سلفيو مصر ينعشون آمال سلفيي غزّة
يعطي الاختراق الذي حققته الاحزاب السلفية في الانتخابات المصرية دفعا للجماعات السلفية في غزة لتعزيز مكانتها، ما قد يدفعها الى المشاركة في الحياة السياسية في القطاع الذي تسيطر عليه “حماس”، كما رأى محللون سياسيون.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر في غزة، ناجي شراب، إن “اهم الدروس لسلفيي غزة من فوز السلفيين بمصر انه يمكنهم ان يحققوا بالانتخابات ما لم يحققوه في غيرها”. واضاف ان الاختراق الذي احرزه سلفيو مصر “قد يشجع السلفيين في غزة، تحت مسميات معينة، على تشكيل حزب سياسي لهم لمنافسة حركة حماس في الانتخابات القادمة”. ورأى ان “التيار السلفي في غزة هو امتداد للتيار السلفي في مصر ما سيجعل فوزهم ينعكس ايجابا على سلفيي غزة بالتعامل مع السياسة بواقعية اكبر”.
واثار فوز السلفيين في مصر ارتياحا لدى الجماعات السلفية في غزة التي رأت في هذا التطور “مظلة وسندا قويا”.
وابدى ابو عبد الله الغزي احد كبار قادة جماعة جيش الامة السلفية الجهادية ارتياحا ازاء “النصر” الذي حققه السلفيون في مصر، لكنه متحفظ على مشاركتهم في الحكومة “لانهم سيتحملون بذلك كل اعبائها”، على حد قوله. وشدد على ان نشاط جماعته التي يبلغ عدد اعضائها “مئات لكن انصارها بالآلاف”، لا يقتصر على العمل الدعوي والعسكري، موضحا انها تقوم “بنشاط سياسي وثقافي واجتماعي” ايضا.
وجيش الامة واحد من اربع جماعات سلفية كبرى مع “جيش الاسلام والتوحيد” و”الجهاد” و”انصار السنة”.
من جهته، لا يستبعد ابو المعتصم الذي ينتمي الى احدى الجماعات السلفية الجهادية في جنوب القطاع ان يدخل السلفيون الحياة السياسية، لكنه اكد ان “حياتنا السياسية يجب ان تكون بعيدة عن الاتفاقات مع العدو”، في اشارة الى اسرائيل. ورأى ان “المشاركة السياسية يمكن حينها ان تحقق انتشار دعوة الله مثل اخواننا في مصر”.
اما الشيخ ياسين الاسطل رئيس المجمع العلمي للدعوة السلفية في فلسطين، وهو تيار دعوي، فلا يرى مانعا من المشاركة في الحكم والسلطة “اذا كان يحقق الدعوة الى الله”. وشدد الغزي على العلاقة “الطيبة” التي تربط جماعته، جيش الامة، مع حزبي النور والوسط السلفيين في مصر اللذين حصلا على اكثر من 24 بالمئة من الاصوات في الانتخابات. وتوقع الغزي “تحرير فلسطين خلال عشرة اعوام الى 12 عاما” بفعل التغييرات في المنطقة العربية.
واكد ابو حذيفة وهو من جماعة سلفية اخرى طلب عدم ذكرها ان “انتصار اخواننا” في مصر سيشكل “سندا لنا الان وفي المستقبل”، معبرا عن اعتزازه بتقديم جماعته “نصائح” لسلفيي مصر “وحثهم على الجهاد”.
ويدرك السلفيون ان التغيير على الارض نحو اقامة دولة اسلامية ليس سهلا لان الاخوان المسلمين غالبية “وسيتحالفون مع الليبراليين واليسار مثل ما حصل في تونس ولن يتحالفوا مع السلفيين”، على حد قول الغزي.
وتتلقى بعض المجموعات السلفية التي يغلب عليها الطابع العسكري دعما من جهات محلية وخارجية غير معروفة. لكن الغزي اكد ان جماعته تعتمد على التمويل الذاتي “ومن بعض الخيرين الفلسطينيين”. ويتجنب سلفيو غزة الحديث عن اي علاقة مع “القاعدة”. ويقول الغزي “لا توجد اي علاقة تنظيمية بالقاعدة”.
وبالرغم من ان حجم الجماعات السلفية في القطاع صغير بالمقارنة مع حركة حماس المنبثقة عن جماعة الاخوان المسلمين، الا ان تأثيرها يتزايد لدى بعض الشباب.
وعملت حكومة “حماس” على الحد من انتشار هذه الجماعات التي تعتبرها “متطرفة” وضربتها بيد من حديد العام الماضي على خلفية اختطافها لناشط ايطالي وقتله. كما تتهم حماس السلفيين بتنفيذ هجمات صاروخية من قطاع غزة على اسرائيل بالرغم من التهدئة الميدانية التي تبرمها مع الدولة العبرية، لكنهم يصرون على تحدي سلطة حماس التي يتهمونها بالضعف حيال اسرائيل وبالتراخي في فرض الشريعة الاسلامية.
وقال الغزي ان علاقة جيش الامة مع حماس “مرهونة بتحسن اداء حماس؛ الاحسان بالاحسان”، مشيرا الى عدد من السلفيين تعرضوا للملاحقة والاعتقال في غزة. لكن المحلل السياسي ناجي شراب يستبعد وقوع اي صدام بين حماس والسلفيين خصوصاً وان سلفيي مصر يشكلون “مظلة حماية لهم” واصبح بامكانهم “اسقاط او مد عمر اي حكومة” قادمة في مصر. لذلك، توقع ان تبدي حماس “قدرا من المرونة والتكيف مع سلفيي غزة”. لكن بعض المراقبين يرى ان تغيير موقف الجماعات السلفية الفلسطينية الرافضة للمشاركة في الانتخابات قد يحتاج الى مراجعة فقهية.
وقال استاذ التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة الاسلامية بغزة وليد المدلل ان تحول سلفيي غزة الى السياسة “ليس سهلا لانهم يبتعدون عن الحكم”، مشددا على ان “الساحة الغزية لها اعتبارات مختلفة عن مصر لوجود مقاومة الاحتلال”. لكن المدلل لا يتوقع “انتعاشا” للسلفية “اذا بقيت على مواقفها المتشددة” في القطاع خاصة في ظل وجود تيارات اسلامية لها حضور كبير مثل حماس والجهاد الاسلامي.