السعودية: إعفاء وتعيين يدخل آلية جديدة على ولايات العهد
عين الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية يوم الاربعاء ابن شقيقه الامير محمد بن نايف وزير الداخلية وليا للعهد كما عين ابنه الامير محمد بن سلمان وليا لولي العهد وأبقاه وزيرا للدفاع في تعديل واسع النطاق في النخبة الحاكمة في المملكة في أوقات اضطراب تكاد تكون غير مسبوقة في المنطقة.
وبتعيينه الامير محمد بن نايف (55 عاما) وليا للعهد والامير محمد بن سلمان وليا لولي العهد (30 عاما) حدد العاهل السعودي مسار ولاية العرش في المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم لعقود قادمة وعزز فرع أسرته في الحكم.
وقال التلفزيون السعودي فجر الاربعاء ان الملك سلمان أعفى أخاه غير الشقيق الامير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس الوزراء.
يعني اعفاء الامير مقرن -الأخ الأصغر غير الشقيق للملك سلمان- من ولاية العهد ان العاهل الحالي سيكون آخر ملك من أبناء العاهل الراحل الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة. وجاء الملك سلمان بعد خمسة ملوك من اخوته.
وتعزز هذه الخطوة فرع سلمان في الاسرة الحاكمة. فالابن الوحيد للملك الراحل عبد الله الذي لا يزال يشغل منصبا رفيعا هو الامير متعب وزير الحرس الوطني الذي احتفظ بمنصبه. كما تم استبعاد الأمير أحمد بن عبد العزيز.
ولكن كما تم تغيير ما أقره الملك الراحل عبد الله تبين أنه يمكن تغيير ما عقد عليه الملك سلمان وهذا ما بدخل عنصراً حديداً في تسلسل ولايات العهد.
وقال التلفزيون إن الملك سلمان دعا لمبايعة ولي العهد وولي ولي العهد الجديدين في قصر الحكم يوم الاربعاء بعد صلاة العشاء.
ويعزز التغيير أيضا العلاقات مع الولايات المتحدة. ويقول دبلوماسيون إن الأمير محمد بن نايف الذي يخلف الامير مقرن في منصب ولي العهد يتمتع بعلاقات شخصية خاصة مع المسؤولين الأمريكيين قد تفوق اي فرد آخر في الاسرة الحاكمة. وكان العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله قد اختار الامير مقرن وليا للعهد قبل وفاته في يناير كانون الثاني الماضي.
وفي تغيير كبير آخر أعفى العاهل السعودي وزير الخارجية المخضرم الامير سعود الفيصل من منصبه الذي يشغله منذ اكتوبر تشرين الاول عام 1975 وعين عادل الجبير سفير السعودية لدى الولايات المتحدة وزيرا للخارجية وهو أول شخص من خارج الأسرة الحاكمة يشغل هذا المنصب.
وفي مرسوم نشرته وسائل الاعلام الرسمية قال الملك سلمان انه يسير على خطى سلفه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في اختيار المرشحين الأنسب لشغل المناصب العليا في المملكة.
وقال الملك سلمان في المرسوم الذي نقلته وكالات الاعلام الرسمية ان قرار اعفاء أخيه غير الشقيق وتعيين الامير محمد بن نايف خلفه وليا للعهد وتعيين ابنه وليا لولي العهد جاء بموافقة غالبية اعضاء هيئة البيعة.
وعين الملك سلمان -الذي تولى عرش السعودية عقب وفاة الملك عبد الله في 23 يناير كانون الثاني- وزير العمل السابق عادل الفقيه في منصب وزير الاقتصاد ومفرج الحقباني وزيرا جديدا للعمل.
وعين ايضا حمد السويلم رئيسا للديوان الملكي ليحل محل الامير محمد بن سلمان بينما عين خالد الفالح وزيرا للصحة ورئيسا لمجلس ادارة شركة ارامكو السعودية.
وولي العهد الجديد يشغل منصب وزير الداخلية منذ عام 2012 وقاد قوات الامن في المملكة لعشر سنوات قبل ذلك وهي فترة قمع خلالها حملة لتنظيم القاعدة في السعودية وعزز الروابط مع الولايات المتحدة.
والامير محمد بن نايف شخصية معروفة في الداخل وفي الغرب لدوره في القضاء على حملة القاعدة وقيادة السياسة السعودية في سوريا لكن الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد الجديد فهو نسبيا أقل شهرة وقد صعد نجمه بسرعة بين نخبة الاسرة الحاكمة.
وقبل أربعة أشهر وستة أيام فقط كان يتولى رئاسة ديوان والده ولم يكن معروفا على نطاق واسع في الداخل وعلاقاته محدودة نسبيا مع شركاء المملكة في الخارج.
ومنذ ذلك الحين أصبح بعد تعيينه وزيرا للدفاع أبرز وجه في حملة الرياض هذا الشهر في اليمن وتكاد صورته لا تختفي من شاشات التلفزيون او لافتات الشوارع ورسخ وضعه كشخصية محورية بعد ان أصبح الثالث في ولاية العرش في المملكة.
وتجيء هذه التغييرات الواسعة النطاق في وقت اضطرابات غير مسبوقة تشهدها المنطقة بينما تحاول السعودية اجتياز المشهد الفوضوي الذي أعقب انتفاضات الربيع العربي وتخلت عن عقود من الدبلوماسية الهادئة بقيادتها الحملة العسكرية في اليمن.
والتحرك الجديد في اليمن الذي يربط كثيرون بينه وبين الاميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان يراه كثير من المحللين انعكاسا لنهج أكثر قوة للسياسة الخارجية السعودية تحت قيادة الملك سلمان وفريقه.
وجاء ذلك بعد عشر سنوات يرى كثير من السعوديين انها شهدت تصاعدا لنفوذ ايران في الشرق الاوسط وميلا مطردا من جانب واشنطن شريكة الرياض الرئيسية لعدم التدخل.
وامتدح مسؤولون امريكيون في أحاديثهم الخاصة التي سربها موقع ويكيليكس الامير محمد بن نايف لدوره في القضاء على جناح القاعدة في المملكة قبل عشر سنوات والعمل معهم ضد المتشددين في اليمن وأماكن أخرى.