اسرائيل: لعنة “الانقلاب القضائي”
على مدى سنة أُخذت إسرائيل الى رحلة جنون. أرواح متزمتي القدس في القرن الأول ضربت حكومة إسرائيل بالعدوى. بينما يخطط اعداؤنا أفعال الذبح، بينما يفحصون الأسيجة، ينظرون الى صور الكيبوتسات، يحصون الرصاص في مخازن السلاح ويعدون أجهزة اطلاق الـ آر.بي.جي، بينما ينشغلون بالشقاق فإن المستوى العسكري والسياسي في إسرائيل – انشغل بسلسلة مبادرات متطرفة، ديماغوجية وبالأساس شغل هواة لتغيير النظام الديمقراطي. كانت تحذيرات. رئيس شعبة الاستخبارات اطلق أربعة كتب لرئيس الوزراء نتنياهو وحذر من ان اعداءنا يشخصون لحظة مناسبة «تاريخية» للحرب؛ وزير الدفاع غالنت خطب للامة وحذر من أن الانقلاب النظامي هو خطر فوري على أمن الدولة. كل شخص تعز عليه إسرائيل في أرجاء العالم، من الرئيس بايدن وحتى آخر كبار جهاز الأمن، دعا الحكومة للوصول الى حل وسط وإجماع حول قوانين «الإصلاح».
لكن إذ هم موجهون من كراهية لاذعة حقا («انا استخف بمخاوفك»، قال سمحا روتمان)، مسلحون بسخافة سياسية ومجهزون بفهم قضائي ضحل، هجم متزمتو القدس 2023 (يريف لفين، بنيامين نتنياهو ورفاقهما) على جهاز القضاء الإسرائيلي. نزع الهواة والفهم القضائي الصفري ليسا موضع خلاف على الإطلاق؛ كل ما كنا بحاجة اليه هو قراءة اقوال قاضي العليا نوعام سولبرغ الذي عرض رأي الأقلية واعتقد انه محظور على «العليا» على الإطلاق البحث في القوانين الأساس. حتى سولبرغ، الذي ما كان سيشطب الغاء المعقولة، كتب عن القانون يقول: «المبادرون الى القانون أرادوا التعلق بأقوالي بل وحتى اسموه «مخطط سولبرغ». لو كنت عضوا في المجلس التشريعي، لما كنت أؤيد التعديل، نواقصه تفوق فضائله».
محاولات الأحبولة لن تجدي نفعا. بعد 7 أكتوبر، بعد ان احصينا موتانا، وبينما الأمة كلها في الحرب، ملقى علينا واجب ان نسأل ونصرخ: لماذا. على ماذا بالضبط شُق المجتمع الإسرائيلي على مدى سنة كاملة. لأجل تحسين جهاز حكومي ما؟ ولأجل أي قرار او خطوة انطلق الانقلاب القضائي على الدرب؟
يمكن ويجب أن نقول ما الذي لم تفعله الحكومة في هذه السنة الضائعة: أحد من وزرائها لم يتصل برئيس مجلس شلومي، غابي نعمان ليسأله كم غرفة محصنة بنيت هذه السنة قبيل الحرب مع حزب الله (ولا واحدة تقريبا). احد منهم لم يرفع الهاتف لرئيس مجلس شاعر هنيغف، اوفير ليبشتاين الراحل ليعمل على توسيع مجموعات التأهب. ليبشتاين قتل على ايدي مخربي حماس في 7 أكتوبر، وابنه نيتسان أيضا قتل. جلسات الحكومة والائتلاف انشغلت برزمة تشريع سخيفة، هاذية، تتغير كل حين؛ لم ينشغلوا ابدا بتوسيع سلاح الاحتياط او بتحذيرات رئيس شعبة الاستخبارات عن احتمال متزايد لحرب إقليمية. مروجو الانقلاب ارسلوا الى الاستديوهات ليسخروا ممن حذروا، لنقل رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت.
