سليماني يثير أزمة إيرانية مع لبنان والعراق
نفت طهران، الأحد، بشدة ما نسبته وسائل إعلام غربية وعربية لقائد فيلق قدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، عن تدخل قواته في العراق ودول أخرى في المنطقة، وشددت على ان سياستها مبنية على “عدم التدخل في شؤون أي من دول المنطقة ورفض أي تدخل خارجي فيها”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، في تصريح لقناة العالم الإخبارية إن الخبر “تم تفنيده وتكذيبه ولم يكن له أي صحة”، في إشارة إلى تصريحات نسبتها وسائل إعلام مختلفة إلى سليماني يقول فيها إن إيران حاضرة في الجنوب اللبناني والعراق، وإن هذين البلدين يخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها. وشدد مهمانبرست على أن “أي تدخل في شؤون الدول الأخرى غير مقبول ولا ترضى به طهران”، مؤكداً “أن سياسة إيران هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، ولا ترضى بأي تدخل أجنبي في شؤون دول المنطقة الداخلية”، معتبراً أن “التدخلات التي نشاهدها بين الحين والآخر هي من أجل إثارة الفتن بين الدول والقول بأن هناك تدخلات من دول في شؤون دول أخرى”.
وأضاف أن “بعض الدول الغربية والعربية تسعى لأهداف خاصة من بث مثل هذه الأخبار، حيث تريد بذلك الإيقاع بين إيران ودول المنطقة، ولا تتحمل العلاقات الطيبة في ما بينها”، محذرا من أن هذا “يستدعي ذكاء ونباهة دول المنطقة لأن هذا ما لا ترضى به إيران”. وشدد مهمانبرست على أن العراق، وخصوصاً حكومة نوري المالكي، وبعد كل المخططات والتحديات ضدها، تمكنت من الاستقرار بعد خروج القوات الأميركية، معتبراً أن “هؤلاء يريدون الوقيعة بين الحكومة العراقية وإيران”.
وتابع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قائلا إن “المالكي وبتدبيره وشجاعته استطاع اتخاذ بعض الإجراءات التي قد لا تروق لبعض الأطراف التي تحاول زعزعة الحكومة العراقية وتمارس الضغوط عليها، ظناً منها بأنها وبهذه الأخبار يمكن أن توجِد بعض الاختلافات بينها وبين الدولة العراقية”.
وقال مهمانبرست ان “من الواضح أن ما يجري اليوم في المنطقة هو ضد محور المقاومة والتضييق عليه وإثارة الشبهات والفتن حوله هو من اجل أن تقع بعض الدول في شراكها، عبر تهويل الخطر الإيراني المزعوم”.
واتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الدول الغربية بمحاولة تصوير إيران بمثابة الخطر على المنطقة، مشدداً على أن دول المنطقة “نبيهة وذكية بشكل كامل وتتفهم فتن الاستكبار العالمي لضمان مصالحه في المنطقة”، مؤكدا أن “مثل هذه المساعي لن تؤثر على الشعوب في ظل الصحوة الإسلامية وحركة الشعوب المقتدرة”.
وكان قد نسب إلى سليماني قوله، خلال ندوة تحت عنوان “الشباب والوعي الإسلامي”، بحضور عدد من الشباب من البلدان العربية التي شهدت ثورات ضد أنظمة الحكم فيها، أن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكارها، مؤكدا أن بلاده يمكن أن تنظم أي حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدين، حسبما نقلت مواقع اخبارية عن وكالة “إيسنا” الطلابية الإيرانية.
وقد عبّرت وزارة الخارجية العراقية، الاحد، عن رفضها لتصريحات قائد فيلق القدس الايراني بشأن خضوع العراق وجنوب لبنان لارادة طهران، ومؤكدة ان العراق لن يكون “بيدقا في لعبة الاخرين”.
وقال بيان صادر عن الوزارة إن “العراق لم ولن يكون تابعا لاحد ولن يكون ساحة لتصفية الحسابات بين الاطراف الاخرى، والشعب العراقي هو سيد نفسه وهو الذي يقرر مصيره وخياراته الوطنية”، مؤكداً على “رفض العراق جميع التصريحات المؤذية بحق وحدة وسلامة وسيادة العراق ونظامه الديمقراطي الاتحادي”.
أما في لبنان، فقد أكد وزير الأشغال العامة والنقل، غازي العريضي، على ضرورة “التأكد من صحة ودقة تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني”، معتبراً أنّه “إذا تم التأكد من صحة هذه المواقف، فهذا يعني أنها تصريحات خاطئة وخطيرة بدليل ما استتبعته من ردود فعل في لبنان وما أثارته من مخاوف”، مؤكداً أن “القرار في لبنان هو ملك للّبنانيين وحدهم، وجنوب البلاد هو أرض لبنانية، وإذا كان دعم ايران للمقاومة في لبنان واضحاً وصريحاً، إلا أن ما تحمله التصريحات في طياتها، إن صحّت، هو أمر بالغ الخطورة، وقد نلجأ الى طرح الموضوع في مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، وليس ثمة ما يمنع حصول نقاش جدي حوله”.
من جانبه، اعتبر عضو كتلة “المستقبل” النيابية النائب نهاد المشنوق، في تصريح، أن “كلام سليماني هو بمثابة اعلان الاحتلال الايراني لجنوب لبنان وللعراق”. ورأى أن “كلامه تجاوز الحد الادنى للمنطق، بحيث لم تعد طهران تكلف نفسها عناء ترطيب تصريحاتها المنتهكة للسيادة اللبنانية والعربية، بل بلغ البخار في رؤوس بعض مسؤوليها حدا صارت تجاهر معه بالاحتلال وتفاخر بالسطو على السيادة والكرامة الوطنيتين”، موضحا أن “هذه التصريحات تؤكد صوابية المقاومة السياسية التي نخوضها يوميا في لبنان لمواجهة غطرسة إيران واستكبارها”. وأعرب عن أسفه لـ”عدم إقدام أي شخصية من حزب الله على استنكار كلام سليماني على غرار ما فعل التيار الصدري في العراق”، متسائلا “هل يقل تيار السيد الصدر في العراق تشيعا وولاء لايران عن حزب الله أم يزيد عليه في الوطنية؟”