سيناريوهات جولة التفاوض الجديدة في باريس وما بعدها
في نهاية الأسبوع سيتم عقد لقاء ثالث في باريس، في غضون شهر تقريباً، وسيركز على محاولة بلورة صفقة جديدة لإطلاق سراح المخطوفين قبل بداية شهر رمضان في 10 آذار. وقد سبقت جولة المحادثات قمة رباعية شارك فيها سياسيون ورجال مخابرات من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر، في البداية في باريس وبعد ذلك في القاهرة. القمة المخطط لها هذه المرة مرفقة بتوقعات متفائلة أكثر بقليل. لكن حتى الآن من غير الواضح كم من هذا التفاؤل جاء من تقدم حقيقي لإغلاق الفجوة بين مواقف الطرفين، وكم من هذا التفاؤل ينبع من الإدراك اليائس بأنه دون تحقيق اختراق فإن مصير المخطوفين الإسرائيليين سينتهي (ربما أيضاً مصير رفح، مع الـ 1.3 مليون فلسطيني الذين تم زجهم فيها).
الشخصية الرئيسة في المبادرة الجديدة هو رئيس الـ”سي.آي.إيه” وليام بيرنز. الأميركيون يضغطون على مصر، وبشكل خاص على قطر، على أمل أن التحذيرات المتشددة، التي سيتم توجيهها لقيادة “حماس” في القطاع وقطر، ستحقق مرونة ما في مواقف “حماس”. الوسطاء يجدون صعوبة في هذه المرحلة في التوفيق بين الأصوات المتعددة في قيادة “حماس”.
هناك فقط تواصل ضعيف، غير مباشر وغير متواصل، بين مكان اختباء رئيس “حماس” يحيى السنوار وبين العالم الخارجي. على الأقل في الأسابيع الأخيرة يبدو أن رئيس “حماس” في الخارج، إسماعيل هنية، يحاول تخمين ما كان سيقوله السنوار في الوقت الذي كان يبلور فيه إجابات “حماس” على الاقتراحات. دون مشاركة ثابتة للسنوار، فإنه توجد صعوبة في عقد صفقة. لأن قيادة الخارج لا يمكنها الظهور وكأنها حازمة أقل من قيادة الداخل، التي تتحمل عبء القتال. مصادر في مصر قالت، أول من أمس، لصحيفة “وول ستريت جورنال”: إن “حماس” قلصت بشكل قليل طلباتها حول إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في الصفقة، الآن 3 آلاف سجين.
في هذه الأثناء في الإدارة الأميركية يتحدثون عن رئيس الحكومة نتنياهو بنغمة لم تُسمع في واشنطن حتى عندما صمم نتنياهو على إلقاء خطاب في الكونغرس في 2015 ضد الاتفاق النووي مع إيران، رغم أنف الرئيس في حينه براك أوباما. الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، الذي كان في حينه نائب أوباما، أكثر تعاطفاً مع إسرائيل من سلفه الديمقراطي في هذا المنصب. لكن يبدو بوضوح أن واشنطن قد فقدت آخر ما تبقى لها من صبر على مواقف نتنياهو وتصريحاته وألاعيبه. يبدو أيضاً أن درجة دعم المجتمع الدولي التي هو مستعد لإعطائها لإسرائيل لفترة طويلة، أصبحت في هذه المرة مشكوكاً فيها.
