مما لا شك فيه أن انعكاسات هذه الاعتداءات الإرهابية التي ضربت بروكسل في الصميم ستنصب على رؤوس الجالية العربية وكذلك على المواطنين الأوروبيين من أصول عربية أو إسلامية. لم يتوقف الشهود الذين تحدثوا مع وسائل الإعلام عن ترديد أنهم سمعوا شخصاً ينطق صائحاً بجملة عربية قبل الاتفجار.
الرئيس الفرنسي فرانسوا قال بعد أن اجتمع بمجلس الأمن الوطني الذي يضم إلى جانب كبار الضباط رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية « إنها حرب على أوروبا حرب شاملة وبالتالي فإن الأجابات يجب أن تكون شاملة».
التعاون الأوروبي الأمني سيكون موجهاً للجاليات العربية أو من أصول عربية أو لمعتنقي الإسلام من الأوروبيين. التعاون الأمني سيستهدف «البيئة الحاضنة» للإرهاب.
ويبدو هذا طبيعي إذ قال أحد خبراء الأمن إن صلاح عبد السلام وشلته سكنوا طيلة أربعة أشهر في حي صغير في مولنبك على بعد عشرات الأمتار من منزل بيت عبد السلام وعلى بعد مئات الأمتار المعدودة من المقهى الذي أداره وشقيقه. ويتابع الخبير ويقول «لو لم تكن هناك بيئة حاضنة لهم لما استطاع هؤلاء الإرهابيين أن يبقوا أكثر من ساعتين في الحي».
الحرب على الارهاب التي ستشمل كل أوروبا ستحاول أن تجفف البيئات الحاضنة للإرهاب عبر إبقاء الضغط عالى تلك الأحياء وتفعيل «إجراءات رادعة» لكسر أي رغبة بمساعدة الإرهابيين عن قصد أو عن غير قصد.
وليس من المستبعد أن مشروع التعديل الدستوري في فرنسا الذي يتعثر بين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ أن يمر مرور الكرام بعد هذه الهجمات الإرهابية.
ولكن علينا أن ننظر إلى طيات هذا التعديل فهو لا يستهدف فقط جرائم الإرهاب التي يمكن أن تقود إلى نزع الجنسية عن مرتكب تلك الجرائم، بل تم توسيع بيكاره ليشمل أيضاً «الجنح». وكما هو معروف فإن مساعدة «أي هارب من العدالة أو أي مجرم» تعتبر جنحة، وبمعنى آخر فإن كل من ترواده فكرة «الاقتراب» من هؤلاء الإرهابيين يصبح معرضاً لنزع الجنسية والترحيل.
ويرى المراقبون أن هذا العامل الردعي يمكن أن يساعد في تجفيف محيط المتطرفين بشكل يسمح بمحاصرتهم. من هنا ليس مستبعداً أن تبدأ بعض الدول الأوروبية بالسير في تشريعات مشابهة للتشريعات الفرنسية الجديدة.