السودان: ضابط موساد سابق يساعد المجلس العسكري الانتقالي
وقعت شركة علاقات عامة وتعبئة رأي كندية اتفاقا قيمته ستة ملايين دولار أمريكي لتسهيل حصول المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الذي تتهم قواته بقتل عشرات المحتجين في الخرطوم، على اعتراف دبلوماسي دولي، وتمويل مالي، بحسب ما علمت بي بي سي.
ووعدت شركة (ديكينز ومادسون) الكندية، التي يوجد مقرها في مونتريال في الاتفاق، بتلميع صورة المجلس، الذي استولى على السلطة في انقلاب في أبريل / نيسان.
وقال رئيس الشركة، أري بن-ميناشي، لبي بي سي إنه توصل إلى اتفاق مع المجلس العسكري “لمساعدتهم في تشكيل حكومة مدنية، وجلب اقتصادي مؤهل، ورئيس وزراء مؤهل لإدارة البلاد حتى إجراء انتخابات عامة، وترتيب الأوضاع الحالية”.
وأكد بن-ميناشي على أهمية قضية الاقتصاد، وترتيب الوضع الاقتصادي في البلاد.
قال بن-ميناشي: “سنسعى إلى تمثيل المجلس وتقديمه إلى دول العالم. وأعضاء المجلس مهتمون بأن يكونوا جزءا من العالم الغربي: الولايات المتحدة، وأوروبا، وأن يحافظوا على علاقات جيدة أيضا مع روسيا”.
وينص الاتفاق الموقع بين الشركة والمجلس العسكري، والذي كشف عنه في الأيام الأخيرة، على أن تعمل الشركة – بحسب ما قاله بن-ميناشي – على “كسب تأييد الحكومة الأمريكية، وحكومتي السعودية وروسيا”، للتطورات الأخيرة في السودان، وللأهداف السياسية للمجلس الانتقالي
ويقول الاتفاق إن الشركة ستسعى، في مرحلة لاحقة، إلى توفير التمويل المالي والمعدات العسكرية للمجلس العسكري الانتقالي.
وأفادت تقارير بأن الاتفاق ينص أيضا على “ترتيب لقاء بين نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دجلو، المعروف بحميدتي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
لكن بن-ميناشي أكد أهمية انتقال الحكم في البلاد أولا إلى حكومة مدنية، وأن تكون هناك فترة انتقالية.
كان مدير شركة (ديكينز ومادسون) ضابط استخبارات إسرائيليا سابقا. وتعمل شركته في تعبئة الرأي العام والتأثير فيه، وتلميع صورة العملاء مقابل مبالغ طائلة.
واستعان بخدمات الشركة رئيس زيمبابوي السابق، روبرت موغابي، الذي أطيح به، وقيل إن القائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، طلب هو الآخر مساعدتها.
ووقع العقد بن-ميناشي نفسه، كما وقعه عن المجلس العسكري الانتقالي نائب رئيس المجلس، اللواء محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي ويقود قوات الدعم السريع، التي كانت تعرف في السابق بالجنجويد.
وتم توقيع الاتفاق في 7 مايو/أيار، بحسب ما ذكرته وثائق أمريكية كشف عنها، بناء على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، الذي يلزم الشركات التي تعمل في تعبئة الرأي نيابة عن دول أو جهات أجنبية بالكشف عن علاقتها مع العملاء.
ويبين العقد الموقع مع الحكومة الأمريكية أن الشركة دُفع لها لكي تؤثر في حكومات دول مثل الحكومة الأمريكية، والروسية، والسعودية، والجهات التنفيذية والتشريعية في تلك الدول، إلى جانب الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وربما منظمات ودول أخرى.
وتهدف التعبئة إلى “الحصول على الاعتراف (الدولي للمجلس) باعتباره قيادة شرعية انتقالية لجمهورية السودان، وخلق دور إشرافي للمجلس”، بحسب ما يقوله الاتفاق.
ويقترح الاتفاق تكوين تحالف بين الحكومة السودانية والمليشيات الليبية التي يقودها خليفة حفتر، يوفر فيه حفتر “مساعدة عسكرية” للنظام السوداني، مقابل تمويل مالي من السودان.
لكن كيف يمكن تغيير صورة المجلس الذي تتهم قواته بقتل عشرات المدنيين من المحتجين؟ وكيف تتعامل الشركة، أو مديرها نفسه، بن-ميناشي، مع شخص يتهم بارتكاب إبادة جماعية في دارفور، يقدر عدد من قتل فيها بأكثر من 200,000 شخص؟
قال بن-ميناشي عند طرح السؤال عليه: “هؤلاء العسكريون لن يبقوا في السلطة، وأنا أؤكد لك ذلك”.
أما حميدتي فهو الآن الشخص الوحيد في البلاد الذي يستطيع جلب الاستقرار إلى السودان.
وكشف بن-ميناشي لـ«بي بي سي» النقاب عن أنه قابل في فبراير/شباط الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، الذي أطاح به المجلس العسكري الانتقالي. وقال “قدمت له عرضا، يقضي بتشكيل حكومة انتقالية، بشرط تنازله عن السلطة، مقابل توفير بقائه في السودان في وضع محترم، وتنازل محكمة الجنايات الدولية عن الدعاوى التي رفعتها عليه”. وأكد بن-ميناشي لـ«بي بي سي» على أن هذا العرض حصل على تأييد الإدارة الأمريكية.
وعبرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) عن “قلقها العميق” من توقيع الاتفاق، الذي يروج لمصالح نظام عسكري اعتقل وقتل محتجين، بعد استيلائه على الحكم في السودان. وطالبت أمنستي الحكومة في رسالة بعثت بها إلى وزيرين في الحكومة الاتحادية الكندية بـ”التحقيق في الاتفاق بدقة” لمعرفة إن كان فيه أي انتهاك لقواعد الحد من التسلح، أو المساهمة في انتهاك حقوق الإنسان في السودان.