الأسد: لحكومة تشمل المعارضة التي… ترفض الأسد
قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه لن يكون من الصعب الاتفاق على حكومة سورية جديدة تشمل شخصيات من المعارضة لكن معارضيه ردوا قائلين يوم الأربعاء إنه لن تكون هناك شرعية لأي إدارة ما دام بقي في السلطة.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن الأسد قوله إن مسودة الدستور الجديد ستكون جاهزة خلال أسابيع وإن بالإمكان الاتفاق على حكومة تضم معارضين ومستقلين وموالين.
وقال الأسد إنه سيتعين بحث توزيع الحقائب الحكومية وقضايا فنية أخرى خلال محادثات السلام في جنيف التي تستأنف الشهر القادم لكنه أضاف “هذه القضايا ليست معقدة.”
ورفض مفاوضو المعارضة على الفور تصريحات الأسد قائلين إنه لا يمكن التوصل إلى أي تسوية سياسية إلا من خلال إنشاء هيئة انتقالية بصلاحيات كاملة وليس حكومة تحت قيادة الأسد.
وقال جورج صبرا من الهيئة العليا للمفاوضات إن الحكومة سواء كانت جديدة أو قديمة لن تكون جزءا من العملية السياسية في ظل وجود بشار الأسد. وأضاف أن ما يقوله بشار الأسد لا علاقة له بالعملية السياسية.
ورفضت الولايات المتحدة أيضا تصريحات الأسد. وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض “لا أعرف ما إذا كان يتصور نفسه جزءا من حكومة الوحدة الوطنية تلك. نرى أن هذا سينسف قطعا العملية من أساسها.”
وتفجرت الأزمة السورية قبل خمسة أعوام باحتجاجات ضد الأسد تم إخمادها بالقوة. وتحول الأمر بعد ذلك إلى حرب أهلية حصدت أرواح أكثر من 250 ألف شخص واستقطبت قوى عسكرية عالمية وأتاحت لتنظيم الدولة الإسلامية إقامة ما أطلق عليها خلافة. كما أدت إلى لجوء قرابة خمسة ملايين شخص إلى دول خارجية.
وخلال مؤتمر في جنيف دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون الدول إلى إعادة توطين ما يقرب من نصف مليون لاجئ سوري خلال السنوات الثلاث القادمة.
وقال “هذا يتطلب زيادة مطردة في التضامن العالمي.”
ولم تلق مناشدته استجابة فورية إلا من ثلاث دول فقط هي إيطاليا والسويد والولايات المتحدة.
وقال الأسد لوكالة الإعلام الروسية إن الخسائر الاقتصادية والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جراء الحرب تصل إلى أكثر من 200 مليار دولار. ويتماشى ذلك مع ما ذكرته هيئة مدعومة من الأمم المتحدة قدرت الأضرار المادية بنحو 90 مليار دولار مع 169 مليار دولار إضافية خسائر مجمعة بسبب انهيار الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف المستوى الذي كان عليه في عام 2011.
ورغم التقييم المتفائل للأسد لفرص التوصل إلى حل سياسي فإن تصريحاته تعبر عن وجود خلافات عميقة مع المعارضة. وتقول المعارضة إن الاتفاقات الدولية حول مستقبل سوريا تركزت على مدى السنوات الأربع الماضية على مبدأ تشكيل هيئة انتقالية للحكم.
ويفهم معارضو الأسد من ذلك أن مثل هذه الهيئة سيكون لها صلاحيات شاملة وإنه لن يكون له أي دور بعد ذلك.
لكن الرئيس قال إن فكرة تشكيل هيئة انتقالية “غير دستوري وغير منطقي”.
وقال “لذلك الحل هو في حكومة وحدة وطنية تهيئ لدستور جديد” مضيفا أنه سيتم الاتفاق على تشكيلها في جنيف.
