قصف أرامكو السعودية يهز الأسواق العالمية
أسفر هجوم بطائرات مسيرة على منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية عن عرقلة إنتاج النفط بشكل كبير، وتوجيه الاتهامات لإيران بأنها وراء ما وصفته الولايات المتحدة ب”الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة”.
في ما يلي ما نعرفه عن انعكاسات الضربة على معملي ابقيق — أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط — وخريص المجاور حيث يوجد حقل نفطي كبير في شرق السعودية، ما أدى إلى خفض انتاج النفط إلى النصف تقريبا، وكشف عن هشاشة البنية التحتية للطاقة في السعودية.
وفيما تبنى المتمردون الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن المجاور، حيث يخوض التحالف الذي تقوده الرياض حربًا مستمرة منذ خمس سنوات، المسؤولية عن الهجمات، وجهت واشنطن اصابع الاتهام مباشرة إلى طهران فيما وصفته ب”الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة العالمية”.
رغم أن البنى التحتية السعودية للطاقة تعرضت للعديد من ضربات الحوثيين، إلا أن هذه الضربة مختلفة كونها أجبرت شركة ارامكو الحكومية العملاقة للنفط على وقف نحو نصف إجمالي انتاجها من النفط تقريبا.
ولم يتضح بعد الحجم الفعلي للأضرار ولا نوع الأسلحة التي استخدمت بينما تم منع الصحافيين من الاقتراب من المنشأتين وسط اجراءات أمنية مشددة.
وقال الخبير في كلية “إس. راجاراتنام” للدراسات الدولية في سنغافورة جيمس دورسي لفرانس برس “سيؤدي ذلك الى تركيز الاهتمام على الحرب في اليمن”.
واضاف ان هذه الحرب “وبدلا من أن تكون في منطقة نائية من الخليج، فقد بدأت تؤثر على منشآت حيوية”.
تبنى المتمردون الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن المجاور، حيث يخوض التحالف الذي تقوده الرياض حربًا مستمرة منذ خمس سنوات، هجمات السبت.
لكن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أشار بإصبع الاتهام مباشرة إلى طهران، منوهًا إلى عدم وجود أدلة على أن هذا “الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة العالمية” انطلق من اليمن.
واستدعت تصريحاته رداً غاضبا من طهران التي قال الناطق باسم وزارة خارجيتها عباس موسوي إن “هذه الاتهامات ووجهات النظر (الأميركية) الباطلة وغير اللائقة تأتي في سياق دبلوماسي غير مفهوم ولا معنى له”.
واعتبر أن هدفها تشويه صورة الجمهورية الإسلامية والتمهيد “لاجراءات في المستقبل” قد تتخذ بحقها.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر لم تكشف عنها قولها أن مسؤولين سعوديين وأميركيين يتحدثون عن احتمال أن تكون صواريخ كروز استخدمت في الهجوم وأطلقت من العراق أو ايران.
تسببت الهجمات في خفض امدادات النفط في العالم بنسبة 6% وهو ما يمكن أن يؤدي إلى رفع الاسعار في الأسواق العالمية، ولكن التأثير سيعتمد على سرعة تمكّن ارامكو من استعادة الانتاج.
وأعلنت ارامكو انها يمكن أن تلجأ إلى مخزوناتها لتعويض النقص في الإمدادات.
ويمكن للحادثة أن تهزّ ثقة المستثمرين مع اقتراب موعد طرح جزء من أسهم المجموعة للاكتتاب العام الأولي.
وتأمل الحكومة السعودية جمع مئة مليار دولار استناداً إلى قيمة الشركة التي تقدر ب2 ترليون دولار، في عملية تأجّلت مراراً لعدة عوامل بينها انخفاض أسعار النفط.
إذا تبين أن طهران كانت وراء الحادث، فإنه سيمثل مشكلةً كبيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وربما يؤدي إلى تبديل الموقف الأميركي الذي بدأ يلين مؤخرا حيال إيران.
وفي حزيران/يونيو الماضي ألغى الرئيس الأميركي ضربة كانت مقررة ضد إيران، وقال مؤخرا أنه يعتقد أن القيادة الإيرانية ترغب في الحوار، مثيرا تكهنات باحتمال ترتيب قمة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويمكن أن تؤدي الضربات كذلك إلى تصعيد الخصومة المريرة بين السعودية وإيران، اللتان تتصارعان على الهيمنة على المنطقة منذ عقود.
أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن “للمملكة الإرادة والقدرة على مواجهة هذا العدوان الإرهابي والتعامل معه”.
الا أن دورسي أكد أن “السعودية لا ترغب بنزاع مفتوح مع إيران”.
وقال “يفضّل السعوديون أن يخوض آخرون هذه الحرب والآخرون مترددون في ذلك”.
وفي حال ثبت أن الحوثيين هم المسؤولون عن الهجمات، فمن المرجح أن يتسبب ذلك في انتكاسة للمحادثات التي أكدت الولايات المتحدة مطلع هذا الشهر أنها أطلقت لمحاولة إنهاء الحرب المدمرة المستمرة منذ خمس سنوات.
– لماذا لا يستطيع السعوديون وقف هذه الهجمات؟
أنفقت السعودية المليارات على المعدات العسكرية لكن الأحداث الأخيرة تسلّط الضوء على أن بنيتها التحتية لا تزال عرضة لهجمات الحوثيين المتخصصين في حرب العصابات.
كما أظهرت الأحداث الأخيرة التهديد القوي الذي تمثله اسلحة الحوثيين الاخذة في التطور سواء من الصواريخ البالستية أو الطائرات المسيرة.
وبينما يصعب استهداف آبارها النفطية المنتشرة في مناطق واسعة، إلا أن منشآتها العديدة لمعالجة النفط تعد هدفًا أسهل بكثير.
وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي مقره واشنطن في تقرير ان منشأة ابقيق، التي تعتبر جوهرة التاج في البنى التحتية السعودية وتزيد قدرتها على سبعة ملايين برميل يوميا، أكثر المنشآت السعودية “هشاشة”.
كما أن خطوط أنابيب النفط ومحطات الضخ والموانئ الواقعة على طول مياه الخليج والبحر الأحمر هي كذلك عرضة للخطر. وأدى هجوم بطائرات مسيرة على محطتين لضخ النفط في وسط السعودية في أيار/مايو إلى إغلاقهما لأيام.