مصر: احتجاجات الطلاب تحولت إلى مشادات مع رجال الأمن
أفرجت السلطات المصرية عن العشرات من طلاب المرحلة الثانوية بعد أن احتجزوا لنحو اثنتي عشرة ساعة بعدد من مراكز الشرطة.
وكان الطلاب تجمعوا في عدد من المحافظات بسبب عدم تمكنهم من أداء اختبارات نهاية العام. واحتجوا على ما وصفوه بفشل نظام الاختبارات الالكترونية الذي طبقته وزارة التعليم مؤخرا.
كان قد تم احتجاز عشرات طلاب مرحلة الصف الأول الثانوي لساعات قبل أن يفرج عنهم بقرار من وزير الداخلية.
وتجمع الطلاب في أكثر من محافظة مصرية ليعربوا عن غضبهم إزاء فشلهم في أداء اختبارات نهاية العام بالنظام الإلكتروني الذي أقرته الدولة مؤخراً.
ويقول الطلاب إن الأخطاء التقنية وضعف شبكات الاتصال لم تمكنهم من أداء الاختبار عبر الأجهزة اللوحية(التابلت) ما اضطرهم في النهاية إلى اللجوء إلى النسخة الورقية من الأسئلة بعد أن ضاع جزء كبير من الوقت.
وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى مشادات مع رجال الأمن ليلقى القبض على عشرات الطلاب. غير إن هؤلاء الأطفال كانوا يحاولون إيصال أصواتهم لوزير التعليم. وتم إطلاق سراح جميع الطلاب. ويصف مراقب:”كان الطلاب في حالة نفسية يرثى لها. يشعرون أن مستقبلهم التعليمي مهدد”.
وسألت المحامية عن تفاصيل ما حدث خلال التجمهر الغاضب للطلاب فقالت: “تعدى رجال الشرطة بالضرب على البنات، فاحتج الفتيان وحدث اشتباك. وتعرض هؤلاء الصبية للضرب على الوجه والركل من قبل رجال الأمن الذين اقتادوا جميع الطلاب في النهاية لمراكز الشرطة”.
وأشادت بقرار وزارة الداخلية بالإفراج عن كل الطلاب المحتجزين، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن التعامل العنيف قد يترك أثراً لا يمحى في نفسية الطفل.
وتقول إن “أحد الطلاب قال لأمه إنه عندما يكبر وينجب سيخبر أبناءه أنه قبض عليه للمرة الأولى وهو في الخامسة عشر من العمر، وكانت تهمته خوفه على مستقبله ورغبته في أداء الامتحان”.
ونفى مصدر أمني صحة ما تم نشره من صور ببعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن قيام أفراد تابعين لوزارة الداخلية يرتدون الملابس المدنية بإلقاء القبض على طلاب بمرحلة الثانوية العامة أثناء تظاهرهم أمام وزارة التربية والتعليم.
وأكد المصدر أن هذه الصور تعود لأشخاص لا ينتمون لوزارة الداخلية إضافةً إلى أن تاريخ الصور يعود لعام 2015 ونشرت بعدد من الحسابات بذات التاريخ، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة في حينه.
وترى مها أن وزارة التعليم حريصة على أن ينجح النظام الإلكتروني الجديد خاصة أنه كلف مليارات الجنيهات لكن عليها أن تستمع للطلاب في الوقت نفسه، ينبغى على الوزارة أن ترسل مندوبين إلى لجان الاختبارات لتعرف شكاوى الطلاب وتقف على أبعاد المشكلة وما إذا كانت تتعلق بالبعد التقني فقط أم بمحتوى الاختبار أيضا”.
وأدخلت وزارة التعليم المصرية مؤخراً النظام التعليمي الجديد الذي يعتمد على مطالعة المناهج وأداء الاختبارات عبر الأجهزة اللوحية. ودافع وزير التربية والتعليم طارق شوقي عن النظام الإلكتروني واعتبره نقلة نوعية في مسار التعليم في مصر. وقال شوقي في تصريحات صحفية إن منظومة الاختبارات الإلكترونية حققت نجاحاً مدوياً وأن آلاف الطلاب يؤدون الاختبارات بيسر على الأجهزة اللوحية، نافيا حدوث مشكلات.
ولفت شوقي إلى ما وصفه بمحاولات التشكيك، مشيراً إلى أن المنظومة الجديد أثبتت نجاحها رغم كل التحديات.
وتقدم صفحة الوزارة الرسمية على الفيسبوك فيديوهات توضيحية لتعليم الطلاب طرق تسجيل الدخول على منصة الاختبارات وكيفية حل الأسئلة.
وتحتل مصر مرتبة متدنية للغاية في كل مؤشرات جودة التعليم العالمية. كما تشكو البنية التحتية التعليمية في البلاد من الكثير من أوجه القصور والتدهور سواء في الفصول المكتظة بالطلاب أو المدراس المتهالكة أو حتى على مستوى إعداد المعلمين.
“إذا كانت لدي ميزانية للتعليم سأخصص تسعين في المائة منها لإعداد المعلمين لأنهم جوهر أي عملية تعليمية” هكذا قالت سارة أسامة الباحثة المتخصصة في سياسات التعليم الدولية.
وتعتقد سارة أن النظام الجديد طبق بشكل سريع وعلى نطاق موسع في كل محافظات البلاد في وقت واحد وأنه كان بحاجة “لمزيد من التأني، ومراجعة البنية التحتية ومدى قدرتها على تحمل هذا النظام. كما كان ضروريا أن تبدأ الدولة حواراً مع الأهالي والطلاب والمعلمين لتؤهلهم لتقبل التغيير. لأن أي تغيير في بدايته يكون مخيفاً”.
وتعتقد سارة أن التغيير من نظام لآخر كان بحاجة لخطة استراتيجية تستغرق بضع سنوات وتتم بشكل تدريجي.
ولا يزال الجدل قائما، فبينما تؤكد الوزارة على نجاحها في التعامل مع أي مشكلة تطرأ على النظام الجديد يشكو طلاب من أنهم باتوا أشبه بفئران تجارب لهذا النظام.