وراء ترشح جعجع فقط «إلغاء فكرة أنه مجرم حرب»
قالت مصادر سياسية إن أغلبية النواب اللبنانيين سيقترعون بورقة بيضاء في الدورة الأولى لانتخاب رئيس جديد فيما هم يكافحون للاتفاق على مرشح توافقي بعد أشهر من العنف والجمود السياسي.
ويجتمع البرلمان يوم الاربعاء لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي ينهي في 25 مايو أيار فترة حكم استمرت ست سنوات ولكن الانقسامات العميقة بشأن الحرب في سوريا المجاورة قد تؤجل أي قرار وربما لعدة أشهر.
وتنقسم القوى السياسية في البلاد بين داعم للنظام السوري وفي مقدمتهم حزب الله الشيعي المشارك في الحرب الى جانب الجيش السوري ومؤيد لمسلحي المعارضة يتقدمهم تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السني السابق سعد الحريري.
وساهمت الحرب السورية في تقسيم مواقف المسيحيين في البلاد بين الطرفين كما زادت من حدة الإنقسام بين المسلمين السنة والشيعة. وينبغي أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا ويجب على أي مرشح أن ينال ثلثي أصوات أعضاء مجلس النواب المؤلف من 128 نائبا وهو ما لا يملكه أي فريق من طرفي النزاع.
ومن أهم المرشحين زعيم القوات اللبنانية المسيحي سمير جعجع وهو معارض شديد للرئيس السوري بشار الاسد وأحد قادة تحالف 14 آذار بزعامة رئيس الوزراء السابق السني سعد الحريري.
وكان جعجع (61 عاما) قد قضى أكثر من 11 عاما في السجن لاتهامه في جرائم ارتكبت إبان الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990 منها اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رشيد كرامي.
وسمير جعجع هو القيادي السياسي الوحيد الذي سجن لدوره في الجرائم التي ارتكبت إبان الحرب. وأفرج عنه بعد أن أقر البرلمان اللبناني الذي كان يضم في عام 2005 الأغلبية المعارضة لسوريا قانون العفو.
وقال مصدر سياسي بارز في 14 آذار إن “الحريري التزم بإعطاء أصوات لسمير جعجع في الدورة الأولى للحفاظ على مصداقيته في 14 آذار وأنا أعرف وأنتم تعرفون أن سمير جعجع لا يمكن أن يأتي بثلثي الأصوات ولا النصف زائد واحد في الدورة الاولى.”
أضاف المصدر لرويترز “هكذا يكون الحريري قد قال لجعجع لقد عملنا واجبنا معك في الدورة الأولى وهنا يلتقط عون الفرصة بتقديم نفسه كمرشح توافقي”
وقال “إن جعجع يعول على الترشيح للانتخابات الرئاسية للتأكيد على مشروعية دوره وموقعه عند المسلمين وإلغاء فكرة أنه مجرم حرب بل انه أصبح مرشحا.”
ومن ناحية أخرى يبرز تحالف سياسي منافس بقيادة حزب الله الشيعي الذي يقاتل في سوريا إلى جانب الرئيس الأسد الذي أشار بوضوح الى أنه سيؤيد زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون.
ومع ذلك فان عون قائد الجيش السابق والطامح للوصول إلى سدة الرئاسة منذ سنوات لم يعلن رسميا ترشحه وهو يفضل التريث في الترشح في الدورة الأولى تفاديا للوقوف ضد خصمه التاريخي جعجع وإفساحا للمجال أمام قوى 14 آذار وتيار المستقبل بزعامة الحريري للتوافق عليه في مرحلة لاحقة.
وقال مصدر في قوى 8 آذار لرويترز إن “جلسة الأربعاء لن تأتي بالرئيس الجديد ولكنها قد تفتح الباب أمام خيارات توافقية منها (الزعيم المسيحي المتحالف مع حزب الله) ميشال عون” مضيفا ان العديد من البرلمانيين سيقدمون أوراقا بيضاء.
وأعلن تكتل التغيير والاصلاح بزعامة عون بعد اجتماعه المشاركة بجلسة الغد والاقتراع بورقة بيضاء.
ومن المتوقع ان ينال جعجع بين 45 و50 صوتا في البرلمان المؤلف من 128 نائبا وهو أقل بكثير من الأصوات المطلوبة للفوز في الجولة الأولى وعددها 86 صوتا.