* النظر إلى الرقة
ساهم التدخل العسكري الروسي على مدى ستة أشهر في تحويل دفة الحرب لصالح الأسد بعد المكاسب التي حققتها المعارضة المسلحة الصيف الماضي كما ساعد القوات الحكومية في طرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة تدمر يوم الأحد.
ويفتح استعادة تدمر ومطارها العسكري في وسط الصحراء السورية الطريق شرقا إلى معقلي الدولة الإسلامية في دير الزور والرقة.
وقال الأسد إنه بعد تحرير تدمر بات من الضروري الانتقال إلى المناطق القريبة التي تؤدي إلى الأجزاء الشرقية من البلاد وعلى سبيل المثال إلى دير الزور.
وأضاف أنه يتعين في الوقت نفسه البدء في اتجاه الرقة التي تعد حاليا المعقل الرئيسي للدولة الإسلامية.
لكن أي هجوم على دير الزور أو الرقة سيحتاج على الأرجح قوة عسكرية أكبر بكثير من التي شاركت في حملة استعادة تدمر.
وقال الكولونيل الأمريكي ستيف وارين المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية والمقيم في بغداد “إنه سؤال مفتوح حول ما إذا كان بمقدور الجيش السوري التوجه لمسافة أكبر إلى الشرق أم لا.”
وأضاف “لقد أنهكت قواهم وما زالوا يحتفظون بعدد كبير من القوات في تدمر.”
ورغم تعاون الولايات المتحدة وروسيا في إرساء هدنة محدودة بدعم من الأمم المتحدة في سوريا والتي استثني منها الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة فإن المسؤولين العسكريين الأمريكيين يقولون إنهم لا يتعاونون مع القوات الروسية أو السورية.
وتتمركز القوات البرية السورية المدعومة من روسيا في الأجزاء الغربية من البلاد وتواجه مقاتلي الدولة الإسلامية على الجبهة الغربية. أما الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا ومنها مساندة واشنطن لقوة عربية كردية مشتركة ضد التنظيم المتشدد فإنها تركز بدلا من ذلك على الأطراف الشمالية الشرقية لسوريا.
لكن وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي أوليج سيرومولوتوف قوله إن موسكو وواشنطن تبحثان تنسيقا عسكريا “متماسكا” لاستعادة الرقة من الدولة الإسلامية.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الأسد بعث رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون أبدى فيها استعداد سوريا للتعاون مع “جميع الجهود الصادقة” والهادفة إلى مكافحة الإرهاب.
ونقلت الوكالة عن الأسد القول “إن هذه اللحظة قد تكون الأكثر مناسبة لتسريع الحرب الجماعية ضد الإرهاب.”
ومنذ استعادة تدمر تستهدف قوات الحكومة السورية وحلفاؤها مدينتين إلى شرق وغرب المدينة سعيا لاقتلاع الدولة الإسلامية من امتداد للصحراء في وسط البلاد.
وذكرت وكالات الإعلام الرسمية إن القوات الروسية مدعومة بقوة جوية روسية تحاصر فعليا بلدة القريتين. ووقعت ضربات جوية كثيفة قرب بلدة السخنة التي تراجع مقاتلو الدولة الإسلامية إليها عندما انسحبوا من تدمر.
ويقول المسؤولون الروس والسوريون إن مقاتلي التنظيم المتشدد تركوا وراءهم في تدمر ألغاما ومتفجرات وسط أثار عمرها 2000 عام. وناشد الأسد الأمم المتحدة المساعدة في ترميم الآثار القديمة بالمدينة.
ونسف مقاتلو الدولة الإسلامية معبدين رومانيين وقوس النصر والأبراج الجنائزية العام الماضي كما هشموا عددا من التماثيل والمعروضات في متحف المدينة قبل فرارهم.
وقالت روسيا في وقت سابق إنها سترسل مهندسين عسكريين وكلابا مدربة وأجهزة آلية لإزالة الألغام للمساعدة في نزع فتيل المتفجرات في المدينة القديمة.