«القيصر» بوتين يحتفل بانتصار …الاتحاد السوفياتي
توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة إلى شبه جزيرة القرم للإحتفال بذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية وإعلان نجاح ضم القرم من أوكرانيا التي تقول روسيا إنها باتت تحت حكم فاشيين.
وفي شرق أوكرانيا حيث يعتزم الإنفصاليون المؤيدون لموسكو إجراء استفتاء يوم الأحد للإنفصال عن أوكرانيا على غرار القرم أفادت تقارير بمقتل ما بين ثلاثة و20 شخصا في ماريوبول في واحد من أعنف الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والإنفصاليين.
وانتقدت الولايات المتحدة زيارة بوتين للقرم ووصفتها بأنها مستفزة وكررت رفضها ضم موسكو لشبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي للصحفيين في المؤتمر الصحفي اليومي “هذه الزيارة مستفزة ولم يكن لها داع. القرم تخص أوكرانيا ولا نعترف بالطبع بالخطوات غير المشروعة التي اتخذتها روسيا في هذا الصدد.”
وأدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن زيارة بوتين للقرم التي لم تعترف القوى الغربية بضمها للأراضي الروسية في مارس آذار كما جدد شكوكه في تأكيد بوتين أنه سحب جنوده من الحدود الأوكرانية.
ووصفت الحكومة في كييف زيارة بوتين وهي الأولى منذ ضم القرم قبل شهرين بأنها “استفزاز” متعمد لتصعيد الأزمة.
وخلال مشاهدته لعرض عسكري في سيفاستوبول قال بوتين “أنا متأكد أن عام 2014 سيسجل في سجلات بلادنا بأسرها بأنه العام الذي قررت فيه الأمم التي تعيش هنا بحزم أن تنضم إلى روسيا مؤكدة على الإخلاص للحقيقة التاريخية وذكرى أجدادنا.”
وفي وقت سابق يوم الجمعة شهد بوتين أكبر عرض عسكري بمناسبة يوم النصر يقام في موسكو منذ أعوام. وذكرت الدبابات والطائرات والصواريخ العابرة للقارات العالم والناخبين الروس بتصميم بوتين على إحياء قوة موسكو الدولية بعد 23 عاما من انهيار الاتحاد السوفيتي.
وقال بوتين في خطاب لأفراد الجيش والمحاربين القدامى الذين تجمعوا في الميدان الأحمر “الإرادة الحديدية للشعب السوفيتي وشجاعتهم وقدرتهم على التحمل هي التي أنقذت أوروبا من العبودية.”
وقال بوتين يوم الجمعة إن حقوق الروس بما في ذلك حقهم في تقرير المصير يجب أن تعامل بإحترام.
وأضاف في احتفال في القرم “نعامل كل البلاد وكل الشعوب بإحترام. نحترم حقوقهم ومصالحهم المشروعة بما في ذلك استعادة العدالة التاريخية وفي الوقت نفسه حق تقرير المصير.”
لكن الأمين العام لحلف الأطلسي قال “زيارته للقرم غير لائقة”.
وكان راسموسن يتحدث خلال زيارة لاستونيا وهي جمهورية سوفيتية سابقة وإحدى دول شرق أوروبا التي انضمت للحلف الذي تقوده الولايات المتحدة في أعقاب انهيار الشيوعية للإحتماء من نفوذ موسكو. ويرى كثيرون في المنطقة أن روسيا استعبدتهم بعد الإنتصار في الحرب العالمية الثانية.
ويرفض رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك – الذي تولى منصبه منذ أطاحت انتفاضة بالرئيس المدعوم من الكرملين فيكتور يانكوفويتش في فبراير شباط – مزاعم روسيا بأنه وصل لمنصبه نتيجة انقلاب أيده قوميون أوكرانيون يتبنون فكر النازية الجديدة.
وقال بعد قداس بالعاصمة لإحياء ذكرى يوم النصر “قبل 69 عاما حاربنا مع روسيا ضد الفاشية وانتصرنا…التاريخ يعيد نفسه لكن بشكل مختلف.”
وأضاف “بعد أن تكاتفت روسيا وأوكرانيا في الماضي ضد ألمانيا الآن تتكاتف ألمانيا معنا” إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا.
واتهم جهاز الأمن الأوكراني مخربين روس بإشعال حريق تسبب في إيقاف بث التلفزيون الحكومي لفترة قصيرة وأصدرت وزارة الخارجية بيانا تصف فيه زيارة بوتين للقرم بأنها تصعيد متعمد للأزمة.
وفي مدينة ماريوبول أكبر ميناء مطل على بحر أزوف قال وزير الداخلية أرسين أفاكوف إن نحو 20 “إرهابيا” قتلوا عندما حاول انفصاليون مؤيدون لروسيا احتلال مقر الشرطة في المدينة.
لكن عضوا بالبرلمان الأوكراني قال إن القوات الأوكرانية هاجمت مقر الشرطة لمحاولة إخراج الإنفصاليين وإن النار شبت في المبنى.
وقال اولي لياشكو إن ثمانية انفصاليين قتلوا في الاشتباكات.
