هل تسقط حلب في يد المعارضة أم … داعش (تحليل)
يقول معارضون سوريون انهم بدأوا حملة لتحقيق السيطرة الكاملة على مدينة حلب المقسمة وهي اكثر المدن السورية تعدادا للسكان قبل ان تصبح ميدانا رئيسيا في الحرب الأهلية المستمرة منذ أربع سنوات.
ولم يتمكن أي جانب من السيطرة على المركز التجاري الرئيسي لسوريا الذي يبعد 50 كيلومترا عن تركيا منذ اندلاع معركة هناك في عام 2012 حولت مركزها التاريخي المدرج في قائمة مواقع التراث لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الى خراب.
واحتمال شن هجوم من جانب المعارضة في المدينة مؤشر واضح على تغير في قوة الدفع في غير مصلحة حكومة الرئيس بشار الأسد التي خسرت مساحات من الأرض لصالح مقاتلي المعارضة في الشهور الاخيرة في شمال غرب البلاد وفي الشرق والجنوب.
ومنذ أربعة أشهر فقط كان الجيش والميليشيات المتحالفة معه يشنون هجوما كبيرا على مناطق تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب. والآن يزعم المعارضون ان زمام المبادرة أصبح في أيديهم.
وقال ياسر عبد الرحيم -وهو أحد قادة مقاتلي المعارضة ويوجه غرفة عمليات مشتركة شكلت في ابريل نيسان لاستعادة حلب التي تسيطر عليها الحكومة- انه يمكن القول ان معركة حلب الكبرى بدأت في مراحلها التمهيدية.
وقال عبد الرحيم عضو حركة نور الدين الزنكي المعارضة التي تتلقى دعما أجنبيا ان هناك ضربة نهائية حاسمة ستطرد النظام من حلب وتحرر المدينة بالكامل. وكان يتحدث لقناة تلفزيون حلب اليوم التابعة للمعارضة.
وإذا سقطت المدينة فسيكون ذلك ضربة قوية للأسد ويقلص سيطرته على حزام رئيسي من الأراضي يمتد شمالا من دمشق إلى ساحل البحر المتوسط. وسيعمق هذا تجزئة سوريا الفعلية بين غرب يديره الأسد ومناطق اخرى يسيطر عليها خليط من الجماعات المسلحة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا الذي يرصد الحرب ان المعارضة سيطرت على بعض الأراضي في مناطق تسيطر عليها الحكومة في المدينة وفي مناطق تقع الى الشمال منها.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد “إنهم يحاولون الآن أن يحتشدوا حول حلب ولكن حتى الآن لم يحققوا تقدما كبيرا.”
وحقق تحالف من جماعات المعارضة بينهم أطراف تتلقى مساعدات غربية يقاتلون تحت راية الجيش السوري الحر تقدما صغيرا لكنه ملحوظ في الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة في حلب هذا الاسبوع.
ويقول الجيش انه صد الغزوة في منطقة الراشدين في اول تقدم للمعارضة الى قلب المنطقة السكنية التي تسيطر عليها الحكومة في أكثر من عامين.
وكانت المعارضة تقصف ايضا مناطق تسيطر عليها الحكومة لم تكن اعتادت في السابق على مستوى التدمير الذي لحق بأجزاء تسيطر عليها المعارضة في المدينة.
ويقول المرصد إن أكثر من 30 شخصا قتلوا في قصف للمعارضة هذا الأسبوع في أكثر هجوم منفرد دموية من نوعه هناك منذ بداية الحرب.
ويقول مسؤولون حكوميون انهم مازال لديهم ثقة. وقال مصدر عسكري حكومي ان المعارضين تلقوا في الآونة الأخيرة مدفعية قادرة على تدمير مبان لكن مازال ينقصهم القدرة على “عمل شيء له أهمية استراتيجية في حلب … لأن الجيش مستعد.”
