النووي الإيراني: على بعد نصف خطوة من الاتفاق
دخلت المحادثات بين ايران والقوى الكبرى الاربعاء في التفاصيل، في اليوم الثاني من اجتماع الفرصة الاخيرة في فيينا بغية التوصل الى اتفاق تاريخي حول البرنامج النووي الايراني، في حين اعلنت بريطانيا عدم تفاؤلها بالتوصل الى هذا الاتفاق.
والتقى المفاوضون الاربعاء مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي السابقة كاثرين اشتون التي لا تزال مسؤولة عن الملف النووي الايراني. كما جرت لقاءات ثنائية بين الاميركيين والايرانيين في فيينا.
وامام المفاوضين مهلة تنتهي في الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر للتوصل الى اتفاق.
وقال الرئيس الايراني حسن روحاني في تصريح من طهران “في حال اظهر الطرف الثاني ارادة سياسية بالتوصل الى اتفاق ولا يقدم طلبات مبالغ فيها، فان الشروط للتوصل الى اتفاق متوفرة”.
من جهته اعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند من لندن ان بريطانيا “غير متفائلة” ازاء امكانية التوصل الى اتفاق.
وقال الوزير البريطاني اثر لقاء مع نظيره اللاتفي ادغارز رينكفيتش “انا غير متفائل بامكانية الانتهاء الاثنين، الا انني اعتقد انه في حال تمكنا من انجاز بعض الخطوات الاساسية، قد نجد السبيل لارجاء هذا التاريخ المحدد للتوصل الى اتفاق نهائي، في حال انجزنا تقدما في الاتجاه الصحيح”.
واضاف هاموند “نريد بقوة ان نتوصل الى ابرام اتفاق مع ايران، لكننا لا نريد اتفاقا سيئا. من الافضل عدم التوصل الى اتفاق من التوصل الى اتفاق سيء. الاتفاق الجيد مع ايران سيعطينا الضمانة بان برنامج ايران موجه فقط للاستخدام النووي المدني وليس له بعد عسكري وبان القدرة على التخصيب لدى ايران محددة بمستوى لا يمثل تهديدا على الصعيد العسكري”.
وقال ايضا “سيتطلب الامر مرونة كبيرة من جانب المفاوضين الايرانيين في الايام الاربعة او الخمسة المقبلة للتوصل الى هذا التفاهم”.
من جهتها اكدت وزارة الخارجية الاميركية مساء الاربعاء ان واشنطن تبقى متمسكة بموعد الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي للتوصل الى اتفاق مع ايران.
والخلاف على الملف النووي الايراني تسبب بتوترات ذهبت الى حد توجيه تهديدات بالحرب يغذيها خصوصا خوف تثيره ايران نووية لاسرائيل والدول العربية الخليجية.
وترغب ايران في رفع العقوبات الشديدة التي تخنق اقتصادها فيما تطالب الدول الكبرى بان تحد طهران قدراتها النووية بشكل يجعل الخيار العسكري امرا مستحيلا.
والمفاوضات بالغة التعقيد ما يثير شكوكا حول نتيجتها بعد سنة من الحوار المكثف.
وقال المفاوض الروسي سيرغي ريابكوف ليل الثلاثاء الاربعاء ان كل شيء رهن “بقرارات سياسية” من جانب كل الاطراف.
ونقلت وكالة ريا نوفوستي عنه قوله “نحن على بعد خطوة او حتى نصف خطوة من تسوية”.
ولدى وصوله الى العاصمة النمسوية، وعد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ب”بذل جهود حتى اليوم الاخير”، واعتبر التوصل الى اتفاق امرا “ممكنا” لكنه حذر محادثيه من طرح “مطالب مبالغ فيها”.
ودعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري من جانبه طهران الى بذل “كل الجهود الممكنة”.
وقد قرر وزير الخارجية الاميركي تأجيل توجهه الى فيينا حيث كان ينتظر وصوله في منتصف الاسبوع على غرار الوزراء الاخرين في مجموعة خمسة زائد واحد بعد الاجتماعات الاولى التي عقدها الدبلوماسيون تحت اشراف وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبية السابقة كاثرين اشتون التي احتفظت بالمسؤولية عن هذا الملف.
