شنّت ألمانيا التي تتهمها فرنسا بالتزام حذر مبالغ فيه حيال مقترحاتها لإنعاش أوروبا، هجوما مضادا الاربعاء، مقترحة على باريس التخلي عن مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي لمصلحة الاتحاد الأوروبي.
وقال اولاف شولتز نائب المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل الأربعاء إنه يؤيد تحويل مقعد فرنسا الدائم في مجلس الأمن إلى مقعد أوروبي وذلك حتى يتحدث الاتحاد الاوروبي “بصوت واحد”.
وقال شولتز الذي يتولى أيضا حقيبة المالية في حكومة ميركل في خطاب حول مستقبل أوروبا في برلين “اذا كنا نأخذ الاتحاد الاوروبي على محمل الجد، فانه يتعين على الاتحاد الاوروبي أن يتكلم بصوت واحد في مجلس الأمن الدولي (..) وعلى الامد المتوسط يمكن تحويل مقعد فرنسا الى مقعد للاتحاد الاوروبي”.
وأضاف أنه في المقابل يمكن أن يصبح منصب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة مخصصا بشكل دائم لشخصية فرنسية. وأقر المسؤول الالماني بأن تنفيذ هذا الامر لن يكون سهلا.
وقال “اعي تماما أنه ما زال هناك جهد للإقناع في باريس لكن ذلك سيكون هدفا جريئا وذكيا”. وأضاف أن “فرنسا والمانيا تتحركان معا في هذه المنظمة” لكن وجود مقعد أوروبي سيتيح المضي أبعد من ذلك.
ولم يتأخر الرد الفرنسي كثيرا. إذ كتب السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة جيرارد آرو على تويتر أنّ الأمر “مستحيل من الناحية القانونية لأنّه مخالف لميثاق الامم المتحدة. وتابع أنّ “تعديل (الميثاق) سيكون مستحيل سياسيا”.
والنقاش في المانيا بشأن مقعد أوروبي قديم نسبيا لكنه أثير بشكل لافت من وزير المالية الالماني. وقد يكون المقترح وسيلة للمسؤولين الالمان للرد على انتقادات متكررة تجاههم بشأن حذرهم حيال المقترحات الخاصة بدفع المشروع الاوروبي.
ومنذ إنشاء الأمم المتحدة في 1945، باتت فرنسا عضوا دائما في مجلس الامن مع الصين وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويضم مجلس الامن أيضا عشرة أعضاء غير دائمين يتم اختيار كل منهم لولاية من سنتين.
وباتت المانيا عضوا غير دائم العضوية في المجلس منذ كانون الثاني/يناير 2018.
واثير جدل عام بشان تركيبة مجلس الامن حيث تطالب الدول الناشئة الكبرى بمقعد دائم في هذه المؤسسة.
ودعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نواب البرلمان الألماني الشهر الفائت للمساعدة في خلق “أوروبا أقوى وأكثر سيادة”.
وقال ماكرون إنّ “أوروبا لا يمكن أن تلعب دورا إذا اصبحت دمية في (أيدي) القوى الكبرى وحجّمت نفسها بدور داعم على الصعيد العالمي”.
بدورها، رحّبت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل آنذاك بخطاب ماكرون، قائلة إن أوروبا “على مفترق طرق” بشأن مستقبلها.
وفي الماضي، دعت ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس إلى جعل المقاعد الفردية لدول الاتحاد الاوروبي اعضاء مجلس الأمن ذات طابع “أوروبي”.
وحين تم اختيار ألمانيا لشغل أحد المقاعد العشرة غير الدائمة لسنتين بدءا من كانون الثاني/يناير 2019، تعهد ماس بأنّ برلين “ستترجم ذلك في شكل أوروبي”.
وأوضح “نوّد أن نظهر أننا نأخذ المقعد الأوروبي المشترك بجدية. لأن ذلك يبقى هدفنا”.
وتعد تصريحات شولتز الأربعاء أخر وسيلة تسعى بها ألمانيا إلى تبديد الاتهامات بأنها فشلت في الاستجابة لآمال ماكرون الطموحة في إصلاح الاتحاد الأوروبي والعملة الاوروبية الموحّدة اليورو.
وفيما يبدو قادة ألمانيا منفتحين على تعميق التعاون في مجالات مثل الدفاع، يتحفّظ كثيرون على خطط ماكرون لجعل موازنات دول الاتحاد خاضعة لإدارة مركزية، خوفا من أن تدفع الدول الغنية فواتير جيرانها المتعثرين في نهاية المطاف.