لكن مع خسارة القوات الحكومية والميليشيات التي تقاتل معها أراضي في مناطق اخرى يرى دبلوماسيون ان سقوط حلب احتمال حقيقي. وقال أحدهم انها “لن تكون مفاجأة كبيرة”.
انضمت الولايات المتحدة وحلفاء غربيون وعرب الى الحرب الأهلية المتعددة الأطراف في سوريا العام الماضي بإطلاق حملة ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية أقوى الجماعات الإسلامية السنية التي تقاتل الأسد.
وتعارض واشنطن أيضا حكومة الأسد وتقول إن إستراتيجيتها تقوم على اكتساب المعارضة “المعتدلة” قوة لمحاربة الدولة الإسلامية.
وقال أكبر جنرال أمريكي هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة وحلفاءها يدرسون احتمال ان يقلص الأسد تركيزه قريبا على الدفاع عن مناطق محدودة من البلاد.
ومنذ أواخر مارس اذار فقدت الحكومة سيطرتها على كل محافظة ادلب تقريبا لصالح تحالف معارضين بينهم جبهة النصرة. وفي الجنوب تقدم تحالف المعارضة تحت راية الجيش السوري الحر. وحققت الدولة الاسلامية مكاسب على حساب الاسد واستولت على مدينة تدمر بوسط سوريا.
وقال زعيم جماعة معارضة في الشمال ان ضخ دعم عسكري أجنبي في الشهرين الاخيرين كان مؤشرا على “قرار دولي” بزيادة الضغط على الاسد. وقال القائد الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب الحساسية السياسية للاقرار بمساعدات دولية سرية ان المساعدات الاجنبية أفادت مجموعات المعارضة ومن بينها أحرار الشام الاسلامية المتشددة.
وقال قائد الجماعة المعارضة “النظام منهك. لا يمكنه ان ينهي معاركه سواء مع المعارضة أو مع داعش (الدولة الاسلامية).”
من ناحية اخرى فإن حلفاء الاسد وجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من ايران تساعد الجيش على طرد المعارضة من منطقة الحدود مع لبنان – وهي حيوية لتأمين سيطرة الاسد على المنطقة الغربية.
وكان اندفاع المعارضة في ميدان المعركة أنهى طريقا مسدودا منذ فترة طويلة ويعتقد مسؤولون غربيون ان زيادة الضغط على الاسد سيفتح أخيرا نافذة للدبلوماسية. وفشلت الجهودالسابقة في فتح أي عملية سلام قابلة للتطبيق في حرب قتل فيها ربع مليون شخص ونزح ثمانية ملايين من ديارهم.
ومازالت مصادر قريبة من الاسد ترى انه لا يوجد حل دبلوماسي. Nc مازال هجوم المعارضة في حلب يواجه تحديات. وتتمتع القوات الحكومية بميزة الدعم الجوي. ويمكن ان يرسل الاسد تعزيزات. وتعهدت ايران بتقديم دعم جديد.
وتمثل الدولة الاسلامية مشكلة أيضا لجماعات المعارضة المنافسة. وينتظر مقاتلوها شمال المدينة ويحاولون التقدم على حساب المعارضة الاخرى.
ويقول المعارضون الآخرون ان محاربة الدولة الاسلامية عطلت خطوط امدادهم من تركيا وعرقلت شحنات الوقود مما تسبب في نقص وأبطأ خطط هجومهم على حلب.
وقال قائد المعارضة في الشمال انه واثق تماما من ان القوات الحكومية سيتم صدها في حلب لكنه يخشى أيضا ان تكون الدولة الاسلامية المستفيد الأخير من هزيمة الحكومة.
وقال نوح يونسي كبير المحللين بالمجموعة الدولية للأزمات “يمكن للمرء ان يتخيل بسهولة استغلال داعش لتصعيد المعارضة ضد النظام في حلب بما في ذلك من خلال تصعيد متزامن في هجماتها على المعارضين شمال المدين