أوكرانيا: استقبال بوروشينكو بمعركة في مطار دونتسك
بعيد إنتخابه أعلن الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو، نيته التوجه الى شرق البلاد الواقع تحت سيطرة الإنفصاليين الموالين لروسيا، لم يتأخر هؤلاء عن إرسال الجواب معلنين بدء المعركة للسيطرة على مطار دونتسك النقطة الإستراتيجية للوصول الى المناطق الإنفصالية .
وبعد اقتحامهم المطار أرسلت القوات الأوكرانية طائرات حربية، ومظليين في حملة لمكافحة الإرهاب واستعادة السيطرة على المطار.
حيث شوهدت طائرات سوخوي خمسة وعشرين، وطائرات الميغ تسعة وعشرون، كما شوهد إنزال مظليين من طائرات مروحية.
معركة يعتبرها الإنفصاليون كخطوة، إضافية للتأكيد على إستقلالهم عن كييف.
,وكانت القوات الأوكرانية قد نفذت غارات جوية وهجوما بقوات من المظليين على انفصاليين موالين لروسيا سيطروا على مطار دونيتسك يوم الاثنين في حين رفض الرئيس الأوكراني المنتخب أي محادثات مع “الارهابيين” وقال إن الحملة العسكرية في الشرق يجب ان تكون قادرة على إخماد تمرد الانفصاليين في “غضون ساعات”.
واحتشد الأوكرانيون بأعداد غفيرة خلال الانتخابات التي جرت يوم الأحد خلف بيترو بوروشينكو وهو سياسي مخضرم ومليونير يمتلك مصانع للشيكولاته أملا في أن يتمكن من انقاذ البلاد من حافة الافلاس والحرب الأهلية والتمزق.
ويمثل الرد العسكري السريع يوم الاثنين على الانفصاليين الذين سيطروا على المطار في دونيتسك ردا متحديا لموسكو التي أبدت استعدادها للحوار مع بوروشينكو لكنها طالبت أن يقلص أولا الحملة العسكرية في شرق أوكرانيا.
وفي حين كان القتال جاريا ضد الانفصاليين عقد بوروشينكو مؤتمرا صحفيا في كييف قال فيه إن الحملة العسكرية للحكومة يجب ان تكون “أسرع وأكثر فاعلية”.
وأضاف “يجب ألا تستغرق العملية ضد الارهاب شهرين أو ثلاثة أشهر. بل يجب ان يستغرق الامر ساعات.”
وفيما يتعلق بالمقاتلين الانفصاليين قال بوروشينكو “يريدون الحفاظ على دولة قطاع طرق أقيمت بقوة السلاح … هؤلاء ببساطة قطاع طرق. لا أحد في أي دولة متحضرة يجري مفاوضات مع ارهابيين.”
وأمكن سماع أصوات أعيرة نارية وانفجارات فيما حلقت طائرة حربية فوق مطار سيرجي بروكوفيف الدولي في دونيتسك بعد ساعات من وصول شاحنات محملة بمقاتلين انفصاليين واستيلائهم على مبنى بالمطار. وتصاعد دخان أسود كثيف من داخل المكان.
وقالت الحكومة إن مقاتلاتها مشطت المنطقة بأعيرة تحذيرية ثم قصفت موقفعا يتمركز فيه المسلحون مما ادى إلى تشتتهم قبل إرسال قوات من المظليين للتصدي لهم.
وبعد ثلاث ساعات من القتال رأى مراسل لرويترز ثلاث طائرات هليكوبتر أوكرانية طراز إم آي-24 تقصف مبنى المطار. وتصاعد المزيد من أعمدة الدخان الأسود في الوقت الذي قصفت فيه طائرات الهليكوبتر اهدافا على الممر.
ويخدم المطار مدينة يبلغ تعدادها مليون شخص اعلنها الانفصاليون عاصمة “جمهورية شعبية” مستقلة ومنعوا اجراء التصويت فيها في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد.
وكانت محاولتهم للسيطرة على المطار تهدف فيما يبدو إلى منع بوروشينكو من السفر إلى هناك بعد ان قال إن أول زيارة له بعد توليه المنصب ستكون إلى الشرق المضطرب.
وأظهرت النتائج الأولية بعد فرز ثلاثة أرباع الأصوات حصول بوروشينكو على 54 في المئة من الاصوات متقدما على 21 مرشحا بفارق كبير يمكنه من تفادي اجراء جولة ثانية من الانتخابات.
وحصلت رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو أقرب منافسيه على 13.1 في المئة وأوضحت انها ستقر بهزيمتها.
وستكون المهمة الاكثر الحاحا لبوروشينكو هي معالجة الوضع الدبلوماسي مع روسيا جارة أوكرانيا العملاقة العازمة فيما يبدو على اقتطاع جزء من الاراضي الأوكرانية منذ أن أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس السابق الموالي لموسكو في فبراير شباط.
