الكُرد: الحالة العراقية والاخر العربي
د.خالد ممدوح العزي – (خاص)
اصدار جديد للكاتب عدالت عبدالله “الكرد” الحالة العراقية والاخر العربي، عن دار العلوم العربية بيروت لبنان 2016.
يقس الكاتب كتابه الى اربعة محاور ويشمل الكتاب على 160 صفحة من الحجم الوسط، ويعرض في محوره الاول نقاط خاصة بتركيبة الكرد ووجودهم التاريخ في مناطق اسلامية ضمن اكثرية عربية وقوميات اخرى.
يحاول الكاتب ان يطرح قضية الكرد دون التشويه او الدخول في صراعات قوميات شوفينية تؤمن لها منابر وفضائيات تهدف الى خلف فتنة بين الشعبين الكردي والعربي .
ويشير الكاتب في الشأن الكردي ، بان :” الكرد، محكوم عليه بالتصدي للمساعي الطامحة لتشويه حقيقاه وتقويض شرعية كيانه في المنطقة ،ولا سبيل له الى ذلك الا بمخاطبته للعالم ـلاسيما العالم العربي، والاسلامي، الذي ينتمي اليه حضاريا ودينيا وبل جيوسياسا، كما عليه التعبير عن واقعه ومشروعه في منطقة الشرق الاوسط والسعي لإقناع الاخرين بعدالة قضيته وتطلعاته فضلا عن ضرورة تجنبه للفتن والنزاعات مع العرب والعالم الاسلامي او التورط في النعرات القوموية “.
ويحاول الكاتب في عرضه للقضية الكردية ان يتطرق الى زوايا متعددة بعيدا عن طبيعة المصالح والسياسات المتغيرة والمتبدلة دوما والتي تتحكم عادة بخطاب بعيد عن الحقيقة وعن الصورة الواقعية لما يتعلق بالواقع والماضي والمستقبل الحقيقي لوجود وتعايش المكونات الاجتماعية داخل المجتمع الاسلامي.
ربما يحاول الكاتب ان يبرز القضية الكردية من باب احقية الوجود وممارسة الحفوف الانسانية في اي مجتمع كان.
وخاصة من جراء التعرض لهذه القومية والذي يعيد السبب بذلك للاستعمار وفرضه لحدود جيوسياسية من خلال شعارات تعصبيه من هنا او من هناك.
يرى الكاتب ان غياب الدعم لمفهوم المشروع الكردي هو غياب الخطاب المتناسق بين القوى الكردية والمحيط القومي العربي. وخاصة ان الاكراد هم جزء من الامة الاسلامية التي تعيش وسط القومية العربية والتي تعتبر قادتها بان احقية هيكلية الوجود الكردي نوع من المؤامرة الخارجية.
وللأكراد الحق في تكوين ادارات حكم ذاتي يناط بها حق تعليم وتعلم اللغة الكردية وممارسة العادات والتقاليد القومية بالإضافة لحق المشاركة في السلطة كجزء من مكونات المجتمع الذي يعيشون به.
وهنا يحاول الكاتب ان يقول بان مشروع الادارة الذاتية هو حق طبيعي الحصول عليه في عملية الشراكة بين ابناء الوطن الواحد بظل اجواء ديمقراطية وانتعاش اقتصادي يسنح بإزالة الفوارق وتنمية الحس القومي الذ يؤدي الى صدام وخلاف بين القوميات وربما تكون عملية الاستقلال الكاملة ليسا مرهونة بيد الشعب الذي يطالب بها لنها عملية استفلال سياسي واقتصادي تتحكم ببها القوى العالمية وفقا لمشاريعها ومصالحها الخاصة.
وبناء عليه يحاول عدالت عبدالله العودة الى المجتمع المدني الذي يرى فيه ضمانة فعلية للوصول الى المشاريع المطروحة سلميا وخاصة بظل الاجواء التي تعيشها المنطقة وما يهيئ لها من مشاريع تقسيمية على تواعد مذهبية وعرقية يدفع من خلالها الشعبين الكردي والعربي اثمانا باهظة.
وكما ويركز هذا الكتاب على الدور السلبي التي تلعبه الفضائيات في تسعير الخلافات والازمات التي تشكل شعلة متواصلة للفتنة يقطف اثمارها اصحاب المصالح الخاصة بين الطرفين.
اما في المحور الثاني يدعو الكاتب الى فتح باب الحوار بين المثقف العربي والمثقف الكردي للوصول الى ارضية مشتركة بينهما تطرح من خلالها كل التساؤلات والمشاكل العالقة بين الطرفين واقامة نقاش هادئ مبني على تفهم الاخر .
و هذه الدعوة التي يرسلها الكاتب للمثقف العربي لكي يكون جزءا من عملية صناعة المستقبل وليس التقوقع في وحول الماضي.
فالدعوة هي مخاطبة صريحة وعقلانية للمثقف العربي المطالب بتحديد موقفه ودوره في التعامل مع قضايا وازمات المنطقة ومكوناتها الاجتماعية.
وبالتالي على المثقف العربي ان يدلي برايه لمستقبل العلاقات القادمة مع الاكراد كمكون اجتماعي في قضية الشراكة الوطنية او الاستقلال عن الكيانات السياسي الوطني الجامع انطلاقا من النظرة التاريخية التي تربط الكرد بشعوب منطقة الشرق الاوسط والذي يجب ان تستمر كما كانت على مدى التاريخ المشترك .
اما المحور الثالث فانه يتعلق بتركيبة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي وفي الكتل البرلمانية العراقية والدور الذي اداه طول فترة العراق الجديد.
وهنا يتوقف الكاتب امام التجربة الكردستانية في العراق وتفاعلها مع الحياة السياسية العراقية بالرغم من الملاحظات الايجابية والسلبية التي يحاول الكاتب عرضها في تجربة هذا التحالف والتي تتخللها الكثير من الشوائب. وكما يتوقف الكاتب في عرضه امام اهمية التجربة الديمقراطية التي تتيح المشاركة الفعلية لكل المكونات الاجتماعية في كل بلد يمارس الفدرلة وتدفع به نحو التطور وممارسة الديمقراطية
امام في المحور الرابع يحاول الكاتب ان يعرض وجهة نظره الخاصة في عدة امور عاشها العراق لكون الكاتب عراقي ويحاول من تجربته الاعلامية والسياسية التوقف عند اهم القضايا التي عاشها العراق منذ 2003 والتي تعتبر مرحلة العراق الجديد الى عام 2016 وظهور” داعش” وكيفية الخطاب السياسي الداخلي والخارجي في التعامل مه هذه الاحداث المختلفة الذي يعيشها الشعب العراقي بكل مكوناته.
يعتبر هذا الكتاب نظرة شخصية لكاتبه يحاول من خلالها التطرق الى امور عديدة يتفق معها المرء ويختلف معها ولكن يمكن القول بان وجهة نظر عدالت عبدالله وجهة نظر متقدمة لقراءته للإحداث الذي يعيشه العراق والمنطقة وبظل الحالة الكردية الطامحة للاستقلال وتشكيل كيانات خاصة بها في غير مكان .
يعتمد الكاتب في كتابه على استخدام مراجع واراء المفكرين وباحثين عالميين بلغات مختلفة من خلال استخدامها بطريقة جديدة في قلب العمل الذي يشير الى ثقافة الباحث الاكاديمية والمنهجية المعتمدة في البحوث والدراسات العلمية الحديثة.