انتخابات فرنسا: ماكرون يواجه وثلاث نساء مرشحات
من سيدخل الإليزيه في أيار من السنة المقبلة ويرأس فرنسا لخمس سنوات؟
إيمانويل ماكرون (Emmanuel Macron)؟ هو مرشح «طبيعي» حسب التركيبة الفرنسية، رغم أنه لم يعلن ترشحه حتى اليوم.
المنافسون من الأحزاب الكبرى يرشحون امرأة ، وبالتالي إذا وصل ماكرون إلى الجولة الثانية فسيكون عليه منازلة … امرأة.
اليمين يحتل الساحة الإعلامية منذ اسبوعين وتابع الفرنسيون عملية وتنصيب فاليري بيكريس (Valérie Pécresse) يوم السبت مرشحة عن حزب «الجمهوريون» (LR) وكان ذلك علامة انطلاق الحملة الرئاسية فعلياً.
إذ سبقتها إلى الترشح آن هيدالغو (Anne Hidalgo) عن الحزب الاشتراكي (PS) ومارين لوبان (Marine Le Pen) التجمع الوطني (RN) وهذا يمثل سابقة تاريخية إذ أن ثلاث نساء يمثلون ثلاثة أحزاب كبرى يترشحن للرئاسة وهو ما رآه المراقبون بأنه «تغيير عميق» في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
ثلاثة أحزاب كبرى ستنافس في الدورة الأولى ماكرون المدعوم من حزبه «الجمهورية إلى الأمام» (La République en Marche) وهنا تكمن أولى عقبات ماكرون الذي يسعى للتجديد لولاية ثانية: إذ أن انتخابه المفاجأة في عام ٢٠١٧ جاء من خلال استقطابه لعددٍ كبير من مؤيدي الحزب الاشتراكي (PS) وعدداً لا بأس به من سياسييه، وكذلك الأمر مع الجمهوريين (LR) حيث أن عدداً من كبار وزراءه كان من جمهوريون (رئيس الوزراء السابق والحالي هما أبرزهم). وهذه المرة توحد حزب الجمهوريين من دون نزاع واختار بيكريس لتمثله وطروحاتها قريبة جداً من وسط اليمين غير الراديكالي وتستطيع أن تعيد أصوات كثيرة تركت الحزب بسبب النزاعات الداخلية تحت هيمنة ساركوزي. وكذلك الأمر مع هيدالغو التي اختيرت بعد منافسة غير حامية ومن المستبعد أن ينشق اشتراكيون كما حصل في الانتخابات السابقة، ويمكن أن يحصل العكس بعد أن ظهر تململ من عدد من نواب الأكثرية الماكرونية بسبب توجه الرئيس لطروحات يمينية. كما أن عدداً من النواب الذين تركوا الحزب الاشتراكي وانضموا إلى الأكثرية عادوا و«أخذوا حريتهم». وهذه نقطة ضعف تيار ماكرون اليانع إذ أنه مبني على مجموعة تيارات أتية من آفاق متعددة.
أما مارين لوبن (RN) فإن ظهور منافس قوي لها في أقصى اليمين وهو إيريك زمور (Z) قد حسن صورتها بشكل غريب إذ أنها اضطرت لـ«تليين» خطابها المتطرف ما جعل طروحاتها أقرب إلى تيار الجمهوريين (LR)، وبالتالي باتت توجد منافسة كبرى لأصوات الوسط في حين أن هذا التقارب يمكن أن يدفع بتيارات نحو الجمهوريين أو الاشتراكيين ويمكن لوبن أو بيكريس من استقطاب العديد من أصوات حزب ماكرون.
إذا الماكرونية في الوسط تتعرض لتآكل الأصوات على يسارها ويمينها.
أما في الأطراف فيوجد في أقصى اليمين إريك زيمور (Eric Zemour) الذي نظم أول لقاء كبير له يوم الأحد في شمال باريس وجمع حوله ما يزيد عن ١٠ آلاف من مؤيديه، وهو ما اعتبره المراقبون نجاح غير منتتظر لمن يدوس لأول مرة معترك الانتخابات. وبالطبع فإن طروحاته الجدلية المتطرفة تجد أرضية لها في المجتمع الفرنسي حالياً. وزمور ذوي الأصول اليهودية أبن مهاجرين من مناطق البربر الجزائرية له مواقف عنصرية معادية للإسلام، وجاءت الازمة الاقتصادية وما شهدته فرنسا من اعمال إرهابية في السنوات الأخيرة لتؤهب تقبل فكرة ربط «غياب الأمن بوجود المهاجرين».
