الاستعداد لضرب إيران؟
قال التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن الاثنين، إّن الأسلحة المستخدمة في الهجمات على منشآت نفطية في المملكة “إيرانية”، ما يؤجّج المخاوف من احتمال اندلاع نزاع اقليمي بعد تلويح واشنطن برد عسكري على العملية.
وتسبّبت الهجمات على بقيق حيث تقع أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم، وحقل خريص النفطي في شرق المملكة، بارتفاع قياسي في أسعار الخام في الأسواق العالمية المضطربة.
وتبنى المتمردون الحوثيون الذين يقاتلون التحالف العسكري في اليمن، هجمات السبت، إلا أنّ الولايات المتحدة وجهت أصابع الاتهام نحو إيران، مع تأكيد الرئيس دونالد ترامب على أن بلاده “على أهبة الاستعداد” للردّ على العملية.
وسبق وأن تعرّضت منشآت نفطية سعودية لهجمات خلال الأعوام الاخيرة، إلا أنّ الهجمات على معمل بقيق وحقل خريص في الشرق، مختلفة من حيث حجمها ووقعها، إذ إنها أدت إلى خفض الإنتاج السعودي بمقدار النصف ليتراجع بـ5,7 مليون برميل يومياً، ما يوازي حوالى 6% من الإمدادات العالمية.
وعلى وقع هذا التصعيد، طالبت موسكو الأسرة الدولية بـ”الإحجام عن أي عمل أو استنتاج متسرع من شأنه التسبب بتفاقم الوضع”، بينما دعا الاتحاد الأوروبي إلى “ضبط النفس”.
كما أعرب امين عام الحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ عن “القلق البالغ” متخوفا من التصعيد الذي قد يعقب الهجوم على المنشآت النفطية السعودية.
كما اعتبرت الصين أنّه “في غياب تحقيق نهائي يسمح باستخلاص استنتاجات، قد لا يكون من المسؤول تصور الجهة التي ينبغي تحميلها مسؤولية” الهجمات.
وفي مؤتمره الصحافي الاسبوعي في الرياض، قال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي إن “التحقيقات الأولية في الهجوم الإرهابي على خريص وبقيق تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة هي إيرانية”.
وتابع “الهجوم الإرهابي لم يكن من داخل الأراضي اليمنية كما تبنت الميليشيات الحوثية”، معتبرا ان “الميليشيات الحوثية مجرد أدوات في يد الحرس الثوري الإيراني”.
وكان المتمردون اليمنيون أعلنوا أنّهم هاجموا المنشآت النفطية بعشر طائرات مسيّرة، لكن صحيفة نيويورك تايمز أفادت بأن مسؤولين أميركيين حصلوا على صور من أقمار اصطناعية تظهر أن العملية، التي قد تكون نفّذت بطائرات وصواريخ كروز، انطلقت من شمال أو شمال غرب المملكة.
واعتبرت أن هذا التحليل يدفع للاعتقاد بأنّ نقطة انطلاق الهجمات هي في شمال الخليج، أي إيران أو العراق، وليس اليمن جنوبا.
وصفت واشنطن العملية بـ”الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة العالمية”.
وقد شهدت أسعار النفط عند بدء التداولات الاثنين أكبر ارتفاع منذ 1991 وحرب الخليج، وسط مخاوف من تصاعد التوترات الاقليمية.
وارتفع سعر برميل النفط بنسبة 20% في لندن حيث يتم التداول بنفط برنت بحر الشمال، وبنسبة 15 بالمئة في نيويورك للنفط الخام الخفيف (لايت سويت كرود).
وتراجعت الأسعار خلال النهار، لكنّها بقيت مرتفعة بنسبة تفوق الـ10 بالمئة في اوروبا.
وأكد وزير الطاقة الأميركي ريك بيري أن أسواق النفط العالمية لا تزال قادرة على تأمين متطلباتها من مخزونات النفط الكبيرة.
كما أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن المملكة ستستخدم مخزوناتها الضخمة للتعويض جزئياً عن تراجع الإنتاج.
وبحسب جنيفر ماك كاون الخبيرة في مركز “كابيتال ايكونوميكس”، فإن “تصاعد التوترات في الشرق الأوسط عامل سلبي بالنسبة للاقتصاد العالمي في اوقات صعبة”.
كما اعتبر المحلل المالي كريغ ارلام أن هجمات السبت أظهرت هشاشة المنشآت النفطية في مواجهة الطائرات المسيّرة، في وقت يهدد المتمردون بضربات جديدة.
وتضخ السعودية 9,9 مليون برميل يوميًا، أو ما يقرب من 10% من الطلب العالمي، منها 7 ملايين برميل للتصدير.
كما تتمتع المملكة بطاقة غير مستخدمة تبلغ نحو مليوني برميل يوميًا يمكنها الاستعانة بها في أوقات الأزمات.
إلا أن التأخير في إعادة الانتاج إلى طبيعيته قد يدفع بالأسعار لأن تتجاوز مستوى الـ100 دولار، حسبما حذّر الخبير الاقتصادي سليمان العساف.
هل تتأثر خطة الاكتتاب؟
وتحرص السلطات السعودية على إعادة ضخ إنتاجها في أقرب وقت ممكن إذ إن الهجمات تقوّض ثقة المستثمرين في أرامكو، الشركة العملاقة التي تستعدّ لطرح أسهمها في البورصة.
وتأمل الرياض في جمع ما يصل إلى مئة مليار دولار عبر بيعها 5% من رأس مال الشركة، استنادا إلى تقدير قيمة الشركة بـ2 تريليون دولار.
لكن مصادر مطلعة قالت الاثنين إن السلطات السعودية تدرس إمكان تأخير الطرح على خلفية الهجمات.
وقال مصدر طلب عدم الكشف عن هويته “إنهم بصدد تقييم الاضرار. إنه احتمال لكن ما زال الوقت مبكرًا للغاية”.
واوضح مصدر آخر انه لم يتم اتخاذ أي قرار، مؤكدا معلومات صحيفة وول ستريت جورنال.
وحاولت السلطات السعودية تهدئة الأسواق، حيث أفادت نشرة “معلومات الطاقة” (إينرجي إنتليجنس) نقلاً عن مصادر في قطاع النفط، إن أرامكو “على وشك استعادة ما يصل إلى 40%” من الإنتاج الفائت، أي حوالي 2,3 مليون برميل يوميًا.
ومن غير المعلوم حجم الضرر الفعلي الذي أصاب المنشآت النفطية. وقد أشارت مصادر لصحيفة وول ستريت جورنال إلى أن إعادة الانتاج لمستويات ما قبل الهجمات قد تستغرق أسابيع.