حاول أنقاذ شقيقته «نورا» من أيدي الجهاديين
جاب فؤاد سائق الشاحنة الفرنسي الجنسية والمغربي الأصل سوريا بمفرده لإنقاذ شقيقته نورا ذات الخمسة عشر ربيعاً من أيدي جماعة إسلامية.
وقال فؤاد البالغ من العمر 37 عاماً: “عندما رأتني أدخل الغرفة (مكان الإحتجاز) لم تستطع أن تتوقف عن البكاء والتشبث بي.عندما طلبت منه المجيء معي صرخت قائلة: لا أقدر”.
وأضاف: “قبل سفرها إلى سوريا في شهر كانون الثاني/يناير، كانت أختي طالبة مجتهدة في المرحلة الثانوية وشديدة التأثر وتحب أفلام “ديزني”، لكن لديها شخصية مزدوجة، إذ كانت تملك هاتف محمول وحسابين على “فايسبوك”. في المقابل، كان لديها ملابس اسلامية احتفظت بها سراً ولم تخبر عنها أسرتها.
وعندما دخلت على حسابها الثاني عالى “فايسبوك”، كان مليئاً بدعوات للجهاد وصور لجثث ممزقة الأوصال لأطفال سوريين. وبعد ثلاثة أيام وصلتنا رسالة منها تقول فيها إنها “في حلب وسعيدة” وكأنها في “عالم ديزني”.
وأخذته محاولة أعادتها للبيت إلى حدود تركيا مع سوريا، حيث تسلمه متشددون اسلاميون ونقلوه في سيارة إلى مدينة ( رفض ذكر اسمها)، مليئة بالأجانب ولكل جنسية متاجرها الخاصة بما في ذلك منطقة كل من فيها يتحدث باللغة الفرنسية”.
وتعيش شقيقته الآن مع المساعد المقرب من أمير الجماعة وتتولى رعاية أطفال الجهاديين في النهار. وفي وقت سابق هربت من زيجة قسرية رتبها فرنسي من الذين يتولون جلب المجندين الى الجماعات الاسلامية وعاد هذا الرجل الآن إلى فرنسا حيث تحتجزه السلطات.
وقال فؤاد إن شقيقته ذكرت أن هذا الرجل مسؤول التجنيد فرنسي من أصل مغربي وعضو سابق في جبهة النصرة عاد إلى فرنسا في ايلول/سبتمبر الماضي وبدأ التحقيق رسمياً معه في عدة اتهامات تتصل كلها بالارهاب.
وتابع: “إن نورا أبلغته أن أول محطة عند مجيئها إلى سوريا كانت في حلب”، ممتعناً عن ذكر موقع احتجازها لأنّ الشرطة الفرنسية طلبت منه ذلك.
وكانت تطلب دائما من أسرتها إنقاذها، واصفة الجماعة بـ” الكاذبين و المنافقين”، لكنّ أمير الجماعة حذرها وطلب منها البقاء.
وفي كثير من الأحيان تقع الفتيات الغربيات في سن المراهقة في فخّ نساء أكبر سناً مكلفات بتجنيد الفتيات كثيرات منهن يعشن في أوروبا ويستخدمن وسائل التواصل الاجتماعي والهاتف والتظاهر بالصداقة لاقناعهن بالعمل الخيري في مناطق الحرب.
في المقابل، يتمّ اقناع الفتيات المسلمات بالقول لهنّ أنّ هذا العمل هو “جهاداً في سبيل الله”.
وأعطى مقطع فيديو سجلته إمرأة سرا في مدينة الرقة السورية الخاضعة لسيطرة “الدولة الاسلامية”(داعش) وأذاعته الشهر الماضي قناة “فرانس 2 التلفزيونية” لمحة عن واقع هؤلاء الفتيات،إذ ظهر فيه إستدعاء لشرطة “داعش” لأنّ إحدى البنات لم ترتدي النقاب كما يجب.
ورغم أن النساء لا يشاركن في القتال وإن كن يشكلن بعض وحدات الشرطة فإن بيوتهن تكون قريبة من مناطق القتال وعرضة لقصف طائرات قوات التحالف. ومن تندم على مجيئها ليس أمامها أمل يذكر في الهرب.
وقال مسؤولون و خبراء أوروبين في الإرهاب إنّ “نسبة الفتيات نحو عشرة في المئة من مجموع المسافرين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الإسلاميين”. وقالت المسؤولة في وحدة فرنسا دنيا بوزار والّتي تعمل على اقناع الفتيات بعدم السفر، إنّ “جميع الفتيات اللاواتي سافروا من فرنسا لإلى تلك البلاد توفّين”. وتابعت بوزار التي تتابع 130 أسرة: ” يقلقني اتجاه الأطفال إلى التشدد الديني وأنّ احتمال عودة شابة من أيدي “داعش” أو غيرها من الجماعات الاسلامية يكاد يكون مستحيلاً”.
في المقابل، قالت سيفيرين ميهولت التي اختفت ابنتها سارة من بيتها في جنوب فرنسا قبل ستة أشهر إنها “تعتقد أن ابنتها ذات السبعة عشر عاما تعيش في ظل رقابة لصيقة”.
وأضافت أنه “عندما نتحدث سوياً تؤكد لي دائماً أنها بخير، لكنني على يقيين أن أحداً ما يراقب المكالمة ويجبرها على ترديد الكلام “.
وفي حين ركزت الحكومات الغربية على الشبان الذين سافروا إلى سوريا والعراق من أجل “الجهاد” بدأ المسؤولون الأمنيون في أوروبا يبدون انزعاجهم لسفر عدد من الفتيات إلى هناك.
وقال المسؤولون الأمنيون وخبراء التشدد إن “كثيراً من النساء اللاتي يتجهن للتشدد ينحدرن من بيوت مسلمة باعتدال. لكن بعض المتطوعات من أسر ملحدة أو كاثوليكية أو يهودية منها الغني والفقير ومنها من نشأ في المدن ومن نشأ في الريف”.
وقال رئيس الاستخبارات الداخلية الالمانية هانز جورج ماسن في جلسة أخيراً في البرلمان “رومانسية الجهاد واضحة جدا في الدعاية وتستخدمها النساء لتجنيد أخريات”، مضيفاً إنّ “توجد مشاعر حقيقية عارمة تجاه حركات السلفية الالمانية في الوقت الحالي والناس يريدون الإنضمام لهذه الدولة”.
وقال إن “عشرة في المئة من بين 400 شخص سافروا من ألمانيا إلى سوريا من النساء. ويقدر المسؤولون الفرنسيون أن نحو ألف شخص سافروا إلى سوريا من بينهم 60 إمرأة”.
وقال خبير الارهاب في كلية “الدفاع الوطني” في السويد، ماجنوس رانستورب إن “عدد الجهاديين الذين سافروا من السويد يبلغ 85 من بينهم من 15 إلى 20 إمرأة”، مضيفةً “إن النساء يردن أن يتزوجن شهداء، فكرة الجنة والحياة الأخرى تستحوذ عليهن وهو ما يجعل الأمر أشبه بعقيدة الموت لأنّه أهم من الحياة”.