انقلاب في لبنان- نهب وفساد (١٠)
نهب وفساد
شخصيات الرواية بتسلسل ظهورها:
نريمان: سيدة مجتمع ثرية زوجة مصرفي لبناني
سامي: ضابط عضو في الأركان
جورج: ضابط في الشرطة
حسن: ضابط في الأمن العام
محمد: ضابط سلاح مدرعات
مروان: ضابط في أمن الدولة
فارس: عقيد في الدرك
انطوان: عقيد في فوج المشاة
خارج حلقة الانقلاب
فرانسوا: رجل مخابرات فرنسي
دونالد: رجل مخابرات أميركي
ناصيف: زوج ناريمان
روبير: مخابرات فرنسية مدير العمليات الخارجية
رولان: مدير الأمن العسكري اللبناني
طانيوس: جندي بحري هو مرافق مروان
ليديا: الخادمة الفيلبينية تعمل لدى ناريمان
منير: استاذ جامعي (اقتصاد وإحصائيات)
شربل: استاذ جامعي ( سياسة وإدارة أعمال)
بشارة: استاذ جامعي (قانون وحقوق)
جون: فيليبيني زوج داليا يخدم في منزل ناريمان
يمكن العودة إلى الحلقات السابقة على نفس الصفحة
لزم الجميع الصمت بعد أن تحدث منير عن كيفية يردع الطاقم السياسي الشعب بالتهديد…
التفت منير نحو شربل وابتسم له وقال: يستطيع الدكتور شربل أن يشرح لنا كيف يمكن ترويع الشعب بطرق بعيدة جداً عن العنف، كيف يتم تدجين الشعب والإمساك به كما يمسك الإنسان بالدابة…تفضل دكتور.
ابتسم شربل وأصلح من جلسته وقال:
– صحيح ! توجد طرق عديدة لمنع الشعوب من المطالبة بحقوقها ومن السعي لحياة كريمة… ومعظم الالاعيب مخبأة ومدسوسة ضمن القرارات التطبيقة، وليس القوانين. اشرح القانون هو تحت مجهر المراقبة، وعندما يصدر قانون تنكب الجموع على دراسته وينظر به محلس الشورى ليرى ما إذا كان يتضارب مع الدستور الأساسي في البلاد. لذا لا تشوب القوانين أي شائبة، لا بل على العكس يكون القانون مثالي، خصوصاً وأن المنظمات الدولية باتت تدس أنفها في القوانين الصادرة في كافة بلدان العالم.
– طيب إذا كانت القوانين صالحة فلماذا نرى هذا الاعوجاج؟ قاطعته ناريمان، لكنه أكمل:
– القانون يفرض إطاراً لتنفيذ ولكن يجب إصدار قرارات إجرائية أي مراسيم كيفية تطبيق القانون الصادر، وهذا يصدر عن الوزير المختص، وبالطبع لا يتابع أبداً المواطن هذه المراسيم التي تصدر عن مكتب الوزير. وهنا تنصب الفخاخ للمواطنين وينتشر الفساد. وهكذا فإن الحكومات التي تمثل كافة كل القوى السياسية في البلد تناقش القوانين على خلفية المنفعة التي سيدرها القانون للوزير حامل تلك الحقيبة.
-أعطينا مثال على هذا المسار. مرة ثانية دخلت ناريمان على الخط.
– الكسارات أفضل مثال. يعلم الجميع أن الكسارات هي محميات سياسية ويقول كل الوزراء عندما يستلمون هذا الملف أن الكسارات تشكل مصدراً من مصادر التمويل الذي تبحث عنه الحكومات.ومن حين لآخر تصدر مراسيم جديدة لتنظيم عمل الكسارات، ويبرر الزراء دائما المراسيم الجديدة بنفس التعابير والكلمات التي استعملها من سبق للتعاطي بهذا الملف: أصحاب الكسارات شوهوا لبنان وهم لا يدفعون أيّ ضريبة للدولة.
