دوقة يورك مطلوبة للقضاء التركي
تقدمت تركيا الى الحكومة البريطانية بطلب رسمي لتسليمها دوقة يورك، سارة فيرغسون، ومحاكمتها. وتتلخص الأزمة في فيلم صورته الدوقة سراً عن دور الأيتام الأتراك، وتعتبره أنقرة مسيئا لها. وفي حال تسليمها فهي تواجه امكانية السجن لسنوات طويلة.
وطلبت تركيا، رسمياً، من الحكومة البريطانية ساعدتها في توفير الأدلة التي تؤدي لمحاكمة دوقة يورك على أراضيها وإدانتها على انتهاك قوانين الخصوصية بتصوريها فيلما وثائقيا سريا قبل ثلاث سنوات عن دور الأيتام الحكومية.
وتتهم أنقرة طليقة الأمير أندرو بأنها سعت لـ”تشويه صورة تركيا في أعين العالم بعرضها ظروفا قاسية”، يقول الفيلم إن الأيتام يقاسون منها في تلك الدور. وإذا تم للحكومة التركية مرادها، وتسلمت الدوقة (52 عاما) وحاكمتها حضوريا ومن ثم أدانتها، فستواجه عقوبة بالسجن فترة لا تقل عن سبع سنوات وقد تصل الى أكثر من 22 سنة.
وبسبب النواحي الفنية التي يفرضها القانون، فإن التهمة نفسها تتعلق بخمسة أيتام يقول الادعاء التركي إن الدوقة “انتهكت خصوصيتهم” في دار سراي للأيتام بالقرب من أنقرة. وهي دار تضم أكثر من 700 يتيم، كلهم من المعاقين جسديا و/أو عقليا.
ووفقا للصحف البريطانية التي تناولت النبأ على نطاق واسع، فقد أكدت وزارة الداخلية في لندن أنها تسلمت الطلب التركي في إطار اتفاقية «تبادل العون القانوني» بين البلدين، لكنها رفضت القول ما إن كانت ستستجيب له. على أن المراقبين يقولون إن الأرجح هو أن تمتنع عن تسليم الدوقة لأنقرة على أساس أن التهمة نفسها ليست جريمة يعاقب عليها القانون البريطاني.
ومن جهته، قال الناطق باسم الدوقة، جيمس هندرسون، إنها «لا تحيط علما بالطلب التركي لأن السلطات التركية لم تتصل بها شخصيا. ومن المهم هنا توضيح أن الدوقة كانت وقتها في رحلة إغاثة إنسانية وأن التلفزيون المستقل «آي تي في» هو الذي انتج الفيلم ولذا فهو المسؤول الذي يجب أن تلاحقه السطات التركية». ويذكر أن إدارة هذا التلفزيون أخطرت بالنوايا التركية وهي تتخذ الآن الإجراءات القانونية اللازمة للدفاع عن نفسها.
وتعود القصة الى العام 2008 عندما صاحبت الدوقة وابنتها يوجين (21 عاما) طاقما «سريا» من التلفزيون المستقل، كانت مهمته نقل الأحوال في المؤسسات التركية المعنية بشؤون الأيتام والأطفال بدون ذوي قربى. وفي انقرة غيّرت الدوقة مظهرها الشهير وأبرزه شعرها المحمر، متنكرة بباروكة سوداء وحجاب قبل أن تحصل على إذن بزيارة ملجأ سراي حيث صوّرت فيلمها.
وبث هذا الفيلم في برنامج «تونايت» على قناة التلفزيون المستقل الأولى. وظهر فيه أطفال أتراك معاقون إما مقيدين الى أسرتهم أو مستلقين عليها طوال اليوم بدون أي طعام أو رعاية. وفي أحد المشاهد ظهر طفل يحبو جاهداً على ممر لتلقي أشعة الشمس، لأنه “محروم من الخروج الى الفناء”، كما يقول الفيلم.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام قالت وزيرة المرأة والأسرة التركية، نعمت تشوبوكتشو، إن التلفزيرن البريطاني تعمد بثّ الفيلم في وقت متلازم مع نشر تقرير عن طلب تقدمت به حكومة بلادها في إطار مطلبها الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي. وقالت: «من الواضح أن دوقة يورك رمت الى تشويه صورة بلادنا في ما يتعلق بحقوق الإنسان» (وهي إحدى المجالات التي يشترط الاتحاد الأوروبي على تركيا تحسينها كثيرا قبل النظر في انضمامها الى حظيرته).
وتقول وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية إن مكتب الادعاء التركي رد على بعض ما ورد في الفيلم بالقول إن الأطفال الذين ظهروا فيه «من الصغار المعاقين عقليا ويعانون من الميل الى العنف ولذا يُخشى أن يقوموا بما شأنه إلحاق الأذى بأنفسهم أو بمن حولهم ولذا توجب تقييد حركتهم».
ويظهر جزء من الفيلم الأميرة يوجين متأثرة الى حد البكاء وهي تشاهد الأحوال في ملجأ يضم 60 طفلا تخلى عنهم آباؤهم بسبب إعاقاتهم العقلية العميقة. وقالت: «كل شيء هنا يغضبني بشكل يتعذر وصفه. من الصعب تصور مكان كهذا في جزء من المدينة يفترض أن يكون قبلة للسياح. عيناي صارتا مفتوحتين على حقائق قبيحة في هذا العالم».
ووقتها، أصرت دوقة يورك على أن الفيلم، وهو بعنوان، «دوقة وبناتها: المهمة السريّة»، خال من الغرض السياسي. لكن إحدى برقيات الدبلوماسيين الأميركيين المسرّبة على موقع «ويكيليكس» تكشف أن وزير الخارجية البريطاني وقتها، ديفيد ميليباند، تبرأ من الدوقة لنظيره التركي قائلا إن «من المستحيل السيطرة عليها».
ويذكر أن الدوقة تصدرت عناوين الأخبار الرئيسية بطلة لعدد من الفضائح آخرها وقوعها فريسة لصحيفة «نيوز اوف ذي ويرلد» المغلقة الآن. وقد صُورت سرا في مايو/ ايار 2010 وهي تقبل من مخبر صحافي من الجريدة- ادعى أنه رجل أعمال- رشوة تبلغ نصف المليون جنيه لقاء أن تسهّل عليه لقاء بطليقها الأمير أندرو الذي كان وقتها سفير بريطانيا التجاري الى العالم.