كندا تتصدى لترامب: مقاطعة السلع الأميركية ومطالبة بسلاح نووي
يواجه الكنديون التهديدات التجارية التي يطلقها الرئيس الاميركي وخطابه العدائي ضد بلادهم بمقاطعة البضائع الاميركية والامتناع عن السفر الى الولايات المتحدة، وصولا الى المطالبة بالسلاح النووي.
ويعكس رد الفعل الشعبي غضب الكنديين ازاء فرض الرئيس الاميركي دونالد ترامب رسوما جمركية مرتفعة على الصلب والالمنيوم المستورد من كندا وغيرها من الدول الحليفة لواشنطن، ومهاجمته رئيس حكومتهم جاستن ترودو.
ومع تراجع العلاقات الاميركية الكندية الى أدنى مستوياتها، واتساع الخلافات التجارية الى المجال الجوي وقطاع الاخشاب وصولا الى قطاع صناعة السيارات، يتّحد الكنديون أكثر فأكثر خلف ترودو.
وترجمت فورة الروح الوطنية الكندية عبر وسوم (هشتاغ) على تويتر مثل (قاطعوا الولايات المتحدة) و (اشتروا البضائع الكندية) و (اقضوا الاجازة في كندا)، كما وحثّ الكنديين على عدم شراء المنتجات الاميركية كالكتشاب والقهوة والسيارات.
وكتبت ترايسي هيرش المقيمة في فانكوفر على تويتر “اعتقد انني ساصاب بالغثيان لمجرد رؤية العلم الاميركي على الحدود. نقودي المخصصة للسياحة لن تُنفق في الولايات المتحدة”.
ونشر آخرون صورا كتب عليها “عربات تسوق خالية من ترامب (المنتجات الاميركية)” وقالوا انهم سعداء بشراء الفراولة الكندية بضعف الثمن بدلا من أصناف أميركية مستوردة، او استغراق تسوقهم وقتا مضاعفا حرصا على تجنب البضائع الاميركية.
كذلك تلقت متاجر البيع بالتجزئة الكندية مطالب بالتخلص من ربطات عنق ترامب والعلامة التجارية التي تملكها ابنته ايفانكا.
واوردت صحيفة “ناشونال بوست” الكندية مقالا تطرق إلى بناء قنبلة ذرية من أجل اكتساب نفوذ في مواجهة الولايات المتحدة على غرار ما فعلته كوريا الشمالية.
وجاء في المقال “لدينا اليورانيوم، والمعرفة ورغبة مفاجئة لكي تحترمنا جارتنا الاكثر قربا”.
ويبدو ان الحملة التي راجت على مواقع التواصل وخشي البعض أن تؤدي الى نتائج عكسية، تمكنت من استقطاب عدد من الأميركيين.
وعلّق رسام الكاريكاتير جو ووس المقيم في بيتسبرغ على وسائل التواصل الاجتماعي حيث كتب “أنا اميركي لكنني سامضي العطل في كندا هذا العام دعما لاصدقائنا وجيراننا في الشمال”. “.
وحذر البروفسور في كلية الاعمال في جامعة كوينز في كينغستون في اونتاريو كين وونغ من “ردود الفعل الانفعالية”.
وقال البروفسور وونغ إن اندلاع حرب تجارية “يضر بالجميع” عبر الاندفاع “الى حيث يريد ترامب”، متسائلا “هل المقاطعة قابلة للتطبيق؟ نعم. هل ينصح بها؟ على الأرجح لا”.
وفي 2017 بلغت قيمة التبادلات التجارية من السلع والخدمات بين الولايات المتحدة وكندا 673,9 مليار دولار، مع تسجيل فائض لمصلحة واشنطن (8,4 مليارات دولار)، بحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.
وتعتبر الولايات المتحدة المقصد السياحي الاول لتمضية العطل بالنسبة للكنديين الذين اجروا 42 مليون رحلة في 2017 الى الاراضي الاميركية.
واستخلص تقرير لمركز الابحاث الكندي “سي دي هاو انستتيوت” ان ادارة ترامب تتعمد استفزاز الآخرين. واورد التقرير ان “ادارة ترامب تعتمد الضبابية سلاحا جديدا من اجل حماية التجارة”.
ويقول الباحثان ميريديث مراولي ودان تشورياك إن ترامب يريد دفع الشركات الاميركية الى اعادة مصانعها الى الاراضي الاميركية وتقليص استثماراتها خارج الولايات المتحدة لتفادي اقفال السوق الاميركية امام منتجاتها.
واشار الباحثان الى “ادعاءات تتخطى المعقول، ومطالب، وتهديدات تُسحب، ثم يعاد تأكيدها، وهكذا دواليك” بما في ذلك انسحاب الولايات المتحدة او تهديدها بالانسحاب من اتفاقات تجارية كبرى، وفرض رسوم، وتقويض دور منظمة التجارة العالمية.
لكن، وعلى الرغم من التوترات الاخيرة، تعهد مسؤولون كنديون المضي قدما في المحادثات مع الولايات المتحدة لتعديل معاهدة التبادل الحر في اميركا الشمالية (نافتا) الموقعة بين واشنطن واوتاوا ومكسيكو.
لكن المسؤولين الكنديين يأسفون لتعذر تليين موقف ترامب، لا سيما بعد انتهاء قمة مجموعة السبع التي استضافتها كندا باتهامات متبادلة.
واثار ترودو غضب ترامب بقوله إن قرار الرئيس الاميركي باستخدام الأمن القومي كذريعة لتبرير فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والالمينيوم امر “مهين” لقدامى المحاربين الكنديين الذين وقفوا الى جانب حلفائهم الاميركيين إبان الحرب العالمية الاولى.
وقال ترودو “الكنديون مهذبون وعقلانيون لكننا لن نقبل تلقي الأوامر من أحد”.
وأكد ترودو ان بلاده تتجه لـ”فرض تدابير انتقامية في 1 تموز/يوليو، بحيث سنفرض رسوما مساوية لتلك التي فرضها الأميركيون بشكل غير منصف علينا”.
في المقابل اتهم ترامب ترودو بـ”الضعف وعدم النزاهة” وقال إن تصريحاته ستكلف كندا “الكثير من المال”.
وكان بيتر نافارو، المستشار الاقتصادي للرئيس الاميركي، قال لشبكة “فوكس نيوز” الاخبارية الاميركية إن “أي زعيم أجنبي يتصرف بسؤ نية إزاء الرئيس دونالد ترامب سيكون مصيره جهنم”، الا ان نافارو عاد وقدم اعتذارا عن تصريحاته.
وقال مارك بالغاتش أستاذ الصحافة في جامعة رايرسون في مقال نشرته صحيفة “تورونتو ستار” الكندية “اذا تعمّد هذا الرئيس توجيه اللكمات الى وجهك وتناول غذاءك، لماذا تستمر في الادعاء بانه جار عظيم وفي الذهاب الى بلاده لقضاء وقتك وإنفاق أموالك”.