سوريا: تصاعد القصف في محافظة إدلب
نزح عشرات آلاف المدنيين منذ مطلع الأسبوع جراء تصاعد القصف في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق ما ذكرت الأمم المتحدة الجمعة، تزامناً مع تكثيف قوات النظام وحليفتها روسيا وتيرة غاراتها على المنطقة.
وأورد مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة في بيان أنه على ضوء “تكثيف الغارات الجوية والقصف منذ 16 كانون الأول/ديسمبر في جنوب إدلب، فر عشرات الآلاف من المدنيين من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي باتجاه الشمال”.
ويشهد ريف إدلب الجنوبي منذ أسبوع تصاعدا في القصف الذي تشنه طائرات سورية وأخرى روسية، بينما أوقعت معارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، على رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، مستمرة منذ أمس الخميس، أوقعت أكثر من مئة قتيل من الطرفين، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
وشاهد مراسل فرانس برس قبل ظهر الجمعة عشرات السيارات والعربات محملة بنازحين فارين من قرى في ريف إدلب الجنوبي جراء الغارات والمعارك العنيفة.
وقال ياسر إبراهيم الدندنل الذي فرّ مع عائلته من معرة النعمان باتجاه ريف إدلب الشمالي لفرانس برس “أخرجنا الأطفال من تحت القصف. واوضح أن “مئات الصواريخ استهدفت معرة النعمان”، مضيفاً “الوضع سيء جداً”.
وفر محمد أحمد الرضا (29 عاماً) مع زوجته وأطفاله الأربعة. وقال “قضينا ليلة صعبة جداً، اشتعلت معرة النعمان ولا نعلم ما هي أنواع الأسلحة التي تم قصفنا بها”.
وشنت طائرات سورية وأخرى روسية عشرات الغارات الجمعة على قرى وبلدات عدة في منطقة معرة النعمان، وفق المرصد.
ونزحت آلاف الاسر الجمعة باتجاه شمال المحافظة، وفق الأمم المتحدة، بينما ينتظر آلاف المدنيين الآخرين توقف القصف والغارات حتى يتمكنوا من التوجه إلى المناطق الآمنة.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن “كثيرين من الفارين بحاجة ماسة (…) إلى المأوى والغذاء واللوازم الصحية”.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب. وتنشط فيها أيضاً فصائل إسلامية ومعارضة أقل نفوذاً.
واحتجاجاً على صمت أنقرة، أبرز داعمي المعارضة، إزاء تصعيد قوات النظام وحليفتها روسيا للغارات على إدلب، نظم المئات من السكان والنازحين تظاهرة قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
وحاول المتظاهرون تخطي حواجز وضعتها هيئة تحرير الشام لمنع تقدمهم باتجاه المعبر، ما تسبب بصدامات بين الطرفين، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس في المكان. وأقدم مقاتلو الفصيل على اطلاق الرصاص في الهواء والغاز المسيّل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وتدور منذ الخميس اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة وفصائل مقاتلة أبرزها هيئة تحرير الشام من جهة ثانية في ريف معرة النعمان.
وأوقعت المعارك 42 قتيلاً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، مقابل 70 من مقاتلي الفصائل، غالبيتهم من هيئة تحرير الشام ومجموعات متحالفة معها، وفق حصيلة جديدة للمرصد.
ورغم التوصّل في آب/أغسطس إلى اتفاق هدنة توقف بموجبه هجوم واسع شنته قوات النظام لأربعة أشهر في إدلب، تتعرض المحافظة منذ أسابيع لقصف تشنه طائرات حربية سورية وروسية، تسبب مع اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، بمقتل 250 مدنياً منذ نهاية آب/اغسطس، بالإضافة إلى مئات المقاتلين من الجانبين، بحسب المرصد.
وكانت الأمم المتحدة قد نددت الأربعاء بتصاعد وتيرة الأعمال القتالية في إدلب. وقالت المستشارة الإنسانية لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا نجاة رشدي “رغم التأكيدات المتكررة أن الأطراف المتقاتلين يقصفون أهدافاً عسكرية مشروعة فقط، تستمرّ الهجمات على المرافق الصحية والتعليمية”.
ودعت إلى “وقف فوري للتصعيد وحثت الأطراف جميعا على احترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الالتزام بضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، أكد الرئيس بشار الأسد، في زيارة هي الأولى للمحافظة منذ اندلاع النزاع في العام 2011، أن معركة إدلب هي “الأساس” لحسم الحرب المستمرة في بلاده.
وتؤوي إدلب ونواحيها نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون من مناطق أخرى. ويعيش عشرات الآلاف في مخيمات عشوائية ويعتمدون في معيشتهم على مساعدات تقدمها المنظمات الإنسانية الدولية.
واستخدمت روسيا والصين الجمعة حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار قدمته الكويت وألمانيا وبلجيكا لتمديد تقديم الأمم المتحدة للمساعدات وصوت باقي أعضاء مجلس الأمن الـ 13 مع مشروع القرار. وهذا هو الفيتو الرابع عشر لروسيا ضد مشروع قرار حول سوريا منذ بداية النزاع في العام 2011 والثاني خلال أربعة أشهر حول مشروع قرار يتعلق بالوضع الانساني في سوريا.
وتنتهي مدة الترخيص الاممي بتقديم المساعدة عبر الحدود في 10 كانون الثاني/يناير 2020 ولا يزال بامكان أعضاء مجلس الامن ان يبحثوا في تسوية قبل حلول هذا الاجل.