في أقصى اليسار نجد المخضرم جان لوك ميلينشون مؤسس وزعيم حزب «فرنسا الأبية» (La France insoumise) وهو يترشح للمرة الثالثة منذ أن انفصل عن الحزب الاشتراكي طروحاته السياسية ليست متطرفة إلا مقارنة بانزلاق فرنسا نحو يمين ليبرالي، وبالمقابل فإنه يلتصق بمطالب ثورة «السترات الصفراء» التي سببت شرخاً لسياسات ماكرون في منتصف ولايته. في عام ٢٠١٧ كان ميلانشون الذي حل ثالثاً على اقرب قوس من الوصول إلى الجولة الثانية وهو ما يقدمه كتبرير لعدم التقرب من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي، وذلك رغم قساوة أرقام استطلاعات الرأي التي تفيد بغياب أي إمكانية لأي فريق يساري بالوصول إلى الجولة الثانية في حال لم تتوحد القوى اليسارية.
ذلك أن الحزب الشيوعية (PCF) سيخوض الانتخابات ممثلاً بأمينه العام فابيان روسيل (Fabien Roussel)، بعد أن كان يصطف سابقاً وراء الحزب الاشتراكي.
كذلك الأمر مع يانيك جادو (Yannick Jadot) ممثل الخضر في حزب «أوروبا والبيئة» (ِEEV) الذي لم يتردد في دعوة الحزب الاشتراكي للاصطفاف وراءه، بعكس المرات السابقة التي شهدت تبعية الخضر للركاب الاشتراكي.
أحزاب «ميكرو»
هذه الأحزاب الصغيرة جداً تواجه هذه المرة عقبة الحصول على ٥٠٠ توقيع تبني من منتخبين (رؤساء بلديات أو نواب أو أعضاء في مجالس انتخابية) كما يفرضه القانون الانتخابي. إلا أن تواجد ثلاث أحزاب كبرى تمسك بمعظم البلديات والمجالس الاختيارية في كافة المقاطعات يمكن أن يمنع تلك الأحزاب من الوصول إلى هذه الكوتا التي يفرضها الدستور. نجد مرشحين على يسار الرقعة السياسية الفرنسية وكذلك على يمينها، إضافة إلى بعض المستقلين. وهنا الجدير بالذكر أن الدولة لا تعوض مصاريف الانتخابات الرئاسية إلا لم يحصل على ٥٪ من الأصوات وهو مستبعد جداً لهذه الأحزاب. إلا أن ترشحها هو بمثابة جولة إعلانية وبروز في واجهة السياسة إذ أن القوانين تفرض على قنوات التلفزيون «معاملة متساوية» لكافة المرشحين قبل الجولة الأولى.
اليسار ما زال يشهد نزاعات لم تعد داخلية إذ أنها تعكس خروج عدد متزايد من الأقطاب إما للانضمام إلى تيار ماكرون أو لبناء «ميكرو تيار» يحمل مزيج من الأفكار الاشراكية الملونة بألوان التطرف اليميني الذي يعكس الحالة الفرنسية هذه الأيام. من أبرز هؤلاء «أرنو مونتبورغ» وزير اقتصاد سابق لفرانسوا هولاند الذي خرج من الحياة السياسية في عام 2017 للانخراط في الأعمال التجارية الزراعية وتربية النحل، قبل أن يقرر العودة إلى السياسة وبقاءه في السباق يزيد بالطبع من تراجع آمال الحزب الاشتراكي بالوصول إلى الشوط الثاني.
أقصى اليسار «فيليب بوتو» (Philippe Poutou) العامل السابق رشحه الحزب الجديد المناهض للرأسمالية (NPA) وهي المرة الثالثة دون أي إمكانية لتجاوز الـ ١٪ .
كذلك في يسار اليسار تترشح ناتالي أرثود عن حزب «نضال العمال» ( Lutte Ouvrière) للمرة الثالثة .
على يمين اليمين عضو سابق في حزب لوبن المتطرف «فلوريان فيليبوت» (Florian Philippot) انفصل عن التجمع الوطني في عام 2017 ليؤسس حزبه السياسي الخاص به المسمى «الوطنيون» (Patriotes) وقد سحق وجوده الإعلامي بروز إيريك زمور إذ أن طروحاته المتطرفة والعنصرية مشابهة وبات حضوره محصوراً كل يوم سبت في المسيرات المناهضة للحجر الصحي وضرورة التلقيح.
نيكولا دوبون آينان (Nicolas Dupont-Aignan) مؤسس حزب «قفِ فرنسا» (Debout la France ) ووهو نائب يترشح للمرة الثالثة أيضاً في الانتخابات الرئاسية.
المزارع جان لاسال (Jean Lassalle) من جبال «بيرينيه» يترشح أيضاً للمرة الثانية في الانتخابات الرئاسية مؤسس حزب صغير «قاوم» (Résiste) أطلقه حين كان يخوض معركة اضراب عن الطعام للفت أنظار الرأي العام لأحوال … مربي المواشي: