الأكراد في كركوك (تقرير)
اتخذ 40 رجلا من الشرطة العراقية ومقاتلي قوات البشمركة الكردية ساترا تحت جسر يقيهم من أشعة الشمس ومن قذائف المورتر التي تطلق من حين لآخر عبر نهر يشكل إحدى الجبهات في حرب تنذر بتفتيت العراق.
ورفع علم كردي أعلى عربة همفي تم الاستيلاء عليها من الجيش العراقي مما يرمز للأراضي التي كسبها الأكراد منذ تخلى الجيش عن قواعده على بعد 20 كيلومترا من كركوك أمام هجوم للمتشددين الإسلاميين حيث حلت قوات البشمركة مكانه.
وقال العميد سرحد قادر قائد شرطة كركوك “نحن على هذه الضفة والمتشددون على الضفة الأخرى.”
ومضى يقول “نحمي هذه المنطقة وهذا الجسر خصوصا. هدفهم نسفه لأنه طريق استراتيجي.”
وعبر الجسر يقع الطريق إلى الحويجة التي سيطر عليها مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام وجماعات مسلحة سنية أخرى عند غزوهم للموصل وتكريت أثناء تقدمهم الأسبوع الماضي في شمال العراق.
ومع فرار جنود الجيش العراقي هرول مقاتلو البشمركة للاستيلاء على مواقعهم في المنطقة الغنية بالنفط حول كركوك واحتلال أرض يعتبرونها قلب وطنهم التاريخي والتي كانت موضع صراع مع بغداد منذ عشر سنوات.
ويجد الأكراد الذين يتمتعون بالحكم الذاتي منذ حرب الخليج الأولى في عام 1991 أنفسهم الآن أقرب من أي وقت مضى من تحقيق حلمهم القديم بالاستقلال الكامل حتى لو تحقق في ظل خطر إقامة خلافة إسلامية على أعتاب دولتهم إذا واصل مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام تقدمهم.
وقال مسؤول كردي كبير طلب عدم الكشف عن شخصيته “ما إن أصبح للإرهابيين قدرة على الوصول إلى أشياء كثيرة… نحن منزعجون حقيقة من أساليبهم وتكتيكاتهم لكن كل البشمركة .. كل قوات الأمن في كردستان .. يقيمون الآن جدارا بيننا وبينهم.
“نركز على سلامة وأمن كردستان.”
ويركز متشددو الدولة الإسلامية في العراق والشام أنظارهم على بغداد في الجنوب في حين ينصب اهتمام الأكراد الرئيسي على حماية منطقتهم والأراضي الجديدة التي سيطروا عليها.
قال سرحد الذي رأس شرطة كركوك المحلية لفترة طويلة لكن ولاءه الرئيسي للإقليم الكردي في الشمال “نستطيع مهاجمتهم لكننا لا نريد ذلك في الوقت الحالي.”
ومضى يقول “وجهنا لهم ضربات عدة مرات وكانوا يفرون.”
وأصيب سرحد يوم الثلاثاء وهو يصد هجوما للمتشددين على بلدة البشير وهي بلدة يغلب على سكانها الشيعة والتركمان تقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي كركوك دخلتها قوات البشمركة في وقت لاحق. ومع هذا يأمل الأكراد أن تركز الدولة الإسلامية في العراق والشام والفصائل السنية الأخرى على تقدمهم جنوبا. وأظهرت الاشتباكات التي دفعت نحو 5000 تركماني إلى الفرار كيف سيكون من الصعب على الأكراد تفادي المخاطر الجديدة في العراق.
وفي نظر سرحد فإن انسحاب الجيش قبل أسبوع من مدينتي الموصل وكركوك الرئيسيتين في شمال العراق كان مفاجئا. وكان يبحث في وقت سابق من يونيو حزيران الجاري مع قادة الفرقتين 46 و47 بالجيش العراقي كيفية التعامل مع خطر المتشددين المسلحين.
وقال سرحد إن بعض الجنود وأفراد الشرطة العراقيين الذين تعيش أسرهم في الحويجة والمناطق المحيطة عادوا إلى بلداتهم وانضموا لمقاتلي المتشددين.
والملابسات الدقيقة لانسحابهم ليست واضحة.
ويقول مسؤولون أكراد إن رئيس الوزراء العراق نوري المالكي طلب منهم رسميا السيطرة على قواعد الجيش في كركوك التي تقع على المشارف الجنوبية للمدينة.
وفي غضون ساعات تحركت قوات البشمركة جنوبا وسيطرت على كركوك بالكامل دون إطلاق رصاصة واحدة.
ونهب الأكراد قاعدة الجيش (كركوك 1) وأخذوا كل شيء ماعدا الجدران التي كتبت عليها شعارات لم تتعارض مع ما حدث. يقول أحد الشعارات “نموت ويحيا الوطن” ويقول شعار آخر “العراق أولا”.
وأثارت السهولة التي سيطر بها الأكراد تساؤلات بين أعضاء مجلس المحافظة العرب والتركمان. ويتهم بعض المسؤولين في بغداد الأكراد بعقد اتفاقات سرية مع جماعة الدولة الإسلامية. ويصر نجم الدين كريم محافظ كركوك الذي يحظى باحترام العرب لأدائه من أجل المدينة على أن الأكراد لم يستولوا على أراض لأنهم موجودون بالفعل في المدينة.
لكن المسؤولين الأكراد واضحون بشأن حقيقة أنهم لن يتنازلوا عن كركوك أو أي مناطق أخرى يسيطرون عليها.
قال وزير البشمركة شيخ جعفر مصطفى لرويترز في مقابلة مع رويترز إن الأكراد يعززون خطوطهم الدفاعية لأن الأماكن الموجودون فيها الآن مناطق تخص الشعب الكردي وهي مناطق كردية.
وأما الأكراد الأكبر سنا الذين حاربوا صدام حسين لعقود ودافعوا عن المنطقة بعد حرب الخليج الأولى وساعدوا القوات الخاصة الأمريكية في فتح جبهة أخرى شمال العراق أثناء الغزو في عام 2003 فيستعدون لخوض معركتهم الأخيرة.
واستدعى مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق يوم الأربعاء قدامى المقاتلين المتقاعدين للتطوع مرة أخرى في قوات البشمركة.
وقال فرهد أزيد عبد الله (45 عاما) سائق سيارة أجرة في أربيل وهو مقاتل سابق في البشمركة حارب في التسعينات إنه وآخرين كثيرين يستعدون لحمل السلاح من جديد. وقال “أنا جاهز وبندقيتي جاهزة.”