سمير عيطة لـ “أخبار بووم”: النظام دفع إلى التسلّح
• بعض اطراف المعارضة تريد تكرار السيناريو الليبي
• النظام يريد الحوار مع ابقاء البندقية مسلطة على الرؤوس
• سحب المراقبين أعطى الضوء الأخضر للنظام لاستخدام الحل الامني
باريس – بسّام الطيارة
رئيس تحرير النسخة العربية من “لوموند ديبلوماتيك”، سمير عيطة، يقدّم رؤيته لواقع الأحوال في الأراضي السورية، وخصوصاً مع دفع النظام الناس إلى التسلح. ويرى أن هناك ثلاث سيناريوهات للحل، لكن أياً منها ليس وارداً حالياً، وخصوصاً بعدما أغلق النظام الباب على الحوار، من أن يوفر انتقاد بعض أطراف المعارضة التي تريد استجلاب “الحل الليبي”.
• هل هناك خطر الغوص في حرب أهلية؟
• مقارنة مع الأحداث الأخرى لما يسمى الربيع العربي، لم تسمح ظروف الشعبين اليمني والسوري كما حدث للشعبين المصري والتونسي بخروج الديكتاتوريين بسرعة. في سوريا بقي الاستبداد، حيث استعمل النظام كل الوسائل للدفع نحو العنف وتعقيد الأمور. بشار الأسد تحدى الجميع ولسان حاله: لن أترك الحكم إذا عليكم حمل السلاح، عليكم أن تتحولوا إلى طائفيين لأني لن أترك الحكم، أني ذاهب إلى أقصى ما يمكنني فعله حتى ولو تتطور الأمر إلى صراع تتداخل فيه الأطراف الإقليمية. الخيار الذي طرحه الأسد هو إما أن تكونوا معي أو نذهب إلى صراع.
لقد أظهر المواطنون شجاعة قوية. في البداية كانت التظاهرات سلمية، رغم أن قوات الأمن كانت تطلق عليهم النار كل مرة يخرجون بها. وبطبيعة الحال بدأ المواطنون بالتسلح للدفاع عن أنفسهم. في البداية كان الهدف حماية المتظاهرين ولكن مع الوقت بدأ الانزلاق نحو صراع مسلح خصوصاً في الشهر الماضي. ما يسمى بالجيش السوري الحر يضم بعض المنشقين عن الجيش ولكنه أساساً مؤلف من المواطنين من دون تراتبية ولا أي تنظيم هيكلي كان بشكل مقاومة مقاتلة. وهكذا بتنا أمام وضع معقد.
• ما هي الحلول الممكنة؟
• توجد ثلاثة حلول ممكنة، إذا نظرنا إلى ما حدث في الدول الأخرى التي شهدت ثورات في الربيع العربي: في مصر وتونس جاء الجيش يقول لرأس النظام أن يتنحى وهكذا حصل. في الواقع إن الجيش السوري بخلاف الجيش المصري، من حيث العقيدة، هو جيش معادي للولايات المتحدة، الجيش بعكس الجيش المصري الذي «يعطي أذنه» لما تقوله الإدارة الأميركية. عندما يقول باراك أوباما يجب طرد الرئيس، إنها إشارة للجيش المصري بضرورة ترحيل مبارك، ولكن عندما يقول أوباما هذا للجيش السوري فإن التوجه العام هو أن يفعل الجيش عكس تماماً. وقد ارتكبت المعارضة بعض الأخطاء حين اتهمت الجيش بالطائفية. كان من المفروض عوضاً عن ذلك إطلاق نداءات بعدم استهداف الشعب، هذا عمل سياسي كان مفروض أن يوجه نحو الجيش، فالجيوش عادة تعمل على فرض النظام، تطلق النار على المتظاهرين. لقلب هذا الوضع مطلوب القيام بتوعية سياسية في العمق، وهي عملية معقدة جداً. إن السهولة الظاهرة للحالتين التونسية والمصرية خلق وهماً بأن الجيش سوف يتحرك بسرعة، ولما لم يهب الجيش للمساعدة بدأ الحديث عن «جيش خائن جيش علوي»، وهذا الاتهام خطير جداً.
الحل لثاني الذي أطلق عليه تسمية «الحل الليبي»، لوث واقع البحث عن حل للمسألة السورية. إن التحرك الليبي بدأ ثورة سلمية تحولت إلى حركة عسكرية قبل أن تنزلق نحو التدخل العسكري. قسم من المعارضة ما زال الحل الليبي يغريه، إلا أنه ولأسباب متعددة ما زالت بعض شرائح من السوريين مع النظام. الحل الليبي يعني التخلص من الآخرين. في ليبيا ذهب ٨٠ ألف ضحية، وقياساً لعدد سكان سوريا يعني هذا ٣٠٠ ألف ضحية.
