هكذا حصلت كوريا الشمالية على محركات صواريخها
أفادت دراسة نشرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الاثنين ان التقدم السريع الذي أحرزته كوريا الشمالية في تطوير صواريخ بعيدة المدى مؤخرا عائد إلى محركات صواريخ حصلت عليها من مصنع في الاتحاد السوفياتي سابقا.
وأكد مايكل ايلمان من المعهد ان الصواريخ المستخدمة في تجارب كورية شمالية اخيرة اعتمدت على محرك آر دي-250 الذي كان ينتج في مصنع في مدينة دنيبرو، في ما أصبح اوكرانيا المستقلة بعد انهيار الكتلة السوفياتية.
وتمكنت بيونغ يانغ في عامين من تطوير نوع جديد من الصواريخ المتوسطة المدى هو طراز هواسونغ-12 إضافة إلى الصاروخ هواسونغ-14، وهو صاروخ بالستي عابر للقارات تمت تجربته بنجاح مرتين في الاسابيع الاخيرة.
أضاف التقرير ان هذه المحركات ربما تم شراؤها من عمال فاسدين في مخازن ذخائر في مناطق أصبحت اليوم دولتي روسيا واوكرانيا الخصمتين، قبل ان تهربها شبكات إجرام الى كوريا الشمالية، في فترة ما، بين انهيار الاتحاد السوفياتي واندلاع الازمة الاوكرانية الراهنة.
وتقوم كوريا الشمالية منذ تزودها بصاروخ سكاد السوفياتي الصنع في السبعينات بتجارب لتكنولوجيا الصواريخ. لكنها قبل الفترة الأخيرة واجهت صعوبات في بناء صاروخ عابر للقارات قادر على حمل رأس نووي الى أهداف في الولايات المتحدة.
وأشارت آخر تقارير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وغيره الى تخلي نظام كيم جونغ اون عن محاولات تعديل محرك او كا بي-456 الروسي الصنع وانتقاله الى محرك آر دي-250، ما ادى الى نتائج مذهلة وتنذر بالكارثة في آن.
أنتجت هذه المحركات اثناء الحقبة السوفياتية في مصنع يوجماش التابع لمكتب يوجنويي للتصميم في دنيبرو، المدينة الواقعة حاليا في وسط أوكرانيا على بعد 150 كلم تقريبا من منطقة الحدود الروسية المضطربة التي يسيطر عليها انفصاليون أوكرانيون موالون لموسكو.
وردت أوكرانيا بغضب على تقرير صحيفة نيويورك تايمز الاميركية حول الدراسة والذي سلط الضوء على المصدر الأوكراني للتكنولوجيا، مشددة على أن مصنع يوجماش لم ينتج صواريخ عسكرية منذ استقلال اوكرانيا وان لا علاقة له إطلاقا ببرنامج بيونغ يانغ الصاروخي النووي.
لكن دراسة المعهد لا تناقض هذه التصريحات، بل تشير الى احتمال بقاء محركات الصواريخ في الحفظ اثر انهيار الاتحاد السوفياتي، سواء في مناطق تقع ضمن ما أصبح اليوم روسيا الاتحادية أو أوكرانيا المستقلة.
وقالت الدراسة “كان متاحا لأي طرف بين الكثيرين من تجار الأسلحة او شبكات الجريمة او المهربين الدوليين الناشطين في الاتحاد السوفياتي … استدراج مجموعة صغيرة من العمال المستاءين او الحراس الذين يتقاضون رواتب ضئيلة في أي من مواقع التخزين … لسرقة بضع عشرات من المحركات”.
اضافت ان “هذه المحركات (بارتفاع أقل من مترين وعرض أقل من متر) يمكن نقلها جوا او، على الارجح، بالقطار عبر روسيا الى كوريا الشمالية”.
كما شمل التقرير صورا نشرها نظام كيم جونغ اون تظهر نقاط تشابه بين الصواريخ التي تمت تجربتها مؤخرا وتصميم آر دي-250 لصاروخ بالوقود السائل.
اضاف ايلمان في التقرير ان “هذا لا يعني ان الحكومة الاوكرانية كانت بالضرورة متورطة، او حتى إداريي يوجنويي”.
وتابع ان “العمال في منشآت يوجنويي في دنيبر وبتروفسك وبافلوغراد كانوا على الارجح أول ضحايا التدهور الاقتصادي، ما جعلهم عرضة لاستغلال قادة فاسدين وتجار أسلحة ومجرمين دوليين ناشطين في روسيا واوكرانيا وغيرهما”.
كذلك أكد قسم التسويق في مصنع يوجماش ان الشركة “لم تكن لها في اي وقت، وليست لها حاليا، اي علاقة ببرامج كوريا الشمالية الصاروخية فضائية كانت أو دفاعية”.
من جهة أخرى استغل امين عام مجلس الامن الوطني والدفاع الاوكراني اولكساندر تورشينوف التقرير لمهاجمة موسكو مؤكدا “نرى ان هذه الحملة ضد اوكرانيا اطلقتها المخابرات الروسية للتغطية على مساهمتها في برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي”.
مع اشتعال الجدل لجأ ايلمان إلى تويتر لتوضيح خلاصاته.
وكتب “اريد التوضيح بشأن مصدر محرك الصاروخ البالستي العابر للقارات العائد لكوريا الشمالية. قد يكون يوجنويي أحد المصادر المحتملة، بين مصادر أخرى في روسيا”، مضيفا أنه لا يعتقد ان حكومة كييف الحالية تغاضت عن العملية او حتى علمت بها.
ولفت على ما فعل التقرير الى ان اوكرانيا اوقفت في الواقع شخصين في تموز/يوليو 2012 اشتبهت في انهما عميلان كوريان شماليان حاولا سرقة أسرار من مكتب يوجنوي للتصميم في دنيبرو.
كما شاطر خبراء اخرون خلاصة مفادها ان جولة التجارب الصاروخية الاخيرة التي اجرتها بيونغ يانغ وضاعفت من حدة التوتر بين الدولة الشيوعية المعزولة والولايات المتحدة، شملت صواريخ استندت الى محرك آر دي-250.
وفي الاسبوع الاخير أصدرت “نشرة علماء الذرة” تقريرا أعرب عن مخاوف حيال انتقال كوريا الشمالية الى محرك يوجنويي، بعد استخدامها طرازا سابقا سوفياتي التصميم أيضا فشل في عدد من التجارب.
اضاف معدو التقرير ان هذا “يثير تساؤلات جديدة قد تنذر بالشؤم حول تنوع وكمية محركات الصواريخ السوفياتية التي ربما حصلت عليها كوريا الشمالية اثناء انهيار الاتحاد السوفياتي”.