مصر: تظاهرات مستمرة والبرادعي يقترح خارطة طريق
نظم مصريون، الجمعة، تظاهرات ومسيرات حاشدة، لليوم الثالث على التوالي، لمطالبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد بالتنحي وتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني بينما نظم المئات تظاهرة مؤيدة للجيش.
وقبل بدء مسيرة شارك فيها ألوف النشطاء من مسجد الاستقامة في ضاحية الجيزة قرأ النشطاء الفاتحة ترحما على أرواح القتلي الذين سقط نحو 850 منهم في الأيام الأولى للانتفاضة التي أسقطت الرئيس حسني مبارك العام الماضي، مرددين “أقسم بالله العظيم أن احافظ على مطالب 25 يناير وأن أضحي من أجلها”. ورددوا الهتاف البارز للاحتجاجات “يسقط يسقط حكم العسكر”. كما رددوا هتافا صاحبه تصفيق هو “سلم السلطة”. وهتفوا “يا طنطاوي يا مشير غصبا عنك فيه تغيير” في إشارة إلى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وسمي النشطاء المسيرة التي اتجهت إلى ميدان التحرير بؤرة الاحتجاجات التي أسقطت مبارك مسيرة الشهيد عماد عفت في إشارة إلى أمين الإفتاء بدار الإفتاء الذي قتل برصاصة خلال قيام قوات من الجيش والشرطة بفض اعتصام في شارع مجلس الشعب في ديسمبر كانون الأول.
ويحتج النشطاء أيضا على ما يقولون إنها محاكمات هزلية لمبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ورئيسي مجلسي الشعب والشورى السابقين فتحي سرور وصفوت الشريف وضباط شرطة كبار في قضايا قتل نحو 850 متظاهرا سقطوا خلال الانتفاضة التي اندلعت يوم 25 يناير/ كانون الثاني الماضي وأسقطت مبارك بعد 18 يوما.
كما يطالبون بمحاكمة قتلة النشطاء الذين سقطوا بعد إسقاط مبارك والذين يصل عددهم إلى مئة.
وهتف المشاركون في المسيرة “يلا يا مصري انزل من دارك سامي عنان هو مبارك”، في إشارة إلى نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رئيس الأركان الفريق سامي عنان.
وقال مدحت صفوت (27 عاما) ويعمل باحثا في النقد الأدبي لـ”رويترز” خلال مشاركته في المسيرة “لن يفلت أحد من العقاب سواء من المجلس العسكري أو النظام القديم.” وغضب مصريون كثيرون لقول أعضاء قياديين في جماعة الإخوان المسلمين، التي شغلت العدد الأكبر من مقاعد مجلس الشعب في أول انتخابات بعد مبارك، إن الجماعة مستعدة لبحث خروج آمن للمجلس العسكري. ونفي عضو واحد على الأقل في المجلس العسكري وجود مشاورات مع الإخوان حول ذلك مشددا على أن المجلس لم يرتكب جرائم تجعله يبحث عن الخروج الآمن.
وفي مسيرة بدأت من مسجد مصطفى محمود بضاحية الجيزة وضمت ألوف المحتجين، رفع نشطاء دمية لعسكري تلطخت يده بالدماء. وحمل نشطاء صورا لقتلى بينها صورة الناشط القبطي البارز مينا دانيال الذي قتل مع 26 قبطيا آخرين في اشتباك حين حاولت قوات الجيش منع تنظيم اعتصام العام الماضي أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون.
وردد ألوف النشطاء في مسيرة بدأت من حي شبرا في القاهرة الذي توجد فيه كثافة سكانية قبطية هتافا يقول “الجيش المصري بتاعنا والمجلس (العسكري) باعه وباعنا” و”ارحل”. وسمى النشطاء المسيرة مسيرة الشهيدة سالي زهران التي سقطت في الانتفاضة ضد مبارك.
وقال خطيب الجمعة في ميدان التحرير مظهر شاهين لألوف المصلين اليوم “لم آت إلى هنا راقصا أو مغنيا إنما أتيت للمطالبة بالقصاص من قتلة شهدائنا. من الغباء أن نحتفل ودماء شهدائنا لم تجف ولن نحتفل وهناك مصابون ما زالوا يعانون ولن نحتفل وهناك معتقلون من النشطاء في السجون.”
وخلال أيام، تبدأ انتخابات مجلس الشورى ليتسنى بعدها وضع دستور جديد للبلاد ثم انتخاب رئيس الدولة لكن مصريين يقولون منذ أيام إنهم ضد وضع الدستور في وجود المجلس العسكري في السلطة.
وفي مدينة الإسكندرية الساحلية، غالب نحو عشرة آلاف ناشط أمطارا غزيرة وخرجوا في مسيرات بعد صلاة الجمعة توجهت إلى مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالمدينة للاحتجاج. ورفع المحتجون لافتة عليها عبارة تقول “مطلوب رئيس ولا دستور تحت حكم العسكر”.
وفي مدينة دمياط التي تقع على البحر المتوسط أيضا نظم بضع مئات مظاهرة موالية للجيش بينما وقف نحو ألف من النشطاء في مظاهرة احتجاج على الجيش بالقرب منها في ميدان الساعة بالمدينة.
على الصعيد السياسي، اقترح المعارض المصري، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، الجمعة، خريطة طريق جديدة للبلاد، داعياً الى “ان ينتخب البرلمان فورا رئيسا مؤقتا” قبل تشكيل لجنة لصياغة الدستور الجديد للبلاد، في ظل تصاعد الرفض الشعبي للمجلس العسكري الذي يحكم البلاد منذ تنحية الرئيس السابق حسني مبارك قبل عام تقريباً.
وطالب البرادعي، الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2005، في بيان نشر في صحفته على موقع “فايسبوك”، بوضع “دستور يحدد شكل النظام ويضمن مدنية الدولة والحقوق والحريات”. على ان يجري على الاثر “انتخاب رئيس معروفة صلاحياته طبقا للدستور” الجديد. وبعد ذلك يجرى “انتخاب برلمان على اساس الدستور الجديد”. وقال البرادعي “بعد عام من التخبط حان الوقت للتوافق على تصحيح المسار”.
وقد وعد المجلس العسكري بتسليم السلطة الى المدنيين اثر الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها في موعد اقصاه اخر حزيران/ يونيو المقبل، الا ان العديد من المصريين يتهمونه بالرغبة في الحفاظ على امتيازاته والابقاء على نفوذه في الحياة السياسية.
وكان محمد البرادعي اعلن في 14 كانون الثاني/ يناير نيته عدم الترشح للرئاسة، معتبرا ان “نظام حسني مبارك الفاسد ما زال قائما رغم مرور عام على قيام ثورة 25 يناير التي طردته من الحكم”. وقال البرادعي انذاك في بيان “أكدت ومنذ البداية أن ضميري لن يسمح لي بالترشح للرئاسة أو أي منصب رسمي آخر إلا فى اطار نظام ديموقراطى حقيقي”.