انتخابات إيران
يدلي الإيرانيون الجمعة بأصواتهم في انتخابات تُقرّر ما إذا كانوا سيؤيدون أو يرفضون منح ولاية ثانية للرئيس المعتدل حسن روحاني (68 عاما) وسياسته الانفتاحية على العالم التي عُلِّقت عليها آمال كثيرة خاب بعضها اليوم، أو خصمه الرئيسي رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي (56 عاما) القريب من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وتجري الانتخابات الرئاسية الجمعة بالتزامن مع انتخابات بلدية، ودعي 56,4 مليون ناخب إلى المشاركة فيها. وسيتمثل التحدي الأهم في المدن الكبرى مثل طهران ومشهد (شرق) وإصفهان (وسط) لمعرفة ما إذا كان المعتدلون سيتمكنون من انتزاعها من المحافظين.
وستجري الانتخابات في أجواء من التوتر المتزايد مع الولايات المتحدة بدأ مع انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي سيكون في يوم إعلان النتائج السبت موجودا في السعودية، المنافس الإقليمي الرئيسي لطهران.
وعقد المرشحان آخر التجمعات الانتخابية الأربعاء في مدينة مشهد، بحضور عشرات الآلاف من المؤيدين .وسمح روحاني بحفل موسيقي خلال التجمع المؤيد له ما يشكل تحديا للسلطات الدينية التي تحظر ذلك في المدينة المقدسة لدى الشيعة.
وفي شوارع طهران، كان أنصاره من الشباب المرتدين أوشحة خضراء وأرجوانية، ألوان الإصلاحيين والمعتدلين، يوزعون مناشير واثقين من الفوز، مشيرين إلى شعار حملته “في منتصف الطريق، لا عودة إلى الوراء”. ويسعى روحاني، حليف الإصلاحيين الذي انتُخب من الجولة الأولى عام 2013 بـ 50،7 بالمئة من الأصوات، إلى الحصول على ولاية ثانية مدتها أربع سنوات. وهو يطمح رغم عداء واشنطن المعلن تجاه بلاده، إلى مواصلة الانفتاح الذي بدأ مع توقيع الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة في تموز/يوليو 2015.
وفي مقابل التزامها بسياسة نووية محصورة بأهداف مدنية، حصلت إيران على رفع جزئي للعقوبات الدولية التي كانت تعوق تطوّر اقتصادها. وقال روحاني في تصريح مؤخرا “خلال هذه المفاوضات النووية، تمكنا من استعادة حقوقنا، وهو أمر لم يصدّق أحد أنه ممكن. إنها قوة الدبلوماسية الإيرانية”.
في غضون ذلك، قررت الولايات المتحدة رغم انتقادات ترامب للاتفاق النووي مواصلة العمل بتخفيف العقوبات المرتبطة بالملف النووي. إلا أن وزارةالخزانة الأمريكية فرضت بالمقابل عقوبات جديدة بحق عدد من المسؤولين العسكريين الإيرانيين وشركات صينية مرتبطة بالبرنامج البالستي الإيراني.
ويلعب في صالح روحاني أيضا الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي كان 40% عام 2013 وبات اليوم نحو 9,5% حاليا.
ولكن خارج إطار استئناف تصدير النفط، لم يجذب الاتفاق النووي الذي دخل حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير 2016 حتى الآن الاستثمارات الأجنبية المتوقعة التي بلغت بين مليار وملياري دولار فقط، في وقت قالت الحكومة إنها تحتاج إلى خمسين مليارا في السنة لإنعاش الاقتصاد. ولا يزال المستثمرون والقيمون على البنوك الدولية يبدون تردّداً بسبب موقف الولايات المتحدة التي عزّزت منذ وصول ترامب إلى السلطة العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي، على إيران. كما أنّ هؤلاء يترددون أيضاً بسبب النظام الاقتصادي والمالي غير الشفّاف في إيران.
ولا يُشكّك إبراهيم رئيسي بالاتفاق النووي الذي وافق عليه المرشد الأعلى خامنئي، لكنه ينتقد نتائج هذه التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقراً، ويقول إنه يريد الدفاع عن هؤلاء. ويسلّط رئيسي الضوء على الأرقام السيئة للبطالة التي تطال 12,5% من السكان و27% من الشباب، ويتهم حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح “الأوليغارشيّة الأكثر ثراء” في البلاد التى لا تمثل سوى أربعة في المئة من السكان، على حد قوله. وعلى غرار المرشد الأعلى، يعتقد رئيسي أنّ طريق الخلاص يمرّ قبل كل شيء عبر “اقتصاد المقاومة” الذي يركّز على الإنتاج والاستثمارت المحلية.
وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات أو بإمكانية إجراء دورة ثانية في 26 أيار/مايو في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الأصوات. وسيشكل ذلك سابقة في إيران، ذلك ان جميع الرؤساء السابقين تم انتخابهم في الدورة الأولى.
وفي هذا الإطار، دعا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الأربعاء مواطنيه إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات الجمعة ليثبتوا “للأعداء” ما تتمتع به البلاد من عزم وأمن وهدوء. وقال خامنئي مخاطبا آلاف الأشخاص الذين تجمعوا في حسينية الإمام الخميني بطهران “إن للشعب الإيراني أعداء وما عليه إلا أن يثبت مرة أخرى عزمه الراسخ على المشاركة في الانتخابات ويبين للعالم أجمع ما يتمتع به من أمن واستقرار وهدوء”. وأضاف “أن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين والصهاينة يراقبون انتخاباتنا ليروا مستوى المشاركة” معتبرا أنه متى كانت هذه المشاركة “كبيرة فإن حكمهم سيكون مختلفا”.
ولا يعلّق سكان الأحياء الشعبية في طهران آمالا كبيرة على التغييرات التي قد تطرأ على حياتهم اليومية بعد الانتخابات، أياً تكن نتيجتها. وفي أحياء طهران الشعبية الأكثر تضررا من البطالة والفقر، تسود اللامبالاة حيال من سيفوز بسبب انعدام الثقة بالتغييرات التي يمكن أن يحققها الرئيس المقبل كائنا من يكون.
وفي محاولة لتعبئة الناخبين، شدّد المرشحون لهجتهم تجاه بعضهم البعض، واتهم المحافظون المقربين من روحاني بالفساد. في المقابل، اتهم روحاني كلاً من رئيسي ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي الاثنين مقدما دعمه لرئيسي، بأنهما من “أنصار العنف” ومن “المتطرفين” الذين “ولى زمانهم”.