يصدر المرسوم الي يحمل طابعاً حمائياً، ثم تأتي التعديلات عليه وتفرغة من مضمونه، فالمرسوم رقم ٨٨٠٣ على سبيل المثال أدخلت ثلاث تعديلات عليه، إلا أن التنفيذ لروح النص لم يحصل على أرض الواقع. وقد عدل هذا المروسم بأخر حمل الرقم ١٧٣٥ وجاء نتيجة عمل لجنة وزارية صبت من خلاله إلى تسهيل وقوننة إصدار تراخيص قانونية لاستثمار المقالع والكسارات ومحافر الرمل بشكل يوفق بين الحفاظ على البيئة والاستعمال المستدام للموارد الطبيعية من جهة، وتأمين حاجة قطاع البناء إلى مواد البحص والرمل من جهة أخرى. والنتيجة؟ لا شيء!
إعتبرت في حينها وزارة البيئة في الأسباب الموجبة للتعديل أن تنظيم إصدار تراخيص لاستثمار المقالع والكسارات ومحافر الرمل يضمن للدولة عائدات من ضرائب ورسوم، الامر الذي يشكل مصدراً مالياً لخزينة الدولة، اضافة الى تطبيق مبدأ الملوث يدفع من خلال الاستفادة من الكفالات المصرفية التي تودع لقاء استثمار اصحابها للمقالع والكسارات والمرامل وعبر استخدام هذه الكفالات لاعادة تأهيل المواقع المستثمرة في حال تخلف أحد المستثمرين عن القيام بموجباته المفروضة عليه بموجب قرار الترخيص.
ولكن حين يبدأ عمل الكسارات لا يحترم المستثمر شروطاً بيئية مفروضة عليه مثل تحديد المسافات التي يجب أن تفصل بين المقالع والكسارات والمرامل وبين أماكن معينة منها على سبيل المثال لا الحصر المستشفيات ودور العبادة واماكن السكن والينابيع والمدارس، والمواقع الاثرية. هل تنظم محاضر جزائية بحق المخالف؟ رغم أن الدولة تمسك بكفالات مالية يمكنها حسمها عند أول مخالفة؟ لا يحضل شيء لأن الوزير لا يعطي موافقته على محاسبة المخالفين.
– لماذا؟ قاطعته ناريمان مرة أخرى وكأنها تتحدث باسم الجميع.
– لأن الجميع مرتبطين بنظام إفادة واستفادة.
تنفس شربل قليلاً ثم تابع:
– هذا مثال بسيط لأن الجميع اليوم يتحدث عن الكسارات والمقالع التي شوهت لبنان. المشكلة أنّ صاحب المقلع او الكسارة الذي يأخذ الرخصة بناء على شروط معينة تلزمه باستصلاح الارض بعد انتهاء العمل فيها، لا ينفذ هذه الشروط، بحيث يقوم صاحب الكسارة بجعل الارض واديا لا يصلح لشيء ويشوه الطبيعة. والكفالة التي يعطيها المستثمر لا قيمة لها إذا أرادت الدولة استصلاح الأرض ذلك أن استصلاح الارض يكلف أكثر بكثير من هذا المبلغ البسيط مقارنة بما تنتجه الكسارة. حتى أن بعض الكفالات تتم إعادتها من دون أي تحفظ.
– والحل؟ سأل فارس. في مثل هذه الحالات ما هي الحلول التي تقترحها دكتور؟
– الحل هو تطبيق القانون فكما قلت فإن القان جيدة ولكن المراسي التطبيقية والتنفيذ يخضع لعامل الفساد.
– الكسارات تشكل مثالاً جيداً، ولكنها لا تحتل حيزاً كبيراً في اقتصاد البلاد مثل الخليوي أو المشتقات النفط أو وضع اليد على شواطئ البلاد… أو حتى الفساد في الجمارك فلبنان يستورد تقريباً ٨٥ في المذة من استهلاكه … ودخول هذه المستوردات عبر الجمارك تشكل أيضاً ملف فساد من الباب الأول…
– الخليوي… ماذا يمكننا أن نفعل للننظم هذا المضمار… سألت ناريمان وهي تنظر إلى هاتفها الخليوي المذهب…
( يتبع)