فرنسا: تظاهرات تندد بسياسة ماكرون الاجتماعية
احتشد الخميس عشرات الآلاف من معارضي الإصلاحات التي ينوي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إدخالها في أسرع وقت ممكن على قوانين العمل، على أمل زيادة الضغط عليه قبل أيام من تطبيقها.
ورفع المتظاهرون في العاصمة باريس ومدن أخرى لافتات كتبت عليها شعارات من قبيل “ماكرون، الدمية في أيدي أصحاب الأعمال” و”تراجع عن قانون العمل” و”قانون ماكرون هو من أجل أصحاب الأعمال”.
وتأتي المسيرات والإضرابات بعد أسبوع من تظاهر مئات الآلاف من الأشخاص ضد الاجراءات، في أكبر موجة احتجاجات شعبية تنظمها النقابات منذ انتخاب ماكرون في أيار/مايو.
ويتوقع خروج المزيد من المسيرات السبت التي سينظمها حزب اليسار المتشدد “فرنسا المتمردة”.
وقال فيليب مارتينيز، الأمين العام لاتحاد الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) المدعوم من قبل الشيوعيين والذي دعا إلى المسيرات يوم الخميس إن “الأهم اليوم وفي الأيام والأسابيع المقبلة أن يزداد زخم التحرك”.
إلا أن ماكرون (39 عاما) أصر أن حكومته لن تتراجع عن الإصلاحات التي ستسهل على الشركات القيام بعمليات توظيف وإقالة.
وأكد ماكرون من نيويورك الأربعاء أن “الديموقراطية لا تحدث في الشارع،” مصرا على أن الفوز الكاسح الذي حققه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أيار/مايو وحزيران/يونيو يخوله ادخال التغييرات التي يريدها.
وقال الاستاذ الفخري في معهد الدراسات السياسية في باريس، فيليب برو، إن لدى الحكومة اليد العليا وسط “ضعف (حركة الاحتجاجات في فرنسا) على مدى الأعوام العشرة الماضية”.
وأكد برو لوكالة فرانس برس أن “هناك نوعا من التسليم في أوساط الفرنسيين بالإصلاحات التي ينظر إليها على أنها ضرورية،” مشيرا إلى أن تمريرها سيشكل “فوزا كبيرا بالنسبة لماكرون”.
وعزز موقف الرئيس كذلك الانقاسامات التي أصابت الحركة العمالية حيث ابتعدت نقابتا “فورس اوفريير” (اف او) و”الكونفدرالية الديموقراطية للعمل” (سي اف دي تي) عن دعم الاحتجاجات والإضرابات.
وبقيت الاضطرابات التي طرأت على عمل الشركات والخدمات العامة محدودة الأسبوع الماضي.
وأقر مارتينيز الخميس أنه “عندما تنقسم النقابات والعمال، يفوز عادة أصحاب الشركات،” داعيا نظراءه مجددا إلى الانضمام إلى التحرك.
وصُممت الإصلاحات، التي يتم تسريع تطبيقها من خلال إصدار مراسيم، لمنح أصحاب الأعمال المزيد من المرونة للتفاوض مع العمال على المسائل المرتبطة بالأجور وظروف العمل فيما تقلل من تكاليف إقالة الموظفين.
ويشير استطلاع للرأي نشرته مؤسسة “بي في ايه” إلى انقسام الرأي العام حيال الإصلاحات حيث رأت الأكثرية أنها ستعزز تنافسية فرنسا ولكنها لن تحسن ظروف عمل الموظفين.
ولكن ماكرون يصر على أنها ستشجع على التوظيف وهو ما سيساعد في تقليل نسبة البطالة المرتفعة والتي تبلغ 9,5 بالمئة، وهي رؤية أعرب صندوق النقد الدولي عن دعمه لها الخميس.
وأفاد صندوق النقد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له أن اصلاحات قوانين العمل، مصحوبة بالتخفيض المقترح للضرائب والإنفاق العام، ستساعد في زيادة النمو الاقتصادي الذي يتوقع أن يصل إلى 1,6 بالمئة هذا العام.
وأشار تقرير الصندوق فيما يتعلق بفرنسا إلى أن “الآفاق متوسطة المدى ستعتمد بشكل كبير على تطبيق أجندة الإصلاح،” مضيفا أن لدى ماكرون “فرصة مهمة”.
وفور إقرار مجلس الوزراء للاجراءات الجمعة، سيتم نشرها في الصحف الرسمية حيث ستتحول إلى قانون.
ويعد استخدام المراسيم طريقة لتمرير الاجراءات بشكل سريع لتجنب معركة مطولة عليها في الشوارع، وهو ما حصل العام الماضي عندما أدخل سلف ماكرون، فرنسوا هولاند، تغييرات جديدة على قانون العمل.
– “انقلاب اجتماعي” –
وبينما قد تنجح الاستراتيجية في إصلاح قواعد العمل المعقدة في فرنسا، يرى معارضوها أن اتباع ماكرون لهذا الأسلوب يغذي التصورات بأنه زعيم استبدادي.
وساهمت الانتقادات الموجهة إليه بأنه متحفظ وأحيانا استبدادي في تراجع شعبيته بشكل كبير حيث بلغت نسبة التأييد له 44 بالمئة، بحسب استطلاع نشره معهد “أودوكسا” الاثنين.
وسخر ماكرون من معارضيه مطلع الشهر الجاري حيث وصفهم بـ”الكسالى والمشككين والمتطرفين”.
وتحولت تعليقاته إلى هتاف في أوساط المتظاهرين، حيث تفاخر العديد منهم بوصف أنفسهم بـ”الكسالى” خلال احتجاجات الأسبوع الماضي.
ولكن برو يرجح أن ماكرون “لا يأبه بشعبيته، حيث يدرك أنه لن يُهزم في الشارع”.
من جهته، انتقد زعيم حزب “فرنسا المتمردة”، جان لوك ميلانشون، الإصلاحات التي وصفها بأنها لا تقل عن “انقلاب اجتماعي”.
وبرز ميلانشون، وهو يساري متشدد، كزعيم للمعارضة ضد ماكرون في وقت تنشغل باقي الأحزاب السياسية بالسجالات المتعلقة بنتائج الانتخابات أو تبحث عن زعماء جدد.