السودان: ”شالو حرامي وجابوا حرامي، تسقط بس“. و“ثورة، ثورة“
أطاح الجيش السوداني يوم الخميس بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد بقبضة حديدية على مدى 30 عاما وأعلن ”التحفظ عليه“ لكن محتجين خرجوا للشوارع مطالبين الجيش بتسليم السلطة لمدنيين. وجاءت الإطاحة بالبشير (75 عاما) بعد شهور من مظاهرات ضد حكمه.
وفي كلمة أذاعها التلفزيون الرسمي، أعلن وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف عن تشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون الدولة لفترة انتقالية مدتها عامان تتبعها انتخابات رئاسية. وأوضح أن البشير محتجز ”في مكان آمن“ لكنه لم يوضح من سيرأس المجلس العسكري.
وقال التلفزيون الرسمي في ساعة متأخرة من مساء الخميس إن بن عوف، الذي عينه البشير نائبا أول له في فبراير شباط مع تصاعد الاحتجاجات، سيرأس المجلس العسكري. وأضاف أن الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الماحي رئيس الأركان عين نائبا لرئيس المجلس.
وقال بن عوف إنه تقرر تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وإغلاق المجال الجوي لمدة 24 ساعة والمعابر الحدودية لحين إشعار آخر، وكذلك حل المجلس الوطني ومجالس الولايات ومؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء.
ورفض تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات ضد البشير، خطط الوزير، ودعا المحتجين إلى مواصلة الاعتصام خارج وزارة الدفاع الذي بدأ يوم السبت.
وتحولت مشاعر عشرات الآلاف من المحتجين، الذين كانوا يحتفلون في وقت سابق برحيل البشير، إلى الغضب وهتف الكثيرون ”تسقط تاني“ بعد أن كانوا يرددون سابقا هتاف ”تسقط بس“ ضد البشير. وذكرت مصادر سودانية لرويترز أن البشير موجود في قصر الرئاسة تحت حراسة مشددة.
وقال التلفزيون الرسمي إنه تم إعلان حظر التجول ليلا من العاشرة مساء حتى الرابعة صباحا. وفي تحد واضح للمجلس العسكري بقي عدة آلاف من المحتجين أمام مجمع وزارة الدفاع وفي مناطق أخرى بالعاصمة مع بدء سريان حظر التجول. وهتفوا قائلين ”شالو حرامي وجابوا حرامي، تسقط بس“. و“ثورة، ثورة“.
وقال تجمع المهنيين السودانيين ”الانصياع لقرار حظر التجوال هو اعتراف بحكومة الإنقاذ المستنسخة“. وأضاف ”خليك مكانك واحرس ثورتك“. وذكر أنه لن يتم إنهاء الاعتصام أمام وزارة الدفاع قبل تسليم السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية. وعلقت الولايات المتحدة المحادثات مع السودان بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين.
وامتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن إعلان ما حدث انقلابا، لكنها قالت إنها تدعم الديمقراطية والسلام في السودان وتعتقد أنه ينبغي أن تكون الفترة الانتقالية المتاحة للشعب السوداني أقل من عامين.
وقال روبرت بالادينو المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي ”ينبغي أن يقرر الشعب السوداني من يقوده في مستقبله“.
وأضاف ”الشعب السوداني كان واضحا في أنه يطالب بعملية انتقالية بقيادة مدنية. ينبغي السماح له بذلك في فترة أقل من عامين من الآن“.
ودعا وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت إلى ”انتقال سريع إلى قيادة مدنية شاملة وممثلة للجميع“. وأضاف في تغريدة على تويتر أن ”مجلسا عسكريا يحكم لمدة عامين ليس الحل“.
يواجه البشير اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي أصدرت أمرا باعتقاله على خلفية مزاعم بارتكاب جرائم حرب في منطقة دارفور بالسودان أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص. وينفي البشير تلك الاتهامات.
ورغم ذلك فقد تحدى البشير المحكمة بزيارة عدة دول أعضاء بالمحكمة الدولية.
ويجيء سقوط البشير عقب الإطاحة هذا الشهر بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إثر احتجاجات شعبية أيضا على حكمه الذي دام عقدين.
وقال عمر صالح سنار القيادي في تجمع المهنيين السودانيين إن التجمع يتوقع التفاوض مع الجيش بشأن تسليم السلطة إلى حكومة مدنية.وقال عثمان أبو بكر (27 عاما) في بورسودان ”سنواصل الاحتجاج حتى الإطاحة بهذه الحكومة الجديدة“. وأضاف أن بعض الجنود انضموا إلى المحتجين في الهتاف ضد المجلس العسكري في المدينة الواقعة بشرق البلاد.
وأعلن بن عوف إطلاق سراح كل السجناء السياسيين وانتشرت صور لمحتجزين انضموا للاحتجاجات بعد الإفراج عنهم.
وقال شهود إن محتجين هاجموا أيضا مقر جهاز الأمن والمخابرات الوطني في مدينتي بورسودان وكسلا بشرق البلاد يوم الخميس.
وعبرت منظمة العفو الدولية عن القلق إزاء ”مجموعة الإجراءات الطارئة التي أُعلن عنها اليوم“.
أمسك البشير بزمام السلطة في انقلاب أبيض عام 1989. وهو شخصية خلافية تمكن من تخطي أزمة داخلية تلو الأخرى والتصدي في الوقت ذاته لمحاولات من الغرب لإضعافه.
وعانى السودان فترات طويلة من العزلة منذ عام 1993 عندما أضافت الولايات المتحدة حكومة البشير إلى قائمتها للأنظمة الراعية للإرهاب لإيوائها متشددين إسلاميين. وفرضت واشنطن عقوبات على السودان بعد ذلك بأربعة أعوام.
وانتهت حرب أهلية طويلة مع الانفصاليين الجنوبيين في عام 2005، وأصبح جنوب السودان دولة مستقلة في عام 2011.
ومنذ ديسمبر كانون الأول، تعصف بالسودان احتجاجات متواصلة تفجرت بسبب مساع حكومية لرفع أسعار الخبز وأزمة اقتصادية أفضت إلى نقص في الوقود والسيولة.
وتصاعدت الأزمة الأخيرة في مطلع هذا الأسبوع بعدما بدأ آلاف المحتجين الاعتصام أمام مجمع وزارة الدفاع حيث مقر إقامة البشير.
واندلعت اشتباكات يوم الثلاثاء بين جنود حاولوا حماية المحتجين وأفراد من أجهزة الأمن والمخابرات كانوا يحاولون فض الاعتصام. وقتل نحو 20 شخصا منذ بدء الاعتصام.
وحث نشطاء في الخارج السودان على تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية.
وقالت جيهان هنري المديرة المشاركة لقسم أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش ”يجب ألا يضطر ضحايا أخطر الجرائم، التي ارتكبت في دارفور، للانتظار أكثر من ذلك لتحقيق العدالة“.