حفل «14 شباط»: جعجع يخطف راية القيادة
بيروت ــ «أخبار بووم»
حفل المهرجان، الذي أقامته قوى 14 آذار في البيال بالذكرى السابعة لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، بالرسائل الداخلية، التي ركزت على انتقاد الحكومة وحزب الله، والخارجية الداعمة بشكل رئيسي للانتفاضة السورية.
نجم الحدث لم يكن سعد الحريري، الذي أطل على المحتشدين في البيال، وقد بدا الشحوب على وجهه ليؤكد شعوره «بغصة الكلام من الخارج»، أو افتخاره بما حققته قوى 14 آذار خلال السنوات الماضية، او حتى اعلانه تحمل المسؤولية عن ما جرى طوال المرحلة الماضية، او حتى تجديد دعمه للانتفاضة السورية. كذلك لم ينجح الرئيس امين الجميل في سرقة أضواء الحفل، بعدما اعتبر أنه «في السنوات الماضية أحيينا ذكرى غياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أما هذه السنة، فنحتفل بعودته. عاد مع انتشار الثورات العربية، عاد مع تجديد مفهوم لبنان أولا، عاد مع القرار الاتهامي، وغدا، سيطل مع الحكم النهائي وإحقاق الحق».
حتى فارس سعيد، الذي أخذ على عاتقه مهمة قراءة رسالة من المجلس الوطني السوري، لم يتمكن من تحقيق «الصدمة» في القاعة، وحده رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع كان نجم الحفل بلا منازع. خطاب ناري متعدد الاتجاهات، عبارات نقدية منتقاة بدقة، نجحت في اثارة الحماس بين المتواجدين في القاعة ودفعهم مرات ومرات للتصفيق والهتاف.
«الحكيم»، كما يسميه أنصاره الذين شخصت عيونهم إليه وارتسمت البسمة على وجوههم طوال كلمته المطولة، اختار أن يبدأ حديثه بالقول «إني أرى عهداً قديماً يتهاوى، وربيعاً عربياً عظيماً آتياً. أبا بهاء، شهداء ثورة الأرز. اغتيالكم أخرجهم من التاريخ، وقريباً يخرجون من الجغرافيا. نم قرير العين أبا بهاء، إنهم على أيدي شعوبهم بالذات يحاسبون، وإلى غياهب التاريخ ذاهبون».
وبعد الكلام العاطفي، انتقل جعجع إلى المواضيع التي تشغل بال اللبنانيين بمختلف مشاربهم. في الموضوع السوري، حرص الحكيم على توجيه التحية لحمص وإدلب ودرعا وحماه والزبداني ودير الزور ودوما والصنمين وجسر الشغور، مؤكداً أن «الدماء التي تسيل اليوم تحاكي دماء رفيق الحريري، وباسل فليحان، وجورج حاوي، وسمير قصير، وجبران تويني، وبيار الجميل، ووليد عيدو، وأنطوان غانم ووسام عيد، وسائر شهداء ثورة الأرز، سعياً وراء الحرية والديموقراطية والكرامة، وكسرا لنير العبودية والتسلط والديكتاتورية». وأضاف «قضية واحدة، إنسان واحد، في كل زمان ومكان».
وبعدما اعتبر أن «الجرائم والمجازر، والفظائع التي ترتكب بحق هؤلاء الأبرياء المناضلين، توضع اليوم تحت شعار خدمة المقاومة والممانعة كما جرى ويجري في لبنان أيضا عند الحاجة»، شن هجوماً على محور الممانعة والمقاومة بقوله «بئس هكذا مقاومة. وتباً لهكذا ممانعة. إنها مقاومة في مواجهة الشعوب ومطالبها المحقة. إنها مقاومة في مواجهة التغيير وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة. إنها مقاومة في مواجهة قيام دولة فعلية في لبنان. إنها ممانعة لكل أمن واستقرار وعدالة وبنيان وإنماء وعمران واقتصاد وحداثة وتقدم وتطور». وأضاف «إنها مقاومة وممانعة لحق الشعوب في عيش حياتها، وتحقيق ذواتها، ورسم مستقبلها. إنها مقاومة وممانعة تدك المدن والقرى وتقتل الأطفال والنساء. إنها الاحتلال. إنها الاحتلال بحد ذاته لإرادتنا، وأمانينا، وتطلعاتنا وأحلامنا».
أما نتيجة كل ما يجري في سوريا فيمكن وفقاً لجعجع تلخيصه بالآتي «زمن الأسياد والعبيد ولى، وها نحن ندخل زمن الأحرار الجديد»، معتبراً «أن تصبح سوريا حرة، تعددية، ديموقراطية، تحترم الجيرة، كما ورد في الرسالة المفتوحة التي وجهها المجلس الوطني السوري الى اللبنانيين، فهذا يعني تلقائياً لبنان مستقراً، وحدوداً مرسمة، وسلاحاً شرعياً حصرياً، ووقفاً لتصدير التطرف والإرهاب من كل الأنواع والأجناس».
وبعد الانتهاء من الجانب السوري، صوب جعجع سهامهه على الحكومة اللبنانية واصفاً إياها بأنها «حكومة بائسة». وتحدث عن «معارك بائسة يختلط فيها الحابل بالنابل، فلا تدري من مع من، ومن ضد من. أداء بائس قلما شهدنا له نظيراً في تاريخنا الحديث. خطاب سياسي بائس اشمأز منه البؤس. لغة ساقطة أكثر من بائسة. منطق بائس لا يطعم خبزاً ولا يروي غليلاً. صراعات بائسة على كل شيء. على المغانم والمناصب والحصص والصلاحيات والإمرة. منافسة بائسة حتى على الفساد. وزراء بائسون يغطون الفضائح بالشعارات، والشعارات بالأكاذيب، والأكاذيب بالمزايدات، والمزايدات بالهروب الى الأمام».
ووجه حديثهم إلى وزراء الحكومة وبشكل خاص وزراء تكتل التغيير والاصلاح قائلاً «كفوا عن إصلاحكم البائس واتركونا وشأننا: يا واعظ الناس أصبحت متهماً إذ عبت منهم أمورا بت تأتيها. ملأتم أنوفنا بروائح السمسرات والفضائح. أرهقتم ما تبقى من اقتصادنا. عطلتم ما تبقى من دولتنا. شوهتم ما عمل الكثير من أجيالنا على صقله صورة للبنان».
واستكمل جعجع هجومه على الحكومة قائلاً «إنها حكومة مسخ تشبه أي شيء إلا سلطة تنفيذية حقيقية مؤتمنة على مصالحكم ولقمة عيشكم. إنها حكومة الموت السريري، تنضح شللا وعتمة وفساداً وهدراً وابتزازاً وتلاعباً بأمنكم ومستقبلكم».
أما نصيب الأسد من انتقادات جعجع فوجهه لحزب الله، قائلاً «كفانا قمصانا سوداء. دقت ساعة الحرية والديموقراطية والدولة السوية في المنطقة، فلا تخطئوا الحساب. أنتم شركاء أعزاء، فلماذا تصرون على إقصاء أنفسكم بأنفسكم عن بقية اللبنانيين». وأضاف «لا مستقبل لأي سلاح غير شرعي. لا مستقبل لأي دويلة. لا مستقبل إلا للدولة. لا مستقبل إلا للبنان سيد حر مستقل، لا لولاية من هنا ولا لمحور من هناك».