وقال مصدر سياسي في 8 آذار “إن جلسة الأربعاء سيحضرها أكثر من 86 نائبا ومن المتوقع أن يحوز جعجع على حوالي 45 صوتا منهم في صفقة قد تدخله الى نادي المرشحين الفعليين دون الدخول في نادي الرؤساء”
وأشار المصدر إلى إتجاه رئيس المجلس نبيه بري إلى تكرار الدعوة للانتخاب في الأيام المقبلة وقبل انتهاء الفترة الدستورية. ويمكن أن يدعي إلى دورة انتخاب ثانية في نفس الجلسة يوم الاربعاء.
وهذه الدورة يمكن أن تفتح الطريق لعون ومرشحين آخرين بمن فيهم قائد الجيش الحالي وحاكم مصرف لبنان لترشيح انفسهم كمرشحي توافق.
واكتسب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة احتراما دوليا لاكثر من عقدين من الزمن بسبب قدرته على إدارة الدين العام المرتفع والحفاظ على الاستقرار النقدي في أصعـب الأوقات خصوصا في السنوات المضطربة.
وعلى الرغم من ان اتفاق الطائف قد انهى الحرب الاهلية بين عامي 1975 و1990 في لبنان الا انه نقل بعض سلطات رئيس الجمهورية الماروني الى رئيس الوزراء المسلم السني لكن لا تزال للرئاسة الاولى دورا مؤثرا في البلاد.
وتتوزع أصوات البرلمان بين الثامن والرابع عشر من آذار لكن في مسألة انتخاب الرئيس لا يمكن اعتماد تقسيم حقيقي للأصوات وفق الانتماء السياسي إذ إنه يوجد أكثر من مرشح لدى الأطراف. وفي إطار قوى 14 آذار المعارضة لسوريا أعلن النائب روبير غانم ترشيحه للانتخابات فيما أكد حزب الكتائب المسيحي ووزير الاتصالات بطرس حرب دعمهما لجعجع. وكثيرا ما ترشح حرب بنفسه في الانتخابات.
وفي إطار قوى 14 آذار المعارضة لسورية أعلن النائب روبير غانم ترشيحه للانتخابات فيما أكد وزير الاتصالات بطرس حرب وهو احد المرشحين الدائمين دعمه لجعجع.
وفي الناحية الأخرى يتردد اسم سليمان فرنجية زعيم تيار المردة والصديق الشخصي لبشار الاسد في حال عدم التوافق على عون.
ويقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في الوسط مؤكدا تمسكه بالمسلمات وهي عدم دعم عون ولا جعجع ومقدما مرشحا ضعيفا قد لا يحظى إلا بأصوات كتلته الثمانية وهو النائب هنري الحلو.
ومن المتوقع ان تتبدل موازين القوى في الدورات اللاحقة بعد أن تنقسم الأصوات يوم الاربعاء بين جعجع والاوراق البيضاء.
وفي الاشهر الاخيرة من ولايته وجه الرئيس سليمان انتقادات لتدخل حزب الله العسكري في سوريا وهو موقف منع عنه اي فرصة لتمديد ولايته على غرار سلفيه السابقين.
وستكون من أولى مهام الرئيس الجديد المساعدة في الحفاظ على الاستقرار في بلد صغير يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري وشهد سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وهجمات صاروخية وقتالا في الشوارع أدت الى سقوط عشرات الاشخاص.
كما سيتعين عليه تمهيد الطريق لإجراء انتخابات برلمانية في وقت لاحق هذا العام والتي تأخرت 17 شهرا بسبب نفس المأزق السياسي الذي يهدد كرسي الرئاسة.
وغالبا ما يشكل اسم الرئيس الجديد نقطة تقاطع بين دول إقليمية وغربية ذات تأثير في لبنان ذي التركيبة الطائفية والسياسية الهشة.
وعلى هذا الأساس كان قد تم انتخاب الرئيس سليمان قائد الجيش السابق في الخامس والعشرين من مايو أيار عام 2008 في إطار اتفاق في الدوحة بعد معارك وصلت إلى العاصمة بيروت.
وفي حال عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل 25 مايو أيار فستتولى صلاحيات الرئيس حكومة رئيس الوزراء تمام سلام التي تشكلت في فبراير شباط الماضي بعد نحو 11 شهرا من الجمود السياسي.
ويجمع الفرقاء المتنافسون ومحللون على انه لا توجد معطيات للتفاهم على رئيس.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان “حظوظ من تكون له الغلبة تعتمد على التوافق الاقليمي او الدولي. عادة لا يتم التوافق على اسم الرئيس إلا قبل ثلاثة أو أربعة أيام من موعد الاستحقاق الرئاسي”
وأضاف لرويترز “هناك مفاوضات ومقايضات تتم. بتقديري من السابق لأوانه معرفة من سيكون الرئيس القادم