بسّام الطيارة
فاز فرانسوا فيون بترشيح اليمين والوسط وحصد ٦٦،٥ في المئة من أصوات ما يزيد عن ٤ ملايين فرنسي شاركوا في الانتخابات التمهيدية وسحق آلان جوبيه الذي حصل على ٣٣،٥ في المئة فقط.
لهذا الحدث تفسيرات عديدة ومتنوعة: فرنسا مثلها مثل كافة الدول الأوروبية ولنقل الغربية، تشهد انزلاقاً نحو قيم يمينية انغلاقية شوفينية. وجائت العولمة بمعنى الشمولية إلى جانب الأزمة الاقتصادية لتزيد من حدة هذا الانزلاق وما وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وطروحاته سوى ملاقاة وتلقف لهذا الانزلاق.
وفي حين أن جوبيه كان ما زال «يحلم» بفرنسا المنفتحة والمجتمع السعيد، أدرك فيون وقبله نيكولا ساركوزي الرئيس السابق ما تلمسته الجبهة الوطنية المتطرفة قبلهما من أن فرنسا تريد اللحاق براكب اليمينية القاسية. خسر ساركوزي لأنه عبّرَ عن هذه الأفكار لملاقاة تطلعات غالبية مواطنيه بتصريحات عنيفة تثير الاشمئزاز، بينما ألبسها فيون رداء كاثوليكياً مهذباً ونزع الشتائم والتهديدات من خطابه.
فرنسوا فيون خلع عن أكتافه وشاح الدغولية الاجتماعية التي طالما اعتقد البعض أنه ممثلها بعد الطيب الذكر فيليب سيغان، ولكنه لم يعلن ذلك على الملأ ترك لنفسه صورة «اليميني الطيب» الكاثوليكي بانفتاح في حين أن الانكباب على برنامجه يظهر بكل جلاء أن برنامجه لا يختلف عن برنامج ساركوزي إلا بالشكل وببعض التفاصيل غير المهمة.
سيتنافس فيون مع مارين لوبن مرشحة اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية المقبلة ولربما وصل الاثنان إلى الدورة الثانية بشكل يجعل فرنسا أما خيار من خيارين يذهبا في اتجاه واحد. إلا أن الفرق بينهما هو أنه فيون يحمل طموحات البرجوازية ولوبن تحمل طموحات الطبقة المتوسطة والكادحة.
إنها عودة إلى الوراء عودة إلى صراع طبقي في ظل اندثار اليسار وكل مفاهيم الانفتاح على الآخر. ستشهد أوروبا أياماً صعبة لأن الفوز يتطلب منافسة على التطرف.