ا#العراق: رغبة تركية وسعودية بعدم تدخل أميركا
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الخميس إنه سيرسل ما يصل إلى 300 مستشار عسكري أمريكي إلى العراق لكنه أكد الحاجة إلى حل سياسي لأزمة البلاد في حين يدور قتال بين القوات الحكومية ومتشددين سنة للسيطرة على أكبر مصفاة نفط عراقية.
ولكن يبدو أن الحلفاء الاقليميين لواشنطن يحرصون على إثناء الولايات المتحدة عن شن ضربات جوية.
فقد قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي تنتمي بلاده لحلف شمال الأطلسي إن الولايات المتحدة “لا تنظر إلى الهجمات من هذا النوع نظرة إيجابية” مع الوضع في الاعتبار المخاطر على المدنيين. وقال مصدر سعودي إن القوى الغربية تتفق مع الرياض على أن ما يلزم هو تغيير سياسي وليس تدخلا خارجيا لرأب الانقسام الطائفي الذي اتسع تحت قيادة المالكي.
وقال أوباما في مؤتمر صحفي بعد اجتماع مع كبار مستشاريه للأمن القومي إنه مستعد لاتخاذ تحرك عسكري “محدد” في وقت لاحق إذا اتضح أنه ضروري وهو ما يؤخر احتمال توجيه ضربات جوية أمريكية ضد المسلحين السنة غير أنه يبقي على هذا الخيار قائما. لكن أوباما أكد أن القوات الأمريكية لن تعود لتقاتل في العراق.
وحث أوباما حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي على اتخاذ خطوات عاجلة لرأب الانقسام الطائفي وهو ما يقول مسؤولون أمريكيون إن الزعيم العراقي فشل في القيام به حتى الآن واستغلته جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة تقود التمرد السني في العراق الآن.
وقال أوباما للصحفيين “ليس بمقدورنا أن نحل ببساطة هذه المشكلة بإرسال عشرات الآلاف من الجنود وأن نبدد الأرواح والأموال التي أنفقت بالفعل في العراق.. في نهاية المطاف هذا أمر لابد أن يحل بأيدي العراقيين.”
وقال أوباما الذي سحب القوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011 إن الولايات المتحدة ستزيد بدرجة كبيرة الدعم لقوات الأمن العراقية المتعثرة بما في ذلك إرسال ما يصل إلى 300 مستشار عسكري. لكن أوباما لم يصل إلى حد قبول طلب بغداد استخدام القوة الجوية الأمريكية.
وطالب مشرعون أمريكيون كبار المالكي بالتنحي وأوضح مسؤولون في إدارة أوباما أنهم محبطون منه.
ولم ينضم أوباما للدعوات للمالكي بالرحيل وقال “ليست مهمتنا أن نختار زعماء العراق” لكنه تجنب أي تعبير عن الثقة في رئيس الوزراء العراقي الذي تحوطه المشاكل حين سأله صحفي عما إن كان سيفعل ذلك.
وفي نفس الوقت بدأت الولايات المتحدة إرسال طائرات اف-18 هجومية من حاملة الطائرات جورج بوش في طلعات فوق العراق لتنفيذ عمليات استطلاع لتحركات المتشددين المسلحين. وأمرت الحاملة بالتوجه إلى الخليج قبل عدة أيام.
وتحولت مصفاة بيجي مترامية الأطراف على بعد 200 كيلومتر شمالي بغداد قرب تكريت إلى ساحة قتال فيما تصدى الجنود الموالون للحكومة التي يقودها الشيعة للمتشددين المسلحين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وحلفائه الذين اقتحموا محيط المصفاة قبل ذلك بيوم مما شكل خطرا على امدادات النفط الوطنية.
وقال متحدث حكومي إنه بحلول الظهيرة (0900 بتوقيت جرينتش) أصبحت القوات الحكومية العراقية تفرض سيطرتها الكاملة إلا أن شاهدا في بيجي قال إن القتال لا يزال دائرا. وحاولت طائرتا هليكوبتر عراقيتان الهبوط في المصفاة لكنهما عجزتا عن ذلك بسبب نيران المسلحين وظل أغلب المصفاة في ايدي المقاتلين السنة.
وبعد يوم من طلب حكومة بغداد علنا قوة جوية أمريكية ظهرت مؤشرات على تشكك واشنطن في مدى فاعلية مثل تلك الضربات في ضوء احتمالات سقوط قتلى من المدنيين وهو الأمر الذي قد يزيد من غضب الأقلية السنية التي كانت تسيطر يوما على زمام الأمور في البلاد.
أظهر مقطع فيديو أذاعته قناة تلفزيون العربية دخانا يتصاعد من مصفاة بيجي فيما ترفرف الراية السوداء التي يستخدمها التنظيم على أحد المباني. وقال عمال كانوا داخل المجمع الذي يمتد لكيلومترات قرب نهر دجلة أنه في الصباح المبكر بدا أن المتشددين المسلحين السنة يسيطرون فيما يبدو على معظم المجمع وإن قوات الأمن تتركز حول غرفة التحكم بالمصفاة.
وجرى إجلاء الموظفين المتبقين الذين يتراوح عددهم بين 250 و300 في وقت مبكر صباح يوم الخميس حسبما أفاد أحد هؤلاء الموظفين عبر الهاتف. وأضاف أن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش هاجمت مواقع للمتشددين خلال الليل.
وتقع بيجي على بعد 40 كيلومترا شمالي تكريت مسقط رأس صدام حسين في منطقة سيطرت عليها جماعات سنية بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام خلال الأسبوع المنصرم. ويوم الثلاثاء أغلق العاملون المنشأة التي تنتج معظم الوقود الذي يحتاجه العراقيون في الشمال لوسائل النقل ولتوليد الكهرباء.
ويقود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هجوما سنيا في شمال العراق بعد الاستيلاء على مدينة الموصل الكبيرة الأسبوع الماضي مع تداعي جيش المالكي الذي تدعمه الولايات المتحدة بالسلاح.
وتباطأ تقدم المسلحين السنة بعد أن أعاد جنود الجيش تنظيم صفوفهم بالإضافة لمشاركة الميليشيات الشيعية والمتطوعين.
وأعلنت الحكومة يوم الخميس أن من انضموا للقتال في “المناطق الساخنة” سيحصلون على ما يعادل 150 دولارا تقريبا في الأسبوع.
وسيطر المقاتلون السنة على بلدة المعتصم جنوبي سامراء مما قد يمنحهم القدرة على محاصرة المدينة التي تضم مزارا شيعيا كبيرا. وقال مصدر في الشرطة المحلية إن قوات الأمن انسحبت دون قتال عندما دخلت عشرات السيارات التي كانت تحمل مقاتلين بلدة المعتصم من ثلاث جهات.
ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام -الذي انفصل أميره عن القاعدة متهما الحركة الجهادية الدولية بأنها حذرة أكثر مما ينبغي- على مدن وأراض في العراق وسوريا الآن مما يجعله في وضع جيد على الطريق لإنشاء جيب مسلح تخشى دول غربية أن يتحول لمركز للإرهاب.
وأعلنت الحكومة العراقية يوم الأربعاء أنها قدمت طلبا للولايات المتحدة لشن ضربات جوية بعد عامين ونصف من إنهاء القوات الأمريكية احتلالها للعراق الذي استمر تسعة أعوام وبدأ بالإطاحة بصدام حسين في 2003.
وسئل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عما إن كانت واشنطن ستلبي هذا الطلب فقال لمحطة تلفزيون إن.بي.ٍسي “ليس هناك شيء غير مطروح على الطاولة