اليوم بدأت النساء في السعودية قيادة السيارات
اليوم بدأت النساء في السعودية قيادة السيارات في شوارع المملكة بعد رفع الحظر الذي استمر لعقود، في خطوة اصلاحية تاريخية قد تفتح أبواب المملكة المحافظة على مرحلة جديدة من المرونة الاجتماعية بعد عقود من التشدد.
وقالت سبيكة الدوسري بعد قيادتها سيارتها في مدينة الخبر في شرق السعودية لوكالة فرانس برس “انها لحظة تاريخية في حياة كل امرأة سعودية”.
وينظر الى رفع الحظر، الذي يأتي بعد سلسلة توقيفات طالت ناشطات سعوديات في مجال حقوق الانسان، على انه أبرز التغييرات الاجتماعية التي تشهدها المملكة منذ تسلم ولي العهد الشاب الامير محمد بن سلمان منصبه قبل عام.
ومن المتوقع ان تبدأ آلاف النساء قيادة السيارات فورا في السعودية التي كانت حتى آخر دقيقة من يوم السبت البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من القيادة.
وكان ينظر الى الحظر على انه أكثر الاجراءات قمعا للمرأة، وسيؤدي رفعه الى تغيير كبير في الحياة اليومية للنساء اللواتي لن يعدن بحاجة الى سائقين ذكور للتنقل وسيتمكنّ من توفير الأموال التي كانت تدفع لصالح هؤلاء السائقين.
وقالت هاتون بن دخيل (21 عاما) طالبة الصيدلة “اينما نريد ان نذهب، مستشفيات او فنادق او مطاعم، نستطيع الان ان نقوم بذلك وحدنا”. وأضافت “لم نعد بحاجة الى رجل”.
وكانت المملكة بدأت في حزيران/يونيو الحالي باصدار رخص القيادة للنساء للمرة الاولى منذ عقود، وقامت النساء اللواتي يمتلكن رخصة قيادة دولية باستبدالها برخصة سعودية.
وتشير شركة “برايس واتر هاوس كوبرز” للاستشارات الى ان عدد السعوديات اللواتي سيتملكن رخص قيادة بحلول عام 2020 قد يصل الى ثلاثة ملايين.
وسمحت السلطات، منذ صدور القرار الملكي القاضي برفع الحظر في ايلول/سبتمبر الماضي، بفتح معاهد تعليم قيادة السيارات والدراجات النارية في المدن الكبرى، وبينها الرياض وجدة، في مشهد لم يكن مألوفا لعقود.
وعبرت سعوديات عن تشوقهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأخذ والداتهن في سياراتهن من اجل شراء القهوة او البوظة، مع رفع الحظر.
وعلى مدى عقود، قال رجال دين متشددون في المملكة ان السماح للنساء بقيادة السيارة “معصية”، وان المرأة تفتقد للذكاء الكافي للممارسة حقها هذا.
ويرى خبراء ان القرار جاء بتحفيز من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المملكة بسبب تراجع اسعار النفط.
ومن المتوقع ان تساعد هذه الخطوة على تعزيز إمكانات عمل النساء. وتقدّر وكالة بلومبرغ المالية ان الخطوة ستساهم في إضافة 90 مليار دولار الى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030.
لكن السيدات اللواتي يرغبن بقيادة السيارات يتخوفن من ان يصبحن عرضة لهجمات من المحافظين، في دولة يمارس فيها الاقارب الذكور – سواء الاب او الزوج او غيرهم من الذكور – الوصاية على النساء من خلال نظام “ولاية الرجل”.
وتمهيدا لرفع الحظر عن قيادة السيارات، قامت السعودية باقرار قانون يعاقب المتحرش بالنساء تصل العقوبة فيه الى السجن مدة خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 300 الف ريال (80 ألف دولار).
والسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة سبقته خطوات اصلاحية اجتماعية عديدة، بينها اعادة فتح دور السينما واقامة فاعليات موسيقية مختلطة، ضمن حملة تغييرات قال ولي العهد انها تهدف الى اعادة المملكة للاسلام المعتدل.
وعلى الرغم من الايجابية التي ترافق وضع قرار السماح للنساء بقيادة السيارات موضع التنفيذ، تراجع الى حد ما التفاؤل حول الاصلاحات بعد اعتقال نشطاء بارزين لطالما دعوا الى رفع حظر القيادة.
وأعلنت السعودية في أيار/مايو الماضي اعتقال 17 ناشطا وناشطة بارزين في مجال حقوق المرأة، واتهمتهم وسائل اعلام محلية بالخيانة والعمل على تقويض استقرار المملكة. وتم الافراج عن عدد منهم ثم اعتقل آخرون.
ومن بين المعتقلات لُجين الهذلول البالغة من العمر 28 عاماً، والتي احتُجزت في العام 2014 لأكثر من 70 يوماً لمحاولة دخول المملكة وهي تقود السيارة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعزيزة اليوسف، الأستاذة المتقاعدة من جامعة الملك سعود بالرياض.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” هذا الاسبوع ان السلطات السعودية تمارس “قمعا مستمرا”، معلنة عن اعتقال الكاتبة والناشطة نوف عبد العزيز في 6 حزيران/يونيو الحالي بعد ان “عبّرت علنا عن تضامنها مع ثلاث من ناشطات حقوق المرأة اللواتي اعتقلن في أيار/مايو”.
في 10 حزيران/يونيو، اعتقلت السلطات الناشطة مياء الزهراني، صديقة نوف عبد العزيز، بعد أن نشرت رسالة طلبت منها عبد العزيز أن تعلن عنها في حالة اعتقالها، بحسب المنظمة الحوقية.
ووصف مراقبون كثيرون، من بينهم أشرس المؤيدين لولي العهد السعودي، اعتقال النشطاء بأنه “خطأ”.
لكن آخرين رأوا فيه تحركا محسوبا لاسترضاء رجال الدين في ظل حملة التحديث، ولتوجيه رسالة للنشطاء مفادها ان التغيير لا يحصل تحت الضغط انما بقرار من السلطات.
ورأت “هيومن رايتس ووتش” انه “إذا أقرت السلطات بدور النساء اللواتي ناضلن من أجل رفع الحظر عن القيادة، سيعني ذلك الإقرار بأنه يمكن كسب الإصلاحات من خلال النضال، ومن ثم قد يطالب السعوديون بالمزيد”.