وقال بوروشينكو “آمل ان تدعم روسيا جهود التعامل مع الموقف في الشرق.” وصرح بأنه يعتزم لقاء مسؤولين روس في النصف الاول من يونيو حزيران.
لكنه لم يبد أي دلالة على الانصياع لمطلب موسكو بتقليص العملية المسلحة ضد الانفصاليين في الشرق.
وقال “حماية الشعب هي من مهام الدولة” متعهدا بتعزيز قدرات الجيش من خلال توفير المزيد من الموارد له. وتابع “يجب ألا يكون الجندي الأوكراني عاريا أو حافيا أو جوعانا.”
وحتى الان لم تحقق القوات الاوكرانية نجاحا يذكر في مواجهة الانفصاليين الذين أعلنوا “جمهوريتين شعبيتين” في اقليمين في المركز الصناعي الشرقي حيث قتل نحو 20 شخصا في الايام القليلة الماضية.
ويقول المسؤولون الأوكرانيون انهم امتنعوا عن استخدام القوة الساحقة لأسباب منها تجنب اعطاء ذريعة لعشرات الالاف من الجنود الروس المحتشدين على الحدود لدخول بلادهم. وأثيرت تساؤلات بشأن تدريب القوات الأوكرانية وتجهيزها وولائها.
وبدأت اشتباكات الاثنين بعد ان رأى مراسل لرويترز ثلاث شاحنات محملة بعشرات المسلحين متجهة إلى المطار.
وقال ديمتري كوسينوف المتحدث باسم المطار لرويترز قبل اندلاع القتال “المتمردون في المبنى. الحرس الوطني الأوكراني يسيطر على بقية اجزاء المطار.”
وقالت العملية الامنية للقوات الأوكرانية في المنطقة إن الموعد النهائي للانفصاليين للاستسلام انتهى وإن مقاتلتين من طراز سوخوي اس يو-25 نفذتا طلعات وأطلقتا أعيرة تحذيرية. ونفذت مقاتلة طراز ميج-29 في وقت لاحق غارة جوية اخرى مما أدى إلى تشتت الانفصاليين في انحاء منطقة المطار . وقال متحدث امني أوكراني “نزلت الان قوات من المظليين إلى المطار وتمشط المنطقة.”
وفي تكرار للتصريحات التي قالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الايام القليلة الماضية قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ان اجراء حوار حقيقي بين كييف والشرق -حيث تمرد انفصاليون موالون لروسيا على القيادة الوطنية- أمر حتمي لحل الازمة الاوكرانية.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي حين سئل عن انتخابات الرئاسة الاوكرانية التي جرت يوم الاحد “كما قال الرئيس (بوتين) أكثر من مرة نحن مستعدون للحوار مع ممثلي كييف نحن مستعدون للحوار مع بيترو بوروشينكو.”
وقال لافروف بعد أن أجرى محادثات مع وزير خارجية جنوب السودان “اذا وضعنا في الاعتبار التعبير عن الارادة الذي حدث وهو ما نحترمه فسنكون على استعداد لحوار عملي يقوم على الندية على اساس ما هو قائم وأعني بذلك تحقيق كل الاتفاقات القائمة بما في ذلك (الاتفاقات) في قطاعي التجارة والغاز.”
ويأمل الأوكرانيون الذين ضاقوا ذرعا بالاضطرابات السياسية المستمرة منذ ستة أشهر في أن يتمكن رئيسهم الجديد من انتشال البلاد من حافة الافلاس والتمزق وحرب أهلية حالت دون اجراء التصويت في اجزاء من شرق البلاد الذي يتحدث غالبية سكانه الروسية.
وكرر الانفصاليون هجومهم على “المجلس العسكري الفاشي” وأعلنوا عن خطة “لتطهير جمهوريتهم الشعبية من قوات العدو”. ورد وزير في كييف بالقول بأن القوات الاوكرانية ستستأنف “عمليتها ضد الارهاب” بعد فترة هدنة بمناسبة الانتخابات.
وبوروشينكو ليس وجها جديدا على الساحة السياسية الأوكرانية فلقد سبق وان شغل منصب وزير خلال حكم فيكتور يانوكوفيتش الذي اطاحت به الاحتجاجات وايضا في ظل حكومة سابقة قادها خصوم يانوكوفيتش مما منحه سمعة بأنه شخص عملي قادر على انهاء الانقسام في البلاد بين انصار موسكو ومعارضيها.
وكان مع ذلك مؤيدا قويا للاحتجاجات التي أطاحت بيانوكوفيتش ولهذا فانه مقبول لدى الكثيرين من المحتجين المؤيدين لاوروبا والذين ظلوا معتصمين في خيام في العاصمة لمواصلة الضغط على الزعماء الجدد.