لقد استوعب الإسرائيليون بسرعة بأن الحكومة تأخذهم الى مصيبة. ففي الـ 98 استطلاعا أخيرا (منذ 16 آذار) لم تنجح الحكومة في الوصول الى أغلبية 61 مقعدا. الليكود تحطم، وثلث ناخبيه عارضوا الانقلاب بشكل ثابت. مكانة إسرائيل تضررت بشدة في العالم؛ بدلا من ان تعنى القصة المركزية المرتبطة بها بمسيرة السلام مع السعوديين، التهديد الإيراني، تسلح حزب الله او خطوات حماس حددت العناوين الرئيسة عن رغبة نتنياهو في القوة وفي مزيد من القوة، بدون لجم. الاقتصاد الإسرائيلي تضرر بشكل عمّق من أسعار البورصة في تل ابيب عبر سعر الشيكل وانتهاء بدخول المستثمرين الى إسرائيل. العقد الإسرائيلي – ديمقراطية ويهودية – انتهك. كل هذا هو على الاطلاق كما سيقول مؤيدو الانقلاب المتضائلون هو بسبب الاحتجاج. لو كان المجتمع الديمقراطي الإسرائيلي انقلب على ظهره، وليصرخ «يمكن ابادتي» لكان كل شيء رائعا ببساطة. لكن المشكلة ليست خطة لفين – روتمان – نتنياهو كما سيتذاكون بل الرد على الانقلاب. بكلمات أخرى جاء وزير العدل لفين وعرض على إسرائيل خطة مع علة صغيرة وضحلة هي انها تلغي الديمقراطية فقط.
كيف تنتصر الديمقراطية؟ تنتصر عندما يحمي الجمهور قيمها المقدسة. لقد درج رونالد ريغان على التحذير من أن الحرية هي على مسافة جيل واحد فقط من التصفية. جيل واحد تفلت منه الكرة، يتخلى عن واجبه واذا بالحرية السياسية النادرة جدا ستتبدد. لقد وقعت محاولة الانقلاب على الجيل غير الصحيح. هذا هو الجيل الذي خرج الى الشوارع على الفور، وبقي فيها على مدى اشهر طويلة. انه الاحتجاج هو الذي هجم في ليلة 26 آذار ومنع بجسده الخطوة التعسفية لإقالة وزير الدفاع. هؤلاء هم الليكوديون الذين صوتوا باقدامهم وبالاستطلاعات. ابدوا الشجاعة النادرة للغاية في السياسية: الا يدعموا سياسة معسكرهم السياسي. لو لم يجعل ناخبو الليكود «الإصلاح» مصيبة سياسية لمرت كل الخطة في شهر شباط. انها رئيس المحكمة العليا استر حايوت هي التي رسمت الخط في الرمال وقالت الحقيقة عن خطة لفين، دون خوف ودون مواربة. انها المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، التي لم تنثن امام الضغط الشديد للحكومة بل ولم تستقل.
الديمقراطية لا تنتصر في حدث بالقوة، ولا بقرار عادل من المحكمة العليا. الديمقراطية تنتصر بالمشاركة الدائمة والعميقة لمواطنيها في الساحة السياسية والاجتماعية. في زيادة المساواة في الفرص، الاعتراف بالمظالم الواقعة ومحاولة إصلاحها. تنتصر بالتوافقات الواسعة، بالإصلاحات الحقيقية، تنتصر عند إبداء الولاء لشعلة الديمقراطية، لإسرائيل كوطن الشعب اليهودي وبالتوزاي عند الاستعداد للجلوس، للحديث والاتفاق. الديمقراطية تنتصر عندما يتذكر الناس ما هو المهم، لنا جميعا. وها هو المهم: 129 إسرائيلياً يوجدون الآن في الأسر الرهيب لحماس، واجبنا إعادتهم. جيش حماس نفذ هنا محاولة إبادة جماعية وهو يريد أن يستكمل المهمة. الواجب هو القضاء على قدرات «حماس» كلها كي نتمكن من العيش هنا.
عن «يديعوت احرونوت» (2024-01-03)