حرب أوكرانيا تتسبب بنزوح كثيف
خاضت القوات الحكومية الأوكرانية اشتباكات مع الانفصاليين واستخدمت المدفعية والأسلحة الآلية يوم الأربعاء مع احتدام المعارك لليوم الثاني على التوالي داخل بلدة سلافيانسك وفي محيطها مما أجبر كثيرا من السكان المذعورين على الفرار.
وقالت الحكومة الأوكرانية إن أكثر من 300 مقاتل من الانفصاليين لقوا حتفهم خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في “عملية مكافحة الإرهاب” المركزة على البلدة وهي معقل للانفصاليين وتتمتع بموقع استراتيجي. وتحاول كييف إخماد تمرد يقوده مقاتلون موالون لروسيا تخشى أن يؤدي إلى تفكيك البلاد.
ونفى الانفصاليون هذه المعلومات وقالوا إن خسائر القوات الحكومية الأوكرانية في العملية العسكرية التي بدأت يوم الثلاثاء فاقت خسائرهم.
وعند نقطة تفتيش للجيش على حافة البلدة أمكن سماع دوي القصف المدفعي العنيف في حين تصاعدت سحابة من الدخان الأسود على مشارف المدينة.
وعند نقطة التفتيش المحاطة بالأسلاك الشائكة كانت الأسر تحاول الفرار من القتال في مجموعات صغيرة حاملة معها ما تستطيع حمله فقط.
وقالت مارينا وهي إمرأة شابة كانت تبكي بينما تتعلق بذراع زوجها “إنها فوضى. إنها حرب.”
وعبر اندريه باندر (37 عاما) وهو يحمل طفلته (أربع سنوات) عن خشيته من عدم العودة قريبا إلى المنطقة.
وقال أثناء انتظاره سيارة أجرة في المنطقة المحايدة وراء نقطة التفتيس وبحوزته عدد من الحقائب الصغيرة “أخذنا معنا فقط الأشياء الأكثر ضرورة. نحن نغادر الآن من دون أن نعرف إلى أين ولكننا سنتوجه إلى روسيا فقد بات من الواضح أن علينا مغادرة أوكرانيا. لم يبق شيء جيد هنا.”
وأضاف “في الأيام القليلة الماضية كنا نجلس في القبو من الخامسة والنصف صباحا حتى الساعة الواحدة ظهرا ولم يكن لدينا وقت لتناول الغداء أو الاغتسال أو أي شيء آخر.”
وقال المتحدث باسم القوات الحكومية فلاديسلاف سيليزنيوف إن جنديين قتلا وجرح 45 خلال المعارك التي “العنيفة” منذ أن شنت الحكومة حملتها العسكرية قرب سلافيانسك مستخدمة الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر والمدفعية.
ونفى الانفصاليون الذين يسيطرون على المدينة منذ أوائل أبريل نيسان الماضي عدد القتلى الذي أعلنته الحكومة وقالوا إنهم أسقطوا طائرة هليكوبتر عسكرية وهو ما نفته كييف.
وقال الكسندر بوروداي رئيس وزراء “جمهورية دونيتسك الشعبية” المعلنة من جانب واحد لوكالة إنترفاكس الروسية “التقارير التي تتحدث عن 300 قتيل ليست صحيحة. الخسائر التي تكبدها الجانب الأوكراني تفوق خسائرنا.”
وفي مؤتمر صحفي عقده لاحقا في دونيتسك -المدينة الرئيسية في المنطقة- قال بوروداي إن على الانفصاليين تعبئة قواتهم وتدريب المتطوعين للقتال في سلافيانسك والدفاع عن دونيتسك.
وقال “لدينا معلومات أن قوات العدو تستعد لاقتحام مدينة دونيتسك ونحن مجبرون على اتخاذ إجراءات مثل تعبئة المتطوعين.”
وأمر الرئيس الأوكراني المنتخب بيترو بوروشينكو القوات الحكومية باستئناف العمليات العسكرية لإخماد تمرد يقوده انفصاليون موالون لروسيا في شرق البلاد الذي يتكلم سكانه الروسية. وحقق بوروشينكو فوزا كاسحا في الانتخابات التي جرت في 25 مايو أيار الماضي.