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي “انه سيبقى في لندن الاربعاء لمتابعة المشاورات مع فريق المفاوضين” في فيينا ومع الادارة في واشنطن، بحسب ما اعلنت المتحدثة باسم وزارته جنيفر بساكي في بيان.
واضافت ان كيري “سيتوجه صباح الخميس الى باريس لاجراء اجتماعات منفصلة مع وزير الخارجية السعودي (الامير سعود الفيصل) ووزير الخارجية الفرنسي (لوران) فابيوس تتعلق بالمفاوضات حول الملف النووي الايراني”. وخلصت الى القول “انه سيتوجه الى فيينا في وقت لاحق هذا الاسبوع لكننا لم نحدد بعد التاريخ” بدون مزيد من التوضيحات.
وقد اتسمت التصريحات في الايام الاخيرة بالحذر من جانب كل الاطراف. وقال مصدر اميركي “ما زال هناك هوة يجب ردمها ولا نعلم بعد ان كنا سنتمكن من تحقيق ذلك”.
ومن المفترض ان يبت المفاوضون مسالة قدرات تخصيب اليورانيوم التي يمكن ان تحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق. علما بان طهران تستخدم الافا من اجهزة الطرد المركزي القادرة على انتاج المادة الاولى لصنع القنبلة الذرية.
وشدد مصدر غربي اخر على ان ايران “يجب ان توافق على تقليص القدرات الحالية بشكل كبير” على ان تستفيد بعد ذلك من “تعاون حول النووي المدني”.
كذلك فان مفاعل المياه الثقيلة في اراك وهو منشأة يمكن ان تنتج البلوتونيوم -وهي مادة اخرى يمكن استخدامها لصنع السلاح النووي- يعتبر من المسائل الاخرى المطروحة للمناقشة، الى جانب نظام التفتيش المفترض ان تقوم به الامم المتحدة وتخضع له ايران بعد التوصل الى اتفاق، وكذلك وتيرة رفع العقوبات.
وحول هذه النقطة الاخيرة اخذ مصدر غربي على ايران انها “تريد كل شيء على الفور، وهذا امر غير واقعي”.
ومن شأن اي اتفاق محتمل ان يفتح الطريق امام تطبيع العلاقات بين ايران والغرب وامام امكانية التعاون خاصة مع واشنطن لمواجهة الازمات في العراق وسوريا.
ويعتبر محللون انه سيخفف ايضا من خطر الانتشار النووي في منطقة الشرق الاوسط. حتى ان اخرين يعتقدون انه في حال اعادة اندماج ايران في اللعبة الدولية فذلك سيزيد من قلق جيرانها.
الى ذلك سيسمح التوصل الى اتفاق ايضا لايران باعادة اطلاق اقتصادها واستعادة مكانتها الكاملة في مصاف ابرز المنتجين للنفط في العالم.
والرهان هام للغاية لدرجة دفعت واشنطن وموسكو الى طرح خلافاتهما حول النزاع الاوكراني جانبا للعمل على هذا الملف.
لكن عددا من المراقبين لا يتوقعون التوصل الى اتفاق نهائي في المهلة المحددة في الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر. بل هم يرون ان الاكثر ترجيحا ان تتوصل ايران ومجموعة الدول الست الى “اتفاق مرحلي” يسمح بتمديد المحادثات كما حصل في تموز/يوليو الماضي.
لكن هذه الصيغة ستكون محفوفة بمخاطر جمة وستطلق العنان لانتقادات الصقور لدى كل من الطرفين.
وقال المحلل كيلسي دافنبورت من مؤسسة مراقبة الاسلحة انه “سيكون امرا لا معنى له تفويت هذه الفرصة التاريخية” في التوصل الى اتفاق، “نظرا الى كل الرأسمال السياسي المستثمر” من جانب كل الاطراف في المفاوضات.