سوريا: القوات الحكومية تقصف بقوة بلدات ادلب
قال معارضون ورجال إنقاذ وسكان يوم الأربعاء إن القوات الحكومية السورية قصفت بدعم من طائرات روسية بلدات تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا في أشد ضربات توجهها منذ أسابيع لآخر معقل للمعارضة في البلاد.
وصارت المعارضة السورية، التي تقاتل للإطاحة بالرئيس بشار الأسد منذ ثمانية أعوام، محاصرة إلى حد بعيد داخل جيب بشمال غرب البلاد قرب الحدود مع تركيا. ويعيش داخل هذا الجيب حاليا نحو أربعة ملايين شخص منهم مئات الآلاف من معارضي الأسد الذين فروا إلى هناك من أنحاء أخرى في سوريا.
والجيب خاضع للحماية بموجب اتفاق لخفض التصعيد توصلت إليه العام الماضي روسيا، حليفة الأسد الرئيسية، وإيران وتركيا، التي سبق لها دعم المعارضة وأرسلت قوات لمراقبة الهدنة.
وقال سكان إن مدينة إدلب تعرضت لما لا يقل عن 12 ضربة جوية شملت أهدافها سجنا للمدنيين على مشارف المدينة مما أسفر عن فرار عشرات السجناء. وأودت الضربات بحياة أربعة مدنيين على الأقل.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أنها وجهت بالتنسيق مع تركيا ضربات لإدلب مستهدفة مستودعات للطائرات المسيرة والأسلحة تابعة لهيئة تحرير الشام وقالت إن هذه الجماعة كانت تخطط لشن هجوم على قاعدة جوية روسية رئيسية قرب ساحل البحر المتوسط.
وقال رجال إنقاذ ومنظمات إغاثة إن القوات الحكومية السورية صعدت منذ بداية شهر فبراير شباط قصفها لهذا الجيب. وأودت الهجمات بحياة عشرات المدنيين وأصابت المئات ودفعت عشرات الآلاف من الأشخاص للفرار من المناطق التي تقع بها الخطوط الأمامية والتوجه إلى مخيمات وبلدات أكثر قربا من الحدود التركية.
وتنفي القوات الحكومية استهداف المدنيين وتقول إنها ترد على هجمات متزايدة يشنها مقاتلون متأثرون بفكر تنظيم القاعدة المتشدد لخرق الهدنة والسيطرة على المنطقة.
وتمكن السكان الذين يعيشون على امتداد المنطقة الحدودية مع تركيا من سماع الدوي العنيف للضربات الجوية مساء الثلاثاء في رقعة شاسعة من الأرض تمتد من مناطق تسيطر عليها المعارضة قرب محافظة اللاذقية المطلة على البحر المتوسط والخاضعة لسيطرة الحكومة إلى مدينة إدلب شرقا ثم مناطق مجاورة تسيطر عليها المعارضة أيضا في شمال حماة.
وقال إبراهيم الشيخ، وهو من بلدة أطمة وله خمسة أبناء، ”حرقوا الأرض. أصوات الانفجارات مسموعة بكل وضوح“. ونقل الشيخ عن أقارب له قولهم إن هذا هو أشد قصف منذ بدء التصعيد قبل أسبوعين.
ويتزامن التصعيد في شمال غرب سوريا مع شن قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد، هجوما منفصلا على آخر معقل لتنظيم الدولة الإسلامية في أقصى شرق البلاد، مما أوجد نقاط تحول على جبهتين رئيسيتين كبرتين في الحرب الأهلية السورية المتعددة الأطراف.
وقال سكان في شمال غرب البلاد إن ذخائر فوسفورية بيضاء أُطلقت على بلدة التمانعة في ريف إدلب حيث قال رجال إنقاذ يوم الأربعاء إنهم أخمدوا حرائق عدة جراء إطلاق ما يزيد على 80 صاروخا.
وكان من بين أهداف الضربات الجوية مخيم مؤقت في قرية كفر عميم الواقعة شرقي مدينة إدلب والذي يؤوي عائلات نازحة. وأودت الضربات بعد منتصف الليلة الماضية بحياة امرأتين فيما أصابت عشرة أطفال على الأقل.
وقال ليث عبد الله، وهو أحد العاملين بالدفاع المدني الذين شاركوا في جهود الإنقاذ بمدينة سراقب، في اتصال هاتفي معه ”اللي نفذ هذه المجزرة وحش… ما في غير نازحين نساء وأطفال وما في هدف نقوله غير إن هذا الوحش الروسي طالع يقتل“.
وقال أحمد عبد السلام، وهو قيادي في الجبهة الوطنية للتحرير المعارضة المدعومة من تركيا، إن القصف الصاروخي من قاعدة عسكرية رئيسية في قرية جورين الواقعة في محافظة حماة ساهم في تصعيد القصف المستمر منذ أسبوع على مناطق ريفية قرب بلدة جسر الشغور.
وقال معارضون إن قاعدة عسكرية روسية واقعة جنوبي بلدة حلفايا التي تسيطر عليها الحكومة استهدفت كذلك قرية كفر زيتا في ريف حماة الشمالي بينما ضربت قنابل عنقودية عدة بلدات تسيطر عليها المعارضة في جنوب إدلب.
وتسبب القصف في نزوح السكان من بلدات تسيطر عليها المعارضة في المنطقة العازلة التي تمتد من مناطق في إدلب إلى شمال حماة وبعض أنحاء محافظة اللاذقية.
وقال يوسف الإدلبي، الذي انتقل إلى إدلب، إن خان شيخون التي كان يسكنها تحولت إلى مدينة أشباح بعد فرار معظم سكانها الذين كان عددهم يربو على 70 ألفا.
ونددت تركيا، التي بدأت تسيير دوريات في المنطقة العازلة يوم الجمعة، بما وصفته بتزايد الاستفزازات بهدف خرق الهدنة وحذرت من أن حملة الضربات التي تشنها روسيا والقوات الحكومية السورية ربما تتسبب في أزمة إنسانية كبرى.
وزاد استياء وغضب كثير من السكان بسبب عدم رد القوات التركية على هذه الهجمات، بينما طالبت القوات الحكومية السورية القوات التركية بالانسحاب.