رويترز: واشنطن تحدد لحلفاءها شروط تعديل الاتفاق النووي مع ايران
حددت الولايات المتحدة مسارا يلتزم بموجبه ثلاثة حلفاء أوروبيين بوضوح بمحاولة تعديل الاتفاق النووي مع إيران بمرور الوقت في مقابل إبقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاتفاق بتجديد تعليق العقوبات الأمريكية في مايو أيار المقبل.
ولكن هذا المسار الموضح في برقية لوزارة الخارجية حصلت رويترز على نسخة منها وفي مقابلة مع مسؤول بارز بالوزارة هذا الأسبوع ما زال يواجه صعوبات. فقال مسؤولان أوروبيان ومسؤولان أمريكيان إن الحلفاء الأوروبيين لا يعرفون بدقة ما الذي يمكن أن يرضي ترامب ويحجمون عن هذا الالتزام خوفا من أن يطالبهم بالمزيد.
وقال خمسة مسؤولين أوروبيين حاليين وأربعة مسؤولين أمريكيين سابقين إن الوصف الوارد في البرقية لما تريده الولايات المتحدة من الأوروبيين، وهو ما لم ينشر من قبل، يضع معايير أدنى مما طالب به ترامب في يناير كانون الثاني وهو ما قد يساعد على تلاقي وجهات النظر.
وجاء في البرقية ”نريد التزامكم بالعمل معا سعيا إلى اتفاق تكميلي للتعامل مع تطوير إيران للصواريخ بعيدة المدى أو اختبارها ويضمن تفتيشا محكما تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويصلح العيوب المتعلقة ببند المدة الزمنية“.
وكان جوهر اتفاق يوليو تموز عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية كبرى هي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة هو أن تقلص إيران برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات التي كانت تشل اقتصادها.
ويرى ترامب ثلاثة عيوب هي فشل الاتفاق في التعامل مع برنامج إيران للصواريخ الباليستية والشروط التي يمكن للمفتشين الدوليين بموجبها زيارة مواقع إيرانية يشتبه أنها تتعلق بالبرنامج النووي وبند الفترة الزمنية الذي تنقضي بموجبه القيود المفروضة على إيران بعد عشر سنوات. ويريد تحسين العيوب الثلاثة حتى يتسنى للولايات المتحدة الاستمرار في الاتفاق.
ووجه ترامب إنذارا للقوى الأوروبية يوم 12 يناير كانون الثاني قائلا إنه يتعين عليهم الموافقة على ”إصلاح العيوب المزعجة بالاتفاق النووي الإيراني“ وإلا فإنه سيرفض مد تعليق العقوبات الأمريكية على إيران يوم 12 مايو أيار. وقال ”هذه فرصة أخيرة“.
ورفضت وزارة الخارجية التعليق على البرقية قائلة إنها لا تناقش المراسلات الداخلية. ولم يرد البيت الأبيض على طلب التعليق على ما سعى إليه ترامب في تصريحه يوم 12 يناير كانون الثاني أو كيف يرى المسار الموضح في البرقية.
يرى بعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين أن من المستحيل التوصل إلى اتفاق دولي شامل بحلول المهلة المحددة وغايتها 12 مايو أيار حتى إذا كان هناك توافق بشأن القضايا الأساسية وهو أمر ليس قائما.
ووصف مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية خلال مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي الجهود المبذولة مع الأوروبيين في هذا الصدد بأنها عملية من مرحلتين.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستسعى خلال المرحلة الأولى وهي من 12 يناير كانون الثاني إلى 12 مايو أيار لإقناع الأوروبيين بالاتفاق على نقاط الضعف التي يتعين إصلاحها.
وقال ”نريد التزاما منهم بضرورة معالجة أوجه القصور هذه… وموافقة على أنهم سيحاولون التوصل إلى اتفاق. هذا ما نتطلع إليه“.
وستتمثل المرحلة الثانية التي تبدأ على الفور بعد 12 مايو أيار في نقل هذا التفاهم إلى الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق وهي إيران وروسيا والصين للبحث عن سبيل لمعالجة هذه القضايا.
وقال المسؤول إن هناك ثلاثة طرق محتملة للمضي قدما في هذا الأمر وهي تعديل الاتفاق الحالي أو التفاوض بشأن اتفاق تكميلي أو السعي لقرار جديد من مجلس الأمن لإجراء التعديلات.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير إنه إذا سعت الولايات المتحدة لاتفاق تكميلي وهو أمر شائع فيما يتعلق بالحد من الأسلحة فسوف تحتاج إلى دعم إيران وروسيا والصين لكنها قد تكتفي فقط بموافقة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وفي سيناريو مثل ذلك قد تشكل الدول الأربع اتفاقا تكميليا خاصا بهم لفرض عقوبات إذا انتهك الإيرانيون أيا من الشروط الجديدة التي سيتم وضعها.
وفي اجتماع لم يتم الإعلان عنه من قبل سيجتمع مفاوضون أمريكيون مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في باريس يوم الثلاثاء لبحث كيفية تنفيذ مطالب ترامب.
قال مسؤولون أوروبيون في مقابلات إنهم لا يعرفون إن كانت الرؤية التي وردت في البرقية الدبلوماسية لوزارة الخارجية الأمريكية، والتي أرسلت إلى الدبلوماسيين الأمريكيين في لندن وباريس وبرلين وبروكسل لتسليمها لنظرائهم، ستحظى بالقبول في واشنطن أم لا.
وقالوا إن هذا يعود في نهاية المطاف إلى تقدير ترامب حول تجديد تعليق العقوبات الذي سينتهي في 12 مايو.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير يوم الجمعة ”هل غيرت إدارة ترامب موقفها؟ لا نعرف“.
وقال دبلوماسي أوروبي آخر يوم الجمعة ”ما نفعله الآن هو محاولة الوصول إلى أفضل حزمة ممكنة لإقناع ترامب“ في إشارة إلى مخاوف ترامب بشأن الصواريخ والمفتشين وشروط المدة الزمنية.
وأضاف ”لا أحد يعرف ما الذي يفعله ترامب أو يريده“.
ومن بين أسباب هذا التشوش وجود خلافات بين أجزاء مختلفة من الإدارة الأمريكية وعدم القدرة على التنبؤ بما سيفعله ترامب الذي يرفض أحيانا نصيحة مستشاريه للأمن القومي.
وقال ريتشارد بوتشر وهو متحدث سابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن برقية الخارجية ”أقل حدة“ من تصريح ترامب.
وأشار بوتشر وثلاثة مسؤولين أمريكيين سابقين آخرين إلى الخلاف بين طلب ترامب للثلاثي الأوروبي التوصل إلى ”اتفاق لإصلاح العيوب المروعة“ للاتفاق وبين اللغة الأقل حدة الواردة في البرقية والتي تطالب ”بالالتزام بالعمل سويا“ أو ”السعي“ لاتفاق تكميلي ”يعالج“ أوجه القصور بالاتفاق.
وقال بوتشر ”الرئيس بالنسبة لي يدافع عن مستوى أعلى. عليهم الاتفاق والتفاوض وعلينا التوصل إلى اتفاق. أي كان ما يقوله الآخرون فعلينا تفعيل التزاماتهم“.