غزة تقصف عمق اسرائيل
هزت غارات جوية إسرائيلية قطاع غزة كل بضعة دقائق أمس الأربعاء في حين واصل نشطاء إطلاق الصواريخ لتصيب عمق إسرائيل في حرب متصاعدة قتلت ٦٩ شخصا وخلفت ما يزيد عن ٦٠٠ جريحا على الأقل في القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس.
ولليوم الثاني على التوالي انطلقت صواريخ من نظام القبة الحديدية لاعتراض صواريخ أطلقت من قطاع غزة باتجاه تل ابيب العاصمة التجارية لإسرائيل. وأطلق بعض الصواريخ ايضا باتجاه محطة ديمونا النووية الاسرائيلية على مسافة 80 كيلومترا من غزة لكنها إما تم اعتراضها وإما سقطت في مناطق مفتوحة.
ووسط صيحات الله أكبر هلل الفلسطينيون في غزة في الوقت الذي كانت فيه الصواريخ تمرق في السماء باتجاه إسرائيل في هجمات يمكن أن تمنح حركة حماس الاسلامية دعما شعبيا بعد أن أدى خلافها الحاد مع النظام الجديد في مصر إلى تعميق الأزمة الاقتصادية في القطاع.
وقال نشطاء فلسطينيون إن صواريخ إم-75 طويلة المدى محلية الصنع استهدفت ديمونا وهو موقع صحراوي لمفاعل نووي يفترض على نطاق واسع أن له دورا في تسليح نووي. وقال الجيش الاسرائيلي إن نظام القبة الحديدية أسقط صاروخا في حين لم يسبب آخران اضرارا. ولم يتضح إلى أي مدى اقتربت الصواريخ من بلدة ديمونا أو مفاعلها النووي.
واستهدفت الصواريخ أيضا بلدات قرب مدينة تل ابيب الساحلية وفي الجنوب قرب غزة. وأصاب صاروخ مستوطنة زخرون يعقوب التي تقع على بعد 115 كيلومترا الى الشمال من غزة وهو أبعد مدى تصله الصواريخ منذ أن كثفت إسرائيل هجماتها يوم الثلاثاء.
وقال مسؤولو مستشفيات إن 41 مدنيا على الأقل منهم 12 طفلا كانوا ضمن 47 فلسطينيا قتلوا في يومين من القتال وإن حوالي 300 شخص أصيبوا.
ولم ترد تقارير عن سقوط قتلى اسرائيليين أو حدوث إصابات خطيرة وأشادت التقارير الإخبارية الإسرائيلية بأطقم العسكريين التي تشغل بطاريات نظام القبة الحديدية الذي صنع في إسرائيل ومولته الولايات المتحدة جزئيا ووصفتهم بأنهم ابطال. وقال الجيش إن 48 صاروخا ضربت إسرائيل يوم الأربعاء واعترض نظام القبة الحديدة 14 صاروخا آخر.
ومع سماع دوي الانفجارات بشكل متواتر بفعل الغارات الجوية على غزة بدا شارع التسوق الرئيسي بالمدينة مهجورا الى حد كبير. وتحدث سكان محليون عن مئات من الهجمات يوم الأربعاء.
وقال الجيش الاسرائيلي إنه قصف 550 موقعا لحماس بينها 60 منصة لإطلاق الصواريخ و11 منزلا لأعضاء كبار في الحركة. ووصف تلك المباني بأنها تستخدم كمراكز قيادة.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن 25 منزلا على الأقل إما دمرت وإما أصيبت بأضرار جسيمة وأنها ليست كلها مملوكة لنشطاء.
وبدأ التصعيد الحالي بين إسرائيل ونشطاء غزة -وهو الأخطر من نوعه منذ الحرب التي استمرت ثمانية أيام عام 2012 – قبل ثلاثة اسابيع بعد خطف ثلاثة فتية يهود في الضفة الغربية المحتلة والعثور عليهم مقتولين في وقت لاحق. وفي الاسبوع الماضي خطف فتى فلسطيني وعثر عليه مقتولا في القدس.
وكانت القاهرة قد توسطت في هدنة في الصراع الذي نشب قبل عامين لكن العداء الحالي الذي تضمره الحكومة المصرية تجاه حماس والتي تتهمها بمساعدة المتشددين في سيناء يمكن أن يزيد من صعوبة لعب دور الوسيط. وتنفي حماس هذه الاتهامات.
وأجبرت زخات الصواريخ الفلسطينية الإسرائيليين على الهرب للملاجيء وتقطع محطات الإذاعة البث بصورة متكررة للإعلان عن الأماكن التي تنطلق فيها صفارات الإنذار لكن بورصة تل أبيب لم تتأثر بالأحداث وانهت تعاملاتها على ارتفاع طفيف.
