جهاديات أميركيات في مينيابوليس
تحقق السلطات الأميركية في ظاهرة جديدة، تتمثّل في التحاق نساء من قلب الولايات المتحدة بتنظيم الدولة الاسلامية في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس باراك أوباما لقطع خطوط التجنيد للمتشددين الاسلاميين في البلاد.
وقال عبدالرزاق بيهي، وهو من زعماء الجالية الصومالية، إن ثلاث أسر صومالية، على الأقل، في منطقة “مينيابوليس – سانت بول”، شكت من اختفاء فتيات في الأسابيع الستة الماضية، وأنهن ربما حاولن الانضمام إلى “الدولة الإسلامية”.
وقال إنه في حين بدت أسباب اختفاء الفتيات “غير واضحة”، فقد طلب من الأسر إبلاغ الشرطة.
وفي حالة أخرى، هربت فتاة أميركية من أصل صومالي، عمرها 19 عاماً، من سانت بول، من والديها في 25 آب (أغسطس)، وقالت إنها ذاهبة إلى حفل لدى صديقة مقبلة على الزواج. وبدلاً من ذلك طارت إلى تركيا، وانضمت لـ”الدولة الإسلامية” في سورية.
وتُعدّ هذه المنطقة في مينيسوتا، موطناً لأكبر جالية صومالية في الولايات المتحدة، وشهدت عمليات تجنيد لجماعات إرهابية، منذ بدأت “حركة الشباب” في ضمّ مجندين في أمريكا، عام 2007.
ويقول مسؤولون إنهم علموا في العام الحالي بوجود ما بين 15 و20 رجلاً، لهم صلات بجالية مينيسوتا الصومالية، يقاتلون مع جماعات متطرفة في سورية، ومن هؤلاء دوغلاس ماكوثر ماكين، الذي أسلم وقُتل في معركة، هذا الصيف.
وكانت فتاة سانت بول، أول حالة تنضم فيها فتاة إلى التنظيم، يُعلن عنها، رغم أن أسرتها طلبت عدم نشر اسمها، خوفاً من انتقام الإسلاميين.
وقال جريج بوساليس، مستشار مكتب التحقيق الاتحادي في مينيابوليس، إن “سلطات إنفاذ القانون تحقق في احتمال قيام متطرفين إسلاميين بتجنيد فتيات أخريات في المنطقة، بالإضافة إلى رجال، لكنه امتنع عن التعقيب على حالات بعينها”.
وقال: “نبحث احتمال سفر رجال ونساء آخرين”.
وقال زعماء الجالية الصومالية، ومصادر قريبة الصلة في الشرطة، إنهم يخشون أن تمثّل التقارير عن الفتيات الجهاديات من المنطقة اتجاهاً جديداً.
وقالوا إن “من المُرجّح أن تكون فتاة سانت بول قد تم تجنيدها على أيدي متعاطفين إسلاميين في الولايات المتحدة، ولم تنضم للتنظيم من تلقاء نفسها”.
وتحوم شبهات حول إمرأة أخرى، على الأقل، من المُحتمل أن تكون قد ساعدتها على مغادرة الولايات المتحدة.
وفي الأسبوع الماضي، اعترفت الأمريكية شانون كونلي (19 عاماً)، التي تعمل مساعدة ممرضة، وهي من كولورادو، بمحاولة السفر إلى الشرق الأوسط للانضمام لتنظيم “الدولة الإسلامية”. وتم احتجازها في مطار دنفر الدولي، في نيسان (أبريل)، ومعها تذكرة ذهاب فقط، واتضح أن متشدداً في سورية قام بتجنيدها عبر الإنترنت.
وتمثّل محاولات وأد التطرف المحلي في مهده، قبل أن يحاول الأميركيون الانضمام لجماعات إرهابية، جزءاً من استراتيجية الرئيس أوباما للتصدي لـ”الدولة الإسلامية”، التي أعلنها في خطاب الأسبوع الماضي.
وإضافة إلى حملة القصف الجوي في العراق وسورية، تعهّد أوباما بعدم تدخّل الحكومة مع أفراد، “قبل أن يتشددوا ويتحولوا إلى العنف، ويتخذوا قرار السفر إلى سوريا والعراق للانضمام للتنظيم”.
وقال إن السلطات ستوفر “برامج مصممة محلياً لمنع التطرف العنيف والتشدد”، إلا إنه لم يذكر المزيد من التفاصيل.
وكانت الصومالية من سانت بول، التي سافرت إلى سورية، تتردد على مسجد قرب الضفة الشرقية لنهر المسيسيبي، الذي جذب من قبل من يُشتبه أنهم من المتطرفين. وفي حزيران (يونيو) منع المسجد رجلاً يحمل الجنسيتين المصرية والأميركية من دخوله، قائلاً إنه ينشر فكراً متشدداً.
وقالت الصومالية لأحد أقاربها، بعد مغادرة الولايات المتحدة، إنها تريد أن تساعد الأطفال في المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية.
وقال بيهي، عن المرأة من سانت بول، التي ذكر أنه جرى تجنيدها “طبيعة تجنيد هذه التنظيمات المخبولة تتمثل في طريقة استخدام عنصر المفاجأة. الآن فاجأتنا من جديد بتجنيد فتيات”.
وقُتل شاب من أقارب بيهي، في الصومال عام 2009، بعد أن جرى اقناعه بالانضمام إلى “حركة الشباب”، في مينيسوتا.
مصانع للأطفال
وفي الوقت الذي تتصور فيه أجنبيات تنخرطن في تنظيم “الدولة الإسلامية” إنهن تشاركن في الجهاد، أو على الأقل تلعبن دوراً نشطاً في تأسيس دولة إسلامية، إلا أن الواقع يمكن أن يكون أكثر دنيوية.
وتقول ميا بلوم، من مركز أبحاث الإرهاب والأمن في جامعة “ماساتشوستس لويل”، إن “مراقبة حسابات المتطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها، تشير إلى أن الجهاديين من الرجال لا ينظرون إلى النساء إلا زوجات”.
وأضافت: “يجند تنظيم “الدولة الإسلامية” هؤلاء النساء لكي يصبحن مصنعاً للأطفال. يسعى لإقامة دولة إسلامية، وهو بحاجة الآن إلى تأهيلها بالسكان”.
وارتبطت كونلي من دنفر بأحد المتشددين من تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية، والذي تعرّفت عليه عبر الإنترنت.
وقالت بلوم إن “الجماعات الجهادية مثل تنظيم “القاعدة”، وتنظيم “الدولة الإسلامية”، لا ينشر النساء عادة على خط المواجهة، إلا في حالات الطوارئ”.
وجرى نشر بعض الفتيات الأجنبيات في نقاط التفتيش التابعة لـ”الدولة الإسلامية” في شمال سورية، لتفتيش النساء بحثاً عن أسلحة، وإجبار السكان من النساء على الالتزام بالزي الإسلامي.
ولكن بلوم قالت إن “بعض الصور للجهاديين من النساء اللائي يقمن في سورية، كثيراً ما توضح الفتيات وهن يقمن بإعداد البسكويت”.
وما يثير قلق سلطات إنفاذ القانون هو أن المتشددين الأميركيين سيعودون في يوم ما إلى الولايات المتحدة، ويهاجمون أهدافاً.
وقال بوساليس: “الخوف أن يعود هؤلاء الأفراد، ويقومون بعمل إرهابي هنا”.
ويعمل مكتب التحقيقات الاتحادي مع الجالية الصومالية في مينيسوتا، لمساعدتها في محاربة الإسلاميين المتشددين.