المضادة للدبابات التي ظهرت بها. وتحدث بعض المحللين عن احتمال قدومها من دولة أخرى مثل السعودية -حليفة الولايات المتحدة- بموافقة واشنطن على الأرجح.
وأحجم المسؤولون الأمريكيون عن التحدث عن الصواريخ التي ظهرت في سوريا في ذات الوقت تقريبا الذي ذكرت فيه رويترز أن واشنطن قررت المضي في خطط زيادة المساعدات لمقاتلي المعارضة بما في ذلك تقديم أسلحة أقل مستوى.
ويقول المسؤولون الأمريكيون في أحاديثهم الخاصة إنه لاتزال هناك حدود واضحة للدعم الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة للمعارضة المسلحة نظرا للدور الطاغي الذي يلعبه الإسلاميون المتشددون هناك. وخضع اقتراح بتزويد المعارضة بصواريخ أرض/جو من طراز مانباد للبحث لكنه رفض.
وصرحت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بأن إدارة أوباما تقدم دعما لم تحدده.
وقالت ردا على سؤال بشأن التسجيلات التي ظهرت فيها الصواريخ “الولايات المتحدة ملتزمة ببناء قدرات المعارضة المعتدلة باستخدام وسائل منها تقديم العون لأعضاء المعارضة المسلحة المعتدلة الذين تم التحري عن سجلهم.”
وأضافت “كما نقول دوما.. نحن لا نسرد بالتفصيل كل نوع من أنواع المساهمة التي نقدمها.”
ويقول محللون إنه على الرغم من أن عدد الصواريخ الأمريكية التي شوهدت لايزال ضئيلا فإن الأنباء التي تتحدث عنها تنتشر سريعا.
وقال تشارلز ليستر الزميل الزائر بمركز بروكينجز الدوحة وأحد أوائل الخبراء الذين حددوا نوع الصواريخ “مع رؤية صواريخ تاو الأمريكية الصنع المضادة للدبابات في أيدي ثلاث جماعات في شمال سوريا وجنوبها.. يمكننا أن نقول إن هذا أمر جلل.”
وأضاف ليستر قائلا إن أول ثلاثة تسجيلات مصورة أذيعت في الأول والخامس من أبريل نيسان. وأزيل اثنان منها من على المواقع لكن مازال هناك واحد على موقع يوتيوب.
httpv://www.youtube.com/watch?v=0L2uGyD7M04
واستعرض أيضا خبراء أسلحة آخرون ومدونون عن الصراع السوري التسجيلات المصورة. من بين هؤلاء إليوت هيجنز المتخصص الهاوي في الأسلحة وشرائط الفيديو والمقيم في بريطانيا والذي برز كواحد من أشهر المرجعيات بشأن قوة النيران الأجنبية التي تصل سوريا. وتحمل مدوناته اسم “براون موزيس”.
ولم يعلق الفصيل المقاتل الذي ظهر وهو يتعامل مع الصواريخ الأمريكية في التسجيلات الأولى وهو فصيل علماني معتدل نسبيا يحمل اسم “حركة حزم”. لكن واحدا من النشطاء المعارضين المقيمين في جنوب شرق تركيا وكان عضوا سابقا في حركة حزم قال إن الصواريخ قدمها الأمريكيون.
وقال النشط السوري الذي عرف نفسه باسم سامر محمد إن حركة حزم تلقت عشرة صواريخ مضادة للدبابات هذا الشهر قرب حلب وإدلب اللتين مزقهما قتال عنيف وتقعان بالقرب من الحدود الشمالية مع تركيا.
وأضاف أن حركة حزم أطلقت خمسة من هذه الصواريخ لتدمير أربع دبابات والفوز بمعركة دارت في ضاحيتي بابولين والصالحية في ريف إدلب وأن هذه كانت المرة الأولى التي تظهر فيها مثل هذه الأسلحة الأمريكية في القتال السوري.
وتعذر التأكد من هذه المعلومات من مصدر مستقل.
