حقوق المرأة في الإسلام
سلوى فاضل
الله تعالى يقول انه يحاسبنا جميعا نساء ورجالا سواسيّة كأسنان المشط، لذا على من يقول ان النساء أقل من الرجال عليه ان يقبل بمحاسبة النساء أقل لأنهن أدنى مرتبة بالنسبة الى خالقهن؟ فما تعليقكم يا رجال الدين “مفسري الأحاديث” الذين تحملون في ألقابكم تمييزا إضافيا تجاهنا نحن النساء، بمخالفتكم لإرادة الله؟
يحتاج الحق دوما الى شجعان وشجاعات. ومناسبة هذا الكلام هو قانون الأحوال الشخصيّة لدى المسلمين عامة الذي يسير وفق أقوال النبي محمد لدى السنّة، ووفق أحاديث منقولة عن الأئمة الاثني عشر لدى الشيعة.
ومن هذه الأحاديث حديث ورد في الصحيحين عن الرسول نقله أبو سعيد الخدري، ولدى الشيعة قول للإمام علي. يقول هذا الحديث: “معَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ، نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ، نَوَاقِصُ الْعُقُولِ”. ونقول لو صح هذا الحديث الذي ينسبه السنّة للرسول والشيعة للإمام علي لكان ثمة تناقض في الفكر الإسلامي، هذا التناقض يُبعد العقلاء عن الإسلام إلا من توارثَ الدين عن أهله كما نتوارث العادات والتقاليد كما هو حال مليار مسلم في العالم.
مثال عندما تتخلى المرأة عن أولادها، يساءلها الجميع عن عاطفتها، يؤكد عليها الطبيّن النفسي والعقلي ويمدحها المجتمع والأهل، ويُشيد بها الجميع خاصة ان ثمة حديث إسلامي مميز هو “الجنة تحت أقدام الأمهات”، وإن كانت هذه الأمهات غير مؤديات لواجباتهن العاطفيّة. فما هو الحلّ لهذا التناقض في مسألة العاطفة؟
ثانيا، في مسألة الإرث يريد الإسلام من وراء توريث الرجل ضعفي ما ترث المرأة لأجل تمكينه في بعض المواقع، تعويضا عن خساراته على الأرض وفي الجنة، وليس لكونه يبذل على ذويه من المال الكثير كما يفسرون، والأدلة الواقعية تؤكد ان المرأة في جميع حالاتها سواء أكانت فتاة أم أخت أم ابنة، فهي الأكثر إهتماما بأهلها في جميع الوجوه.
والواقع يكذّب الغطّاس كما يقال. من هنا جاءت إرادة الله بقيمومة الرجل على المرأة جنسيا فقط، من أجل سيطرته وعدم ضياع السلطة من يده، في زمن بات المال متوفرا لدى الطرفين بشكل شبه متساو. ولأن مجرد إستغناء المرأة عن الرجل في هذه الحالات فإنه ينتقل الى مجرد وسيلة للإنجاب ليس إلا. فحرمانه من الجنّة عوّضه له بالعامل الإقتصادي على الأرض.
وفيما يخص مسألة الشهادة من قبل إثنتين مقابل واحد، فتعود الى صعوبة إيجاد رجل صادق. فاشترط الله تعالى إيجاد إمرأتين تؤكدان قوله أو تنفياه، ولأنهما لن تتفقا على الشهادة الزور مثله.
ومسألة تفسير القول بأن الواحدة قد تغلبها العاطفة، فتذكّرها الأخرى تتناقض مع قرار المحاكم فيما يتعلق بالحضانة، خاصة لدى الطوائف الشيعية التي تسلب الطفل من حضن أمه في عمر صغير جدا، وتجعل الوصيّ والوليّ في حال غياب الأب هو جده أو عمه، متناسيّة هذه العاطفة التي يمدحونها في أماكن ومواقع أخرى كالشهادتين.
ففي حملة لـ “جمعية كفى”هذا العام تميّزت بالتدليل على مواقع الخلل في كل محكمة سواء الروحيّة أو الشرعيّة في لبنان، نرى ان كل امرأة عانت جرّاء بعض منها كـ”بيت الطاعة” و”النشوز” و”الحضانة” و”الطلاق الغيابيّ” و”الطلاق الرجعيّ”، تفهمها تماما.
وما يؤخر عمليات التغيير في هذا الإطار ليس فقط المجلس النيابي اللبناني الذي يتباطئ في عملية تغيير القانون، في المادة التاسعة منه، والتي تنص صراحةً على أن الدولة “تضمن للأهلين على إختلاف مللهم إحترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية”، بل النساء اللواتي لا يتحرّكن الا في حال وقعن في براثن القوانين الجائرة هذه، وفي حال دخولهن المحاكم، والتعرّض للظلم شخصيّا، والأمر يصبح عسيرا خاصة عندما نعلم ان عدد الذكور في لبنان هو 48% مقابل 52 % من الإناث من أصل أربعة ملايين نسمة.
فهل سننتظر جراء ذلك مئات السنين؟ أم ان الواقع يفرض أن نطل على هذه القوانين، ونطالب بتغييرها لمنع التدهور الإجتماعي من أن يبلغ مثواه الأخير.
الحملة الجديدة والمميزة هذه تضرب بقوة هذه المرة من خلال الدخول الى مكامن الوجع، لتُضيء عليها حيث رفعت الصوت فلجأت الى الجرح لتعالجه، وتوجهت الى التي تعاني، أي الى المريض الذي عليه ان يقويّ نفسه فلا يتكل على الطبيب، فالغابة كبيرة، والجميع ضاعوا داخلها، ولابد من ان ننقذ أنفسنا ومجتمعنا. رغم ان المشرط مؤلم، لكنه يشفي بعد إستخراج القيح.
فالخمس عشرة محكمة روحية تقول للمرأة المُعنّفة التي تخرج من منزلها أنت “ناشز”. هذه الكلمة لوحدها تحرم الأم من أطفالها، ومن نفقتهم؟ فأي قوانين روحيّة هذه؟.
وقد جاءت فكرة هذه الحملة التفصيلية، بحسب مايا عمّار، المسؤولة الإعلامية للحملة، من فريق عمل كفى، خلال اتصال معها، فعُينت “زلفا” الناطقة الرسميّة باسم نساء لبنان، التي تشرح للجميع عبر موقعها على “النت” تفاصيل تعاطي السلطات معنا في حال أصابتنا مصيبة، ودخلنا وكر المحاكم.
فكما أننا نعاني من الفساد السياسي والإقتصادي، هناك فساد اجتماعي يقع على العنصر الأضعف في هذا المجتمع، بدءا مما ذكر سابقا، وصولا الى حرمان المرأة من منح جنسيتها لأطفالها من غير الزوج اللبناني. ما أتفه من وضع هذه القوانين، وما أقل عقله وحظه ودينه.