وحذر زعماء إسرائيليون من هجوم طويل واحتمال توغل بري في القطاع الكثيف السكان. ويحظى الزعماء بدعم شعبي واسع فيما يبدو داخل إسرائيل لعملية غزة. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان “قررنا تكثيف الهجمات أكثر على حماس والمنظمات الارهابية في غزة… جيش الدفاع الاسرائيلي مستعد لكل الخيارات. حماس ستدفع ثمنا باهظا لإطلاق الصواريخ على المواطنين الاسرائيليين.”
وكان مجلس الوزراء المصغر قد أقر بالفعل إمكانية تعبئة ما يصل إلى 40 ألف فرد من قوات الاحتياط.
وقال مكتب نتنياهو إنه بحث الوضع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري وإنه سيتحدث الى المزيد من زعماء العالم في وقت لاحق.
وأيدت واشنطن الاعمال الإسرائيلية في غزة في حين دعا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الجانبين إلى ضبط النفس. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقال تنشره صحيفة ألمانية يوم الخميس “في وقت خطير كهذا يجب أن يحمي الجميع الأبرياء ويتصرف بطريقة عقلانية ومحسوبة وليس بطريقة انتقامية وثأرية.”
وبدت الحياة طبيعية بصورة مخادعة في المدن الاسرائيلية حيث ظلت المتاجر مفتوحة والطرق مزدحمة بالسيارت لكن اثيرت تساؤلات بالفعل في البرامح الحوارية الإذاعية عن استراتيجية الخروج والإطار الزمني للهجوم.
وعلى بعد نحو 80 كيلومترا كانت هناك مشاهد خارج المنازل التي اصابتها الضربات الجوية لجيران مذعورين -بينهم امهات يحتضن اطفالا باكين- يهرولون الى الشوارع هربا مما يخشون أن يكون هجوما آخر.
وقال ابو أحمد (65 عاما) وهو يشتري علبة سجائر من أحد المتاجر “انا بخير ما دامت تقصف تل أبيب. أنا بخير.”
وقال وزارة الداخلية الفلسطينية إن قياديا كبيرا في حركة الجهاد الإسلامي وخمسة من أفراد أسرته قتلوا في غارة جوية على منزل بشمال غزة. وقال مسؤولون محليون إن امرأة فلسطينية (80 عاما) قتلت في هجوم إسرائيلي على هدف اخر في وسط غزة.
وقتل رجل في الستين من العمر وابنه ايضا حين أصاب صاروخان منزلهما في بيت حانون في الشمال.وقال سكان إن الغارات الإسرائيلية على منازل النشطاء عادة ما يسبقها إما نيران تحذيرية واما اتصال هاتفي يطلب من السكان ترك المكان وذلك بهدف تجنب وقوع قتلى في صفوف المدنيين. لكن مثل هذا القصف احيانا ما يصيب أو يقتل أشخاصا في منازل مجاورة. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه تحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخصوص أحداث غزة. وأضاف عباس في كلمة في مدينة رام الله بالضفة الغربية “هذه حرب ليست ضد حماس أو ضد فصيل وإنما هي حرب ضد الشعب الفلسطيني.” وقال مكتب عباس في بيان “أكد الرئيس السيسي حرص مصر على سلامة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتجنيب القطاع هذا الهجوم الخطير. “وعد الرئيس السيسي باستمرار بذل الجهود المصرية لوقف إطلاق النار فورا وبأسرع وقت.” لكن إسرائيل تهون على ما يبدو من اي توقعات بتحرك مصري قريب. وعندما سئل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينتز عما اذا كانت مصر ستتحرك لتهدئة الموقف قال لراديو إسرائيل “لدينا قدر من التعاون أو الحوار مع مصر لن أسهب بشأنه. ليس كبيرا جدا.” وفي الضفة الغربية رشق نحو 400 شاب فلسطيني يهتفون تأييدا للجناح العسكري لحماس نقطة تفتيش تابعة للجيش الإسرائيلي بالحجارة ورد الجنود بالغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية. وتتهم إسرائيل حماس بقتل الفتية الثلاثة الذين اختفوا في الضفة الغربية في 12 يونيو حزيران. ولم تؤكد حماس او تنف مسؤوليتها عن الحادث. وانطلقت الهجمات الصاروخية من غزة بعد أن القت إسرائيل القبض على مئات من نشطاء حماس في مداهمات في الضفة الغربية بحثا عن الفتية المخطوفين الذي عثر على جثثهم الأسبوع الماضي. وخطف فتي فلسطيني وقتل في القدس يوم الأربعاء الماضي فيما يشتبه انه هجوم انتقامي. وهدد الجناح العسكري لحماس برد “مزلزل” على الهجمات الإسرائيلية لكن مصدرا فلسطينيا مقربا من الجماعة قال إنها مستعدة لاعادة الهدوء إذا التزمت إسرائيل بتهدئة تم التوصل لها بوساطة مصر عام 2012 واطلقت سراح سجناء اعتقلتهم في الضفة الغربية الشهر الماضي