* إمدادات سعودية وقطرية
وقال ليستر إن تسجيلات فيديو أظهرت الصواريخ وهي في أيدي جبهة ثوار سوريا وجماعة أخرى هي ألوية وكتائب الشهيد أحمد العبدو. ويعد الفصيلان أيضا من الفصائل المعتدلة نسبيا.
وطالما عزفت الدول الغربية عن الوفاء بوعود متكررة بتزويد مقاتلي المعارضة السورية بالسلاح خشية أن يسقط في أيدي جهاديين أو يستخدم في إراقة مزيد من الدماء في صراع أودى بالفعل بأرواح أكثر من 150 ألف شخص وشرد الملايين على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وقال ليستر إنه إذا كانت واشنطن تعزف عن تقديم صواريخ تاو بنفسها فسيكون المصدر في الغالب هو السعودية التي لديها آلاف المقذوفات المضادة للدبابات في ترسانتها.
وسيكون لزاما على السعودية بموجب شروط عقد البيع الأصلي أن تبلغ واشنطن إن كانت ستنقلها إلى أي طرف ثالث.
وقال ليستر “بالنظر إلى الجماعات التي شوهدت بالفعل وبحوزتها هذه الأنظمة الصاروخية ومع الأخذ في الاعتبار ما يعرف عن السعوديين بالفعل عن تقديم أسلحة لجماعات … معتدلة يبدو أن السعودية هي المرشح الأكثر ترجيحا في هذه المرحلة.”
ويقول محللون إن قطر -المؤيد الرئيسي الآخر في المنطقة لمقاتلي المعارضة السورية- لا تملك على الأرجح مثل هذه الصواريخ في مخازنها العسكرية المعتادة وربما تكون قد اشترت سلاحا صينيا من مكان آخر -ربما السودان- لنقله إلى مقاتلي المعارضة العام الماضي.
ويقول خبراء سلاح إن صواريخ اتش.جيه-8 الصينية الصنع الموجهة المضادة للدبابات مازالت أحد المكونات المألوفة نسبيا في ترسانة مقاتلي المعارضة. وظهرت هذه الصواريخ بوضوح في أيدي جماعات إسلامية في أوائل العام الماضي وربما تكون قد جاءت من قطر.
ورصدت شحنات في الآونة الأخيرة في أيدي فصائل تميل إلى العلمانية نسبيا ويعتقد المحللون أنها مقدمة من السعودية.
* صواريخ روسية وطائرات إيرانية
يقول مراقبون إن استخدام الإسلاميين المتشددين لصواريخ مانباد المضادة للطائرات تضاءل في الأشهر الأخيرة. ووصلت هذه الصواريخ العام الماضي ويعتقد أيضا أنها جاءت من قطر في تطور أثار قلق الدول الغربية بوجه خاص.
وقال المدون “براون موزيس” “أعتقد أن هناك موجتين من الأسلحة الصينية تتجهان إلى الجماعات المختلفة.. الأولى من قطر والثانية من السعودية.”
وشكت الولايات المتحدة ودول عربية خليجية أخرى من مسلك قطر في تسليح قوات المعارضة والذي جعل العديد من الأسلحة تسقط في أيدي مقاتلين ينتهجون نهج القاعدة وإسلاميين متشددين آخرين. ويحجم المسؤولون القطريون والسعوديون عن التحدث تفصيلا عن السياسة إزاء سوريا.
وتشعر الدول الخليجية بالانزعاج أيضا لتزايد علامات الدعم الإيراني لجيش الأسد. وعن أحدث قطعة من السلاح الإيراني ظهرت على أرض المعركة -وهي الطائرة شاهد 129 التي تنطلق في الأجواء بلا طيار والتي التقطت صور لها فوق دمشق- تقول إيران إنها تحمل أسلحة وتقوم بمهام مراقبة.
وقال “براون موزيس” إن التطور المهم الآخر الذي حدث على ساحة الصراع السوري هذا العام هو تزايد استخدام الحكومة لقاذفات الصواريخ بي.إم-27 وبي.إم-30 الروسية الصنع لإسقاط قذائف عنقودية.
ففي حين أنه من المعروف منذ فترة أن النوع الأول يمثل جزءا من ترسانة الأسد لا ينطبق الأمر على النوع الثاني