أما الحل الثالث، فهو الحل اليمني، أي يتنحى الرئيس ويتم تأليف حكومة انتقالية لمدة سنتين ونصف السنة مع دستور وممارسة ديموقراطية. ولكن علينا ملاحظة أن الرئيس اليمني خرج ولكن ما زالت عائلته تمسك بكافة مقاليد الحكم. ملاحطة أخرى أن الشعب اليمني المسلح جداً لم يستعمل سلاحه وحافظ على سلمية ثورته.
• هل يتطابق الوضع السوري مع هذا الحل؟
• هنا علينا أن نرى أن الأهداف هي التخلص من الاستبداد، كما هو الحال مع كافة الدول العربية، ويمكن التساؤل ما إذا كانت دول الخليج تؤجج الفوضى حتى لا يصل تسونامي الثورات إلى بلادها. إذ إن حلاً لسوريا معقد جداً ويجب أن يأخذ بعين الاعتبار بأن بعض المواطنين يستميتون في الدفاع عن النظام.
• هل صحيح أن ٥٠ في المئة من السوريين ما زالوا يدعمون النظام حسب ما تقوله دراسة نشرها مركز دراسات في قطر؟
• رأيت هذه الدراسة ولكن لا أعتقد بأن نصف الشعب السوري يدعم النظام. إلا أنه توجد أقلية تخاف من المستقبل. وبعض أوجه المعارضة الجديدة التي تبرز في وسائل الإعلام (وخص فرانس ٢٤) لا تتردد في تهديد الأقليات بما يمكن أن يفعلوه في حال وصولوا إلى الحكم، وهذا ما تفسره الأقليات بأنهم قادوم لقتلنا. إذا يوجد بعض مع النظام وبعض خائف مما يمكن أن يأتي بعد النظام. أضف إلى أن بعض المعارضة تقول لا حوار ولا مفاوضة، وهذا لا يعني إلا الحل على الطريقة الليبية. هنا يجب القول إن أول دعوة للحوار جاءت من النظام في حزيران وقسم من المعارضات، ومنها أنا، قررنا الذهاب والمشاركة تحت شرط واحد وهو وقف القتل، أي أن نترك التظاهرات السلمية وذلك من أجل أن يغلق المتظاهرون الشوارع والطرق بطريقة سلمية. وهذه قوة الثورات، أن يكون الشعب في الشارع بشكل كثيف. أجواء مماثلة، أي تظاهرات سلمية كثيفة في الشوارع متوازية مع حوار، يمكن أن تقود إلى الحل المنشود. ولكن إن الذين قرروا الذهاب للحوار تحت هذا الشرط وجدوا أن النظام هاجم قراهم وأحياءهم في اليوم التالي وكأنه يقول لهم: الحوار معنا يكون والبندقية مسلطة على رؤوسكم. وهنا توصلنا إلى أن لجنة مراقبين عرب يمكن أن تضمن تظاهرات سلمية. وكانت أول إشارة إلى ضعف النظام هو قبوله بلجنة المراقبين. أهمية هؤلاء كانت وجودهم لأن وجودهم يسهل التظاهر السلمي، وهو ما حصل، فقد خرج عدد أكبر من المتظاهرين، ولكن لأسباب كثيرة تم سحب هؤلاء المراقبين دون الإلتفات إلى أن وجودهم على الأرض كان مؤثراً.
إن سحب المراقبين كان مؤسفاً لأنه أعطى ضوءاً أخضر للنظام لإطلاق الحل الأمني كما أعطى إشارة للمتشددين الذين يريدون الحل العسكري لعنف مضاد بشكل يزيد الضغوط على مجلس الأمن للاستصدار قرار قوي. وها نحن نرى عدد القتلى يرتفع.
• ماذا عن الخطة العربية، وهل تقدم الحل المنشود؟
• الخطة العربية لا تقول ضرورة تنحي الأسد ولكنها تطالبه بنقل سلطاته إلى نائبه لتنظيم الانتخابات. ولكن الخطة تقضي بإبقاء قبضته على الجيش. ولكن بعض الأفرقاء يفسرون هذه الخطة بضرورة ذهاب الأسد. منهم المجلس الوطني الذي يقول إنه سوف يدير المرحلة الانتقالية مع الجيش. إذا هو يستبعد بعض مكونات المعارضة وهذه نقطة صعبة.