لكن السلطات المحلية في دونيتسك ذكرت أن ثلاثة قتلوا وأصيب 25 في الاشتباكات.
وكان افاكوف قد ذكر يوم الثلاثاء أن أكثر من 30 انفصاليا قتلوا في اشتباكات قرب مدينة أخرى بشرق أوكرانيا وإن كان لم يتم تأكيد هذا الرقم فيما بعد.
وقال مصور محلي في ماريوبول لرويترز إن النار شبت في المبنى وإن هناك جثتين خارجه.
وقال “أحدهما بالتأكيد ضابط شرطة.”
وتسبب حريق اندلع الأسبوع الماضي خلال اشتباكات في ميناء أوديسا الجنوبي الغربي في مقتل عشرات الإنفصاليين المؤيدين لروسيا مما أدى إلى تشديد موقف الشرق من السلطات في كييف.
وقالت تاتيانا إيجناتشينكو وهي صحفية في ماريوبول إن معارك ضارية اندلعت خارج مقر الشرطة. واستدعت القوات الأوكرانية عددا من المركبات المدرعة في المدينة الصناعية التي يسكنها نحو نصف مليون نسمة لكنها انسحبت فيما بعد.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن انفصاليين استولوا على دبابة في وسط المدينة وأقاموا حواجز حول المدينة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عقب مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي جون كيري يوم الجمعة إن موسكو تأمل أن تعمل واشنطن مع كييف لإنهاء العملية العسكرية الأوكرانية ضد الإنفصاليين.
وفي سيفاستبول حيث كان أسطول البحر الأسود الروسي يضطر لاستئجار قاعدته من أوكرانيا قدم الجنود والمحاربون القدامى عرضا عسكريا قبل وصول بوتين شمل أيضا مركبات مدرعة وصواريخ مضادة للطائرات.
وكتبوا على لافتات “سيفاستوبول بدون فاشيين” و”واجبنا أن نتذكر.”
وتقول موسكو إنها ليست لها سيطرة مباشرة على الإنفصاليين المسلحين في شرق أوكرانيا.
وقال جانسوز لواندوفسكي عضو المفوضية الأوروبية يوم الجمعة إن من المتوقع أن يشدد الاتحاد الأوروبي عقوباته الموجهة على روسيا يوم الاثنين. وقال دبلوماسيون إنها ستستهدف نحو 15 شخصا وعدة فروع لشركات أوكرانية سيطرت روسيا عليها في القرم.
ورحبت الأغلبية الروسية من سكان القرم وعددهم مليونا شخص على نطاق واسع بضم روسيا لشبه الجزيرة الذي جاء في أعقاب انتفاضة أوكرانيا. ويعتبر كثير من الروس أن شبه الجزيرة التي أهداها زعماء سوفيت لأوكرانيا خلال الخمسينات من القرن الماضي حق لهم.
ورغم أن تحرك بوتين لإعادة رسم حدود أوروبا أثار قلقا كبيرا في أنحاء القارة فان قادة الولايات المتحدة وأوروبا لا يريدون عزل موسكو خوفا من تضرر اقتصاداتهم.
كما لا يتمتع خيار المواجهة المسلحة مع روسيا نيابة عن أوكرانيا بتأييد كبير في الغرب. وأوكرانيا ليست عضوا في حلف الأطلسي كما أن قادتها خلفوا تركة من الفساد والفقر والمؤسسات الحكومية الضعيفة.
وفي سيفاستبول قال فاسيلي توبول (31 عاما) وهو عامل مصنع كان يرتدي قميصا قطنيا عليه صورة لبوتين وعبارة “جيش روسيا” إن الحياة صارت أفضل منذ أصبحت القرم روسية.
وقال “نكن إعجابا كبيرا لبوتين أصبحت أحوالنا المعنوية والمادية أفضل منذ أصبحت القرم جزءا من روسيا.”
وفي سلافيانسك المعقل العسكري للانفصاليين في شرق أوكرانيا قاد زعيم الانفصاليين فياتشيسلاف بونوماريوف الذي أعلن نفسه رئيسا للبلدية ومجموعة من الحرس مسيرة تضم نحو ألفي شخص لوضع الزهور على نصب لقتلى الحرب العالمية الثانية.
وقال أناتولي ستريجاكوف وهو من المحاربين القدامى “انظروا لكل هؤلاء الناس… الأطفال والنساء والمتقاعدون… يظهر اليوم أن لدينا الروح اللازمة لمواجهة ما يخطط له الأوكرانيون مهما كان.”
وطمأن بونوماريوف الناس بأنهم يستطيعون التصويت يوم الأحد بأمان.
وسيطلب من سكان دونيتسك ولوهانسك وعددهما ستة ملايين التصويت بنعم على انفصال “الجمهوريتين الشعبيتين”.
وتشير استطلاعات رأي أجريت في الآونة الأخيرة ان التأييد لهذا التحرك ليس قويا ولم يتضح بعد عدد من سيشاركون بالفعل في التصويت. وأيد استفتاء أجرته القرم في مارس آذار وقاطعه كثيرون الإنفصال بنتيجة 97 في المئة