وزيرة التربية الجزائرية: «الصلاة مكانها المنزل» وليس المدرسة
أثار دعم وزيرة التربية الوطنية الجزائرية نورية بن غبريت لمديرة مدرسة الجزائر الدولية بالعاصمة الفرنسية باريس التي عاقبت تلميذة لأدائها الصلاة في ساحتها، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي لا يزال مستمرا حتى اليوم.
وكانت تلميذة من هذه المدرسة، قد أدت الصلاة في ساحتها، ما دفع إدارتها إلى معاقبتها بالفصل لمدة أسبوع. وقالت الوزيرة الاثنين إثر ذلك، إن هذه التلميذة التي قدمت لها توجيهات سابقة بخصوص الموضوع، أدت رغم ذلك الصلاة في ساحة المدرسة المحاطة بالبنايات السكنية بشكل باد للجميع.
وأكدت الوزيرة، التي تواجه انتقادات كبيرة منذ وصولها إلى الوزارة لقراراتها المرتبطة بالدين الإسلامي وتوجهاتها الفرانكفونية في قطاع يسيطر عليه “المحافظون”، أن “دور المدرسة هو التعليم والتعلم”، وأن “الصلاة مكانها المنزل وليس المؤسسات التربوية”.
وحملت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الردود على تصريحات الوزيرة، جزء كبير منها جاء في إطار حملة “صلاتي حياتي”، دعا من خلالها أصحابها المدرسين في المؤسسات التعليمية لأداء صلاة جماعية، حيث استغلت الساحات المدرسية وبعض الأقسام لهذه الغاية.
وانتشرت الكثير من الصور على فيس بوك خاصة، تظهر تلاميذ وأساتذة يصطفون الصف تلو الآخر في ساحات مؤسسات تعليمية، وهم يؤدون الصلاة جماعيا بعدد من المناطق الجزائرية.
ومن جانبها، لم تتأخر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في انتقاد الوزيرة بشدة، في بيان نشرته على موقعها على فيس بوك، وصفت فيه تصريحاتها بـ”الخرجة الكارثية” (الحل الكارثي). واعتبرت أنها “شجعت قبل سنوات ممارسة أخرى لا علاقة لها بالعلم ولا التعليم، بل يضعها الكثير في خانة الانحلال الأخلاقي”، حسب تعبيرها.
وذهبت الجمعية بعيدا في انتقادها للوزيرة، حيث رأت أنها “تمادت…لأنها لم تحاسب على الإخفاقات المتكررة المسجلة في قطاعها منذ تنصيبها سنة 2014″، معتبرة أن “كل خرجاتها استهدفت الهوية الوطنية خاصة مادة التربية الإسلامية”، حسب رأيها.
ومن جهتها، نددت حركة مجتمع السلم المحسوبة على التيار الإسلامي “بأشد العبارات”، ما أسمته “التضييق الذي ينافي مبدأ حرية المعتقد والحريات الفردية والجماعية”، واعتبرت أن الوزيرة “تجرأت” على هذه الحرية “بحق التلاميذ المصلين”.
كما اعتبرت نقابات التربية أن “هذا الجدل (الصلاة في المدارس) في هذا الظرف بالذات الغرض منه إقحام القطاع في نقاش إيديولوجي عقيم، يخفي من ورائه محاولات لجر المدرسة إلى حسابات سياسوية مع بداية العد التنازلي للرئاسيات” في تصريح لصحيفة الخبر، معتبرة أنه كان على الوزيرة “معالجة مشكلة المدرسة الدولية بباريس، في إطار بيداغوجي، دون الخوض في مسائل مثيرة للجدل“.
وعاد بعض منتقدي الوزيرة إلى المادة 21 من ما يعرف بـ”نظام الجماعة التربوية”، التي تنص صراحة على إمكانية فتح أماكن للصلاة في المدارس. وتقول المادة “تخصص المؤسسة في حدود ‘الإمكان’ قاعة للصلاة خاصة في المؤسسات ذات النظام الداخلي، وتتكفل بنظافتها وبصيانتها، وتسهر على استعمالها للأغراض التي جعلت من أجلها وبكيفية لا تعرقل مزاولة التلاميذ لدروسهم”.
ولم تظهر أصوات حكومية مدافعة عن موقف الوزيرة التي بدت لوحدها وسط عاصفة من ردود الفعل، واكتفى وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى بتصريح زاد من غموض الموقف الحكومي بشأن القضية. وقال الوزير “لم أطلع على قرار رسمي من طرف وزيرة التربية الوطنية، سوى ما تداولته وسائل الإعلام. وأنا لا أعلق على وسائل الإعلام حفاظا على الموضوعية التي تقتضيها مثل هذه القضايا المثيرة للجدل”.
لكن مواقع التواصل الاجتماعي حملت أيضا أصواتا مؤيدة لموقف الوزيرة. وكتب أحد المدونين على فيس بوك، مدافعا عنها إن “الصلاة تقام في المنزل وليس في المدرسة”، فيما شدد مدون آخر على أن “الوزيرة قامت بعملها” في تحديد دور المدرسة بوضوح.
واعتبر مدون ثالث أن هناك من “تكالب” على الوزيرة، في إشارة إلى التدوينات التي أساءت لها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما وجهت انتقادات لأساتذة ظهروا في صور وهم يؤمون الصلاة بتلاميذهم، معاتبين إياهم على تسخيرهم في الحملة. وكتب أحدهم بهذا الخصوص إن “هذا استغلال للأطفال”.
وليست هي المرة الأولى التي تثير فيها وزير التربية الوطنية الجزائرية نورية بن غبريت الجدل في بلادها بسبب تصريحات لها حساسيتها الخاصة في مجتمع محافظ، وإنما حصل نفس الوضع إثر دعوتها لتدريس العامية الجزائرية بمرحلة الابتدائي في وقت سابق. وكانت الوزيرة قد اتهمت بمحاولة حذف البسملة من الكتب المدرسية، إلا أنها ردت وقتها أن “البسملة موجودة في كتب التربية الإسلامية لأنها إجبارية، أما حذفها من باقي الكتب، فيتحمل مسؤوليته المصممون والمشرفون على طباعة الكتب”.