خلافات وحكومتان لإسرائيل
بقلم: ناحوم برنياع
اقتلوني، لكن سموتريتش محق. في الليلة التي كان يفترض بها لكابينيت الطوارئ أن يبحث في مسألة ما الذي تريد الحكومة أن يحصل في غزة في اليوم التالي للحرب، أطلق سموتريتش إنذاراً: إذا أجري البحث فإنه هو وكتلته سينسحبان.
ذعر نتنياهو وخنع. البحث سيجرى، ليس في كابينيت الطوارئ بل في الكابينيت الواسع، الجسم الذي يُسمع فيه صوتا سموتريتش وبن غفير بكل شدتهما.
لقد كان ادعاء سموتريتش رسمياً وسياسياً على حد سواء. رسميا، كابينيت الطوارئ لا يفترض به أن يبحث إلا بالحرب، وليس في اليوم التالي لها؛ سياسياً، له ولبن غفير توجد جملة آراء في هذا الموضوع، لديهما القوة ولديهما المكانة. لا يحتمل أن يبقيا في الخارج. كان محظوراً إعطاؤهما يداً بالحكم منذ البداية – هذه هي الخطيئة الأولى. لكن ما تم فعله لا يمكن استعادته.
مسألة اليوم التالي ترافق الحرب من بدايتها. الضغط لبلورة موقف إسرائيلي جاء من عدة اتجاهات.
قبل كل شيء من إدارة بايدن، التي تسعى لجعل استثمارها الهائل للحرب رافعة لإعادة تصميم المنطقة. ليس فقط في غزة – بل في الضفة، لبنان، السعودية أيضاً. الرفض الإسرائيلي يمنع عن بايدن إنجازاً دبلوماسياً ويعرضه للنقد في حزبه وفي وسائل الإعلام.
الضغط يمارس أيضاً من جانب مسؤولين كبار في الجيش، في هيئة الأمن القومي وفي الشاباك. المهنيون هناك معتادون على العمل المرتب: فالحرب تدار لأجل توليد واقع آمن أكثر بعد يوم من انتهائها.
عندما لا يعرف المرء إلى أي واقع تسعى الحكومة، فإن الجيش يدخل في مراوحة في المكان.
المعارك بطولية، لكن ليس لها غاية تستشرف المستقبل. الجنود يقتلون عبثاً.
الجهة الضاغطة الثالثة هي غانتس وآيزنكوت. حسب شعورهما فإنهما يجلسان في الحكومة بناء على الأمر العسكري 8.
صورة اليوم التالي ستساعدهما على بلورة القرار هل، متى وكيف ينسحبان.
لقد تباهى نتنياهو في مؤتمره الصحافي بأنه في هيئة الأمن القومي أجريت ثماني مداولات في اليوم التالي. لم يرو بأنه حظر على أعضاء هيئة الأمن القومي أن يعرضوا نتائج هذه المداولات على الحكومة. وأفلت نتنياهو عبارة «في اليوم التالي سنتحدث عن اليوم التالي». المداولات في الكابينيت الموسّع عديمة المعنى: كون فرضية العمل للمشاركين فيها هي أن كل كلمة تقال في هذا المحفل تسرب فإن الجميع يتحدثون لوسائل الإعلام فقط.
الجدال على المداولات في اليوم التالي مشوق لسبب آخر: فهو يكشف حقيقة أن في إسرائيل تتولى الحكم في هذه اللحظة حكومتان منفصلتان – حكومة سموتريتش بن غفير وحكومة غانتس آيزنكوت. لكل حكومة يوجد سلم أولويات خاص بها وأهداف خاصة بها. نتنياهو يناور بينهما. مثل زوجتين ورجل واحد، كل حكومة تحاول العمل وكأن ضرتها، الحكومة الأخرى، غير موجودة. الأولى تقر ميزانية وكأنه لا توجد حرب؛ الثانية تقر مطالب الجيش وكأنه لا يوجد إلا الحرب. تعدد زوجات يوجد هنا. أما الحب فلا يوجد.
بين الحين والآخر يسجل انفجار: البحث في اليوم التالي في غزة هو مثال واحد؛ إقالة مأمورة السجون كيتي بيري هي مثال آخر؛ الاعتزال الإجباري لمديرة سلطة الشركات ميخال روزنبويم مثال ثالث؛ استئناف الحرب ضد المحكمة العليا مثال رابع – وتوجد أمثلة أخرى. كلما استمرت الأحداث في الجنوب وفي الشمال، فإن المسافة بين الحكومتين ستتسع.
غانتس سيتصدى كل يوم لمسألة ما هو دوره في القوة، هل هو الفتى الذي يسد ثغرة السد بإصبعه أم هو ورقة التين التي تستر عورة الحكومة.
هذه أيام الـ «معاً». يخيل أن معظم الإسرائيليين كانوا يرغبون في أن يسمعوا من زعمائهم الرسائل إياها التي يطلقها الجنود في غزة وفي الشمال: الوحدة، الوحدة، الوحدة. لكن ما هو جيد للمناجاة على ألسنة مذيعي التلفزيون لا يمكنه أن يكفي عندما يدور الحديث عن المسؤولية على أصحاب القرار. فوظيفة أصحاب القرار هي أن يقرروا.
كل قرار يتخذونه سيحدث مزقاً في بطانية سور الوحدة. مصير المخطوفين في غزة يقترب من جديد إلى مصاف قرارات غير سهلة: هل يتعين على إسرائيل أن تسعى مرة أخرى إلى صفقة جزئية، تبقي معظم المخطوفين في الأسر أم من الأفضل أن تصل إلى صفقة كبرى بثمن تحرير آلاف السجناء والتخلي عن استمرار الحرب وعن تفكيك حكم حماس؛ هل يخول وزير الخارجية الأميركي بلينكن والمبعوث إلى لبنان هوكشتاين بإنهاء الصفقة مع حزب الله: فالرجلان يصلان إلى هنا مع نهاية الأسبوع، يقترب الحسم أيضاً في مسألة من هم الفلسطينيون الذين سيكونون شركاء في إدارة غزة، ماذا ستكون عليه مسيرة الإعمار وإلى أين سينسحب الجيش الإسرائيلي.
قرارات صعبة. شراكة متعذرة. لا غرو أن نتنياهو يعد الإسرائيليين بحرب إلى الأبد: الحرب تعطيه الوقت، تؤجل القرارات وتبقي حكومتيه معاً، في ورطة متواصلة.
عن «يديعوت أحرونوت» (2024-01-03)