علاء العلي
لست كاتباً ولن تكون ولست صحافياً ولن تكون. وتصاب بالارتباك في كل مرة تسمع فيها السؤال التقليدي بعد اول لقاء: شو بتشغل؟ ارتباك لا يضاهيه سوى ارتباك جندي في الجيش اللبناني يسألك على مدخل مخيم عين الحلوة: انت صحافي؟ تجيبه بجملة دربت نفسك عليها جيدا: اكتب في الصحافة ولست صحافيا. يزداد ارتباكه ارتباكا ثم ينظر بإرتياب الى حقيبتك قبل ان يسأل: والكاميرة ؟ تبتسم وانت تخبره: رايح اصور العيلة. وحدها الامتار القليلة التي كانت تفصل بين صف الجنود وفلسطين في مارون الراس يوم 15 ايار الفائت جعلتك تصرخ في وجوههم ملوحا بالكاميرة: افتح الطريق صحافي ! وتنعت بالجنون بعدها: شو نزّلك لتحت. تضحك والفرحة المتماهية مع الحسرة تغمرك: كنت في مكاني الطبيعي بين اهل المخيم، ونال منهم من نال امنية لاطالما تمنيتها. اغمضوا عيونهم وفلسطين اخر ما شاهدوا “بس ما في حظ”. هو المخيم وهي الصحافة. هو المخيم ذو الخصوصية العصية على فهم الاخرين. وهي الصحافة مهنة قد يمارسها الصالح او الطالح. هو المخيم عنوان لانتظار طويل. وهي الصحافة بروتينها ورتابتها وطموح ممارسيها (او اغلبهم) للوصول الى الشهرة. فلا يمنعهم طموحهم من ممارسة احقر انواع الانتهازية تجاه المخيم واهله بغية الوصول الى الهدف! واي هدف. انتاج فيلم سينمائي؟ كتابة مقالة؟ التقاط صورة؟ ثم يعودون ادارجهم الى وظائفهم. فيمارسون اقصى فروض الطاعة تجاه مرؤسيهم ومموليهم. فلكل منا طموحه الشخصي. ولكن القلة منا تستطيع ان تكبح جماح هذا الطموح خدمة للقضية او الهدف.
لست ممانعا ولن تكون. ولست عقلانيا ولن تكون. وتشتم في كل مرة تنتقد فيها نظاما بأنك وغد لأخر. ولكنك ضد النظام واي نظام. ليس في سوريا او البحرين او مصر او فلسطين او السعودية فحسب. بل كل نظام يحرص القائمون عليه على حماية مصالحهم لا مصالح الامة. هكذا علمك المخيم. ان من يظلم شعبه لن ينصرك.