سوريا: 100 قتيل وروسيا تحذّر من التدخّل
قتلت القوات السورية 100 مدني بعد أن توغلت في مدينة حمص الأربعاء، وفقا لروايات نشطاء المعارضة، بينما تستعد تركيا فيما يبدو لحملة دبلوماسية جديدة ضد الرئيس بشار الاسد.
وأجرى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اتصالا هاتفيا بالرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في إطار جهود لتوحيد الدول الغربية والعربية ودول اخرى تدعو الاسد الحليف السابق لانقرة للتنحي.
ويواجه رئيس الوزراء التركي، الذي وصف الفيتو الروسي والصيني ضد مشروع قرار للامم المتحدة في مطلع الاسبوع بأنه “فشل” للمجتمع الدولي، صعوبة في اقناع روسيا بتغيير موقفها. ويدين رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين “التدخل” الغربي على غرار ما حدث العام الماضي في ليبيا ويصفه بأنه “ثقافة العنف”.
واوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته للاسد في دمشق، الثلاثاء، ان روسيا لا تزال تعارض اي محادثات سلام تشترط تنحي الاسد اولا. وقالت صحيفة تركية مقربة من الحكومة إن تركيا التي اتخذت موقفا قويا ضد حليفها السابق الأسد تعتزم عقد مؤتمر مع حكومات عربية وغربية في اسطنبول. وسيكون المؤتمر جزءا من مبادرة تركية أوسع ربما يعلن عن خطوطها العامة،الاربعاء.
وتؤوي تركيا وهي عضو بحلف شمال الاطلسي وقوة اسلامية صاعدة في المنطقة قادة الجيش السوري المنشقين وتتحدث عن اقامة ملاذات امنة للاجئين.
ومع تحرك الجهود الدبلوماسية لم يظهر دليل على تراجع الهجوم العسكري في حمص وغيرها من المدن والبلدات السورية. فقد اتهم نشطاء في المدينة رجال الميليشيات بذبح ثلاث عائلات في منازلهم وهي حادثة تذكي المخاوف بانزلاق سوريا على نطاق اوسع الى عمليات قتل طائفي على غرار ما حدث في العراق.
وقال نشطاء ان عدد القتلى اليوم تجاوز 100 وهو رقم لا يمكن التأكد منه على نحو مستقل.
ولم تخف حدة الهجمات على حمص وهي واحدة من أشد الحملات دموية في الانتفاضة على الرغم من وعد بإنهاء إراقة الدماء قدمه الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا.
وقال نشطاء في حمص ومصادر من المعارضة إنه في أحدث هجوم على حمص أطلقت القوات الصواريخ وقذائف الهاون في حين دخلت الدبابات حي الإنشاءات واقتربت من منطقة بابا عمرو الأكثر تضررا من القصف الذي أسفر عن سقوط نحو 200 قتيل على الأقل خلال اليومين الماضيين.
وطالبت مجموعة تعرف باللجنة العامة للثورة السورية في بيان بعد الظهر بالحماية الخارجية وقالت ان عدد القتلى اليوم بلغ 100. وقالت ان المستشفيات كانت بلا كهرباء وتنقصها المستلزمات في حين يقع المصابون ومن ينقلونهم للعيادات عرضة للاعتقال من جانب قوات الامن.
واتهم التلفزيون السوري “ارهابيين” باستهداف مصفاة رئيسية في حمص بقذائف المورتر في حين انحى نشطاء باللائمة على الجيش في اشعال حريق.
وفي باريس وصف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الوعود السورية بانها خداع وقال “هذا تحايل ولن ينطلي علينا”. وشدد بوتين على ان روسيا تتصرف بدافع من حسن النية وانها تخشى من دوافع الغرب في سوريا. وقال “نحن بالقطع ندين كل اشكال العنف بغض النظر عن مصدره لكن لا يمكن ان يتصرف شخص ما مثل فيل في متجر للخزف”. واستطرد “ساعدهم.. انصحهم.. قيد قدرتهم على استخدام السلاح.. لكن لا تتدخل تحت اي ظرف”. وأضاف بوتين “ثقافة العنف تصدرت المشهد في الشؤون الدولية خلال العقد المنصرم ولا يمكن الا ان يسبب ذلك قلقا”.
