ليبيا: حرب شوارع في معقل داعش
تخوض قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية معارك عنيفة مع عناصر تنظيم داعش في سرت الجمعة تستخدم فيها الدبابات وراجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة في محاولة لاستكمال تقدمها في المدينة الخاضعة لسيطرة الجهاديين.
وقال مصور وكالة فرانس برس في سرت ان الاشتباكات بين الجانبين تدور على بعد نحو كيلومترين من مركز واغادوغو في وسط المدينة الساحلية الواقعة على بعد نحو 450 كلم شرق العاصمة طرابلس.
وتستخدم القوات الحكومية الدبابات التي تطلق قذائفها باتجاه مواقع متقدمة لتنظيم داعش في المدينة، والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، بينما تخوض مجموعات منها مواجهات مباشرة مع عناصر تنظيم داعش بين المنازل.
ويعتمد التنظيم المتطرف على القناصة في محاولة لمنع تقدم القوات الحكومية.
كما حاول تفجير سيارة مفخخة في مجموعة من قوات قوات حكومة الوفاق، الا ان هذه القوات تمكنت من “التعامل معها”، بحسب ما افادت صفحة عملية “البنيان المرصوص” الخاصة باستعادة سرت في موقع فيسبوك.
وعلى طول الطريق بين مدخل سرت الغربي ووسط المدينة، تنتشر عشرات المدافع والسيارات الرباعية الدفع التي تحمل راجمات الصواريخ ومضادات الطائرات وعلى متنها عناصر من قوات حكومة الوفاق.
وشاهد مصور فرانس برس القوات الحكومية وهي تخلي عددا من الجرحى من عناصرها من مناطق الاشتباكات وتقوم بنقلهم في سيارات الى خارج المدينة.
وقال مقاتل تابع للقوات الحكومية مفضلا عدم الكشف عن اسمه “الحرب كانت في البداية بالطائرات والمدفعية، والان اصبحت حرب شوارع. نقاتلهم بين المنازل، ولن نتراجع حتى نقضي عليهم”.
وكانت القوات الحكومية اعلنت في وقت سابق اليوم على حسابي العملية العسكرية الخاصة بسرت في موقعي “فيسبوك” و”تويتر” انها “تدك بالمدفعية الثقيلة تمركزات لداعش في محيط مجمع قاعات واغادوغو”.
كما اعلنت انها تمكنت من “تحرير بعض المدنيين من مدينة سرت كانوا مسجونين عند تنظيم داعش، وتظهر عليهم آثار التعذيب”، من دون تحديد المكان الذي سجن فيه هؤلاء وتم اطلاق سراحهم منه.
وذكرت هذه القوات ان مستشفى مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) استقبل اليوم “شهيدين و ثمانية جرحى اصاباتهم بسيطة”.
وبعد نحو شهر من انطلاق عملية “البنيان المرصوص” في 12 ايار/مايو الماضي التي قتل فيها 115 عنصرا على الاقل من قوات حكومة الوفاق بحسب مصادر طبية، تمكنت القوات الحكومية الخميس من دخول المدينة قادمة من الغرب بعدما حققت تقدما سريعا على الارض في الايام الماضية.
وكان المتحدث العسكري باسم غرفة عمليات سرت محمد الغصري توقع امس ردا على سؤال لفرانس برس “الا تدوم العملية طويلا، يومان او ثلاثة على الاكثر”.
وكان آمر القطاع الاوسط للقوات البحرية العقيد بحار رضا عيسى اعلن ان قواته “تسيطر على ساحل سرت بالكامل. لن يستطيع الدواعش الفرار عبر البحر”.
في موازاة التقدم غربا، اكد اليوم متحدث باسم جهاز حرس المنشآت النفطية الموالي لحكومة الوفاق ان عناصر الجهاز، وبعدما بسطوا سيطرتهم “بالكامل على هرواة” (70 كلم شرق سرت)، يستعدون حاليا “لاقتحام سرت من الجهة الشرقية في الساعات المقبلة”.
ونجحت قوات حرس المنشآت على مدى الايام الماضية في استعادة السيطرة على قرى وبلدات تقع الى الشرق من سرت بعد معارك مع تنظيم داعش.
وتتشكل القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني من مجموعات مسلحة تنتمي الى مدن عدة في غرب ليبيا، ابرزها مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) التي تضم المجموعات الاكثر تسليحا في البلاد وتملك طائرات حربية من نوع “ميغ” ومروحيات قتالية.
كما تضم هذه القوات جهاز حرس المنشآت النفطية ووحدات من الجيش المنقسم بين سلطتي حكومة الوفاق والحكومة الموازية غير المعترف بها في شرق ليبيا ويقود قواتها الفريق اول ركن خليفة حفتر.
ولم يعلن حفتر ولاءه لحكومة الوفاق الوطني. وتخوض قواته معارك مع تنظيم داعش في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس). وكانت هذه القوات اعلنت قبل اسابيع نيتها القيام بحملة عسكرية منفردة ضد التنظيم في سرت، الا ان الحملة لم تبصر النور.
واعتبرت وزارة الدفاع الأميركية ان التقدم الذي أحرزته القوات الحكومية الليبية ضد الجهاديين “مشجع”.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية بيتر كوك في مؤتمر صحافي “نحن نراقب الوضع عن كثب وما نراه يشجعنا”، مشيرا الى ان التقدم في سرت “يشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية تتقدم على غرار القوات التي تدعمها”.
واستقرت حكومة الوفاق بدعم دولي كبير في طرابلس في 30 اذار/مارس، إلا أنها ما زالت تواجه صعوبات في اعادة الاستقرار الى البلاد.
وتسيطر حكومة الوفاق على عدد من المطارات وتلقى دعم البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والفصائل المسلحة المتمركزة في الغرب، لكنها ما زالت تصطدم بالحكومة المعترف بها سابقا في شرق البلاد التي ترفض تسليم السلطة.
وتحول الخلافات بين حكومة الوفاق والحكومة الموازية في الشرق دون توحيد الصفوف لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويسيطر تنظيم داعش منذ حزيران/يونيو 2015 على سرت التي تبعد نحو 300 كلم عن الساحل الاوروبي.
واستغل التنظيم الفوضى التي سادت في ليبيا خلال السنوات الاخيرة والتنازع على السلطة لتاسيس قاعدة خلفية له في هذا البلد الغني بالنفط يدرب فيها المقاتلين الاجانب.
وستشكل خسارة سرت نكسة كبيرة للتنظيم المتطرف، اذ ان المدينة، مسقط راس معمر القذافي، كانت على امد نحو عام القاعدة الرئيسية للجهاديين في ليبيا.
ويتزامن ذلك مع تراجع التنظيم المتطرف في العراق وسوريا.