وقال بوروشينكو الموالي للغرب يوم الأربعاء في وارسو حيث التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه سيكشف عن خطة للتوصل إلى “حل سلمي” للوضع في شرق البلاد بعد حفل تنصيبه يوم السبت المقبل.
ومنذ استئناف العمليات العسكرية وقعت اشتباكات متقطعة داخل دونيتسك وحولها وبالقرب من لوهانسك الحدودية مما أدى إلى سقوط قتلى من الجانبين.
وتتهم الحكومة الأوكرانية موسكو بأنها تذكي القتال لرفضها توجه الحكومة نحو الغرب وتتهم كييف أيضا روسيا بالسماح للمسلحين المتطوعين بالعبور إلى أوكرانيا للقتال في صفوف الانفصاليين.
وتنفي موسكو هذه الاتهامات وتحث أوكرانيا على إنهاء عملياتها العسكرية وبدء حوار مع الانفصاليين.
وتتمتع سلافيانسك بأهمية استراتيجية- على الرغم من قلة عدد سكانها البالغ 130 ألفا فقط- كونها تقع في قلب منطقة دونباس وعند تقاطع طرق المناطق الرئيسية الثلاثة في شرق أوكرانيا.
وبدت القوات الحكومية وكأنها تحكم قبضتها على الوضع يوم الأربعاء لكن من المبكر جدا التنبؤ بنتيجة المعركة. وفي أبريل نيسان انتهت محاولات أولية للجيش الأوكراني للقضاء على الانفصاليين بعمليات انشقاق وخسارة معدات عسكرية.
وقال سكان سلافيانسك الفارين منها إن المياه انقطعت عن المدينة من بعد ظهر الثلاثاء.
وبينما كانت بعض الأسر المؤلفة في غالبيتها من النساء والأطفال تحاول الفرار كان عدد من الرجال ينتظرون في سياراتهم ويحاولون العودة إلى المدينة لكن القوات الأوكرانية عند نقطة التفتيش منعتهم.
وأطلق الجنود النار في الهواء عندما حاولت سيارة قادمة من سلافيانسك التقدم باتجاه نقطة التفتيش .
وقال ساكن يدعى ساشا (31 عاما) “زوجتي وطفلاي الصغيرين هناك ولكن لا يمكنني العودة إليهم”.
وعلى بعد كيلومتر علق المتمردون الذين يديرون نقطة تفتيش خاصة ورقة كتبوا عليها باللون الأحمر تحذيرا يقول “كل من ينفذ أوامر المجلس العسكري فاشي.”
في حين تساءل متمرد يرتدي سترة عسكرية “متى سيأتي (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لنجدتنا؟”.
وعند نقطة تفتيش أخرى للانفصاليين تبعد كيلومترات قليلة من النقطة الأولى أعلن مقاتل متطوع بفخر أنه من منطقة موسكو. في حين قال رجل آخر إنه من وسط أوكرانيا لكنه ينتمي إلى مجموعة قتالية موالية لروسيا تطلق على نفسها اسم الجيش الروسي الأورثوذوكسي.
وأضاف “هذه هي أرضنا وسنبقى هنا حتى النهاية.”
وتأتي العملية العسكرية على سلافيانسك بعد يوم كامل من المعارك يوم الإثنين في لوهانسك- وهي بلدة تقع أبعد قليلا إلى الشرق على الحدود الروسية- بعدما شن الانفصاليون هجوما على معسكر لحرس الحدود.
واعترفت القوات الحكومية الأوكرانية يوم الأربعاء أن معسكرا لحرس الحدود في لوهانسك أخلي وغادره عناصره تاركين أسلحتهم وراءهم بعد هجوم للانفصاليين يوم الإثنين.
في حين قال الانفصاليون إن حرس الحدود استسلموا. وقالت ساكنة تدعى جانا التي تسكن قرب المعسكر إنها شاهدت الانفصاليين يخرجون بنادق وذخائر منه.
وقالت “لقد استولى المقاتلون (الانفصاليون) على المبنى ونكسوا العلم الأوكراني.”