ورفضت شخصيات سورية معارضة، قالت إن لافروف لم يقدم مبادرة جديدة، وعود الأسد بالإصلاح ووصفتها بأنها محض هراء في الوقت الذي تقتل فيه قواته المدنيين وطالبوه بالتنحي. ورفض وليد البني وهو عضو رفيع في المجلس الوطني السوري المعارض اقتراح لافروف بإجراء حوار. وقال رئيس لجنة السياسة الخارجية للمجلس الوطني السوري لوكالة “رويترز” إن المبادرة العربية واضحة وإن على الأسد التنحي وحينها سيكون السوريون مستعدين للجلوس إلى مائدة مفاوضات مع أي شخص يخلفه لبحث التحول الديمقراطي.
وتسعى دول غربية وعربية تشعر بالإحباط من الفيتو الروسي الصيني ضد مسودة القرار التي عرضت على مجلس الأمن إلى عزل الأسد وتعزيز المعارضة لحكمه القائم من 11 عاما.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أفراد ميليشيا الشبيحة قتلوا بالرصاص 20 مدنيا على الأقل في حمص عندما اقتحموا منازلهم على مشارف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الليلة الماضية. وقال المعارض بالمنفى رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد ومقره بريطانيا، متحدثاً للوكالة ان ميليشيا الشبيحة اقتحمت ثلاثة منازل اثناء الليل وذبحت عائلة تضم خمسة افراد هم الاب والزوجة واطفالهما الثلاثة وعائلة من سبعة افراد في منزل اخر وثمانية افراد في منزل ثالث.
ولم يصدر تعليق فوري من السلطات السورية ولم يمكن التأكد من التقرير لأن السلطات تضع قيودا مشددة على الدخول للبلاد. وقال ناشط من حمص يدعى حسن إن القصف زادت حدته في الصباح الباكر مستهدفا بابا عمرو والبياضة والخالدية ووادي العرب التي تسكنها أغلبية من السنة تعارض الأسد.
وأضاف “انحسرت قذائف المورتر والدبابات، لكن نيران الرشاشات الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات ما زالت قوية. الدبابات في الشوارع الرئيسية في المدينة وهي تقترب فيما يبدو من التوغل في المناطق السكنية”.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء إنه شيعت، الثلاثاء، جنازات 30 من أفراد قوات الأمن.
ويصد منشقون عن الجيش ومسلحون هجمات قوات الأسد في الاحتجاجات التي بدأت سلمية بصورة كبيرة.
وقالت كاترين التلي وهي عضو رفيع في المجلس الوطني السوري إن الأسد يرى العالم المتحضر ينقلب عليه وهو يعتقد أنه سيفوز إذا استخدم قوة أكثر وحشية قبل أن يتخذ العالم إجراء ما.
وقال محللون إن الفيتو الذي استخدمته روسيا ضد قرار مجلس الأمن حول سوريا يتجاوز مجرد حماية حليف ومشتر للأسلحة، ويرون أنه يظهر إصرار موسكو على القضاء على ما تعتبره حملة غربية لاستغلال الأمم المتحدة للإطاحة بحكومات غير صديقة.
والأمر ذاته ينطبق على الصين التي حذت حذو روسيا وانضمت إلى موسكو في نقض مسودة القرار الأوروبي العربي الذي كان من شأنه تأييد خطة للجامعة العربية يسلم بموجبها الأسد سلطاته إلى نائبه استعدادا لانتخابات حرة. وقال ديفيد بوسكو من الجامعة الأمريكية في واشنطن “هناك كل اشكال المصالح السياسية في هذا الأمر لكن هناك أيضا خلافا أساسيا حول تدخل المجتمع الدولي في صراعات داخلية ضد إرادة الحكومة”.