بمعان كثيرة، فإن الخطة التي تتم مناقشتها الآن تشبه ما وافقت عليه إسرائيل (بعد ذلك تراجعت عنه) في باريس في منتصف شهر كانون الثاني الماضي. في المرحلة الأولى الحديث يدور عن إطلاق سراح حوالى 35 مخطوفاً لأسباب “إنسانية”: نساء، مسنون، مرضى وجرحى، وربما أيضاً المجندات، مقابل وقف إطلاق النار مدة 45 يوماً، تضمن الهدوء في شهر رمضان. في النبضة الثانية سيتم إطلاق سراح المخطوفين الآخرين، الجنود والرجال فوق جيل الخمسين وإعادة جثامين المخطوفين. حتى الآن الجيش الإسرائيلي أعلن أن 32 من بين الـ 134 مخطوفاً المحتجزين في القطاع، ماتوا؛ هناك خوف كبير على حياة آخرين، بعضهم بسبب أنه لم تأت منهم أي إشارة تدل على الحياة منذ المذبحة في 7 أكتوبر؛ آخرون إزاء الخوف على وضعهم الصحي. النبضة الثانية يمكن أن تكون مرفقة كما يبدو مع إنهاء القتال والانسحاب الكامل لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
الأميركيون يأملون في أن وقف إطلاق النار في غزة سيؤثر أيضاً على “حزب الله” كي يوقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية. في سيناريو متفائل، فإن هذه الفترة ستمكن من صياغة اتفاق سيبعد رجال “قوة الرضوان” عن الحدود ويعيد سكان مستوطنات الشمال إلى بيوتهم. في هذه الأثناء “حزب الله” يعلن أنه لا يوجد ما يمكن التحدث حوله قبل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأن إسرائيل لا تثق بالوعود الأميركية بأنه سيكون بالإمكان إبعاد “قوة الرضوان” دون استخدام القوة الكبيرة.
إن التوصل إلى صفقة تبادل في الفترة القريبة هو أحد الإمكانيات الثلاث لنتنياهو، على أمل أن “حماس” ستوافق على تليين عدد من طلباتها المتطرفة. حتى هذا الاتفاق سيكون مرفقاً بتنازلات غير بسيطة بالنسبة لإسرائيل، منها إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين “الذين لهم وزن ثقيل”، كما يبدو حتى في المرحلة الأولى. القرار يمكن أن يواجه بمعارضة من داخل الحكومة، كما دلت على ذلك الملاحظة المقلقة لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي قال في هذا الأسبوع بمقابلة مع إذاعة “كان”: إن المخطوفين ليسوا الأولوية (بعد ذلك حاول كالعادة القول: إنه تم إخراج أقواله عن السياق).
سيناريو آخر يتحدث عن احتمالية استمرار القتال في شهر رمضان، الأمر الذي يمكن أن يشمل اجتياح الجيش الإسرائيلي رفح، وبعد ذلك تعود إسرائيل إلى طاولة المفاوضات وربما ستناقش أيضاً “عقيدة بايدن”، وهي العملية الأميركية الشاملة التي عنوانها “نظام إقليمي جديد”. لكن هنا الحديث يدور عن مقامرة، التي يجب أن تأخذ في الحسبان التدهور الشديد في الوضع الإقليمي بسبب احتلال رفح، الذي سيؤثر بالأساس على السكان المدنيين في القطاع.
سيناريو ثالث سيرسخ أن ما كان هو ما سيكون: نتنياهو سيستمر في تحدي الإدارة الأميركية وإطلاق وعد النصر المطلق وسيتملص من الدفع قدماً بصفقة تبادل، وربما حتى يكره نهائياً قائمة المعسكر الرسمي التي ستنسحب من الائتلاف وتبقيه مع الشركاء الحريديين وأحزاب اليمين المتطرف. مع ذلك، مصادر في الحكومة تقترح ألا نستبعد إمكانية أن يقرر نتنياهو أخيراً المفاجأة وأن يقوم بالانحراف يساراً. الولايات المتحدة والسعودية تبذلان جهوداً كبيرة للدفع قدماً بصفقة إقليمية، حيث يكون بالإمكان طرحها كدرة التاج للسياسة الخارجية لإدارة بايدن قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني القادم.
السعودية ما زالت غارقة في احتمالية التطبيع مع إسرائيل كجزء من صفقة أكبر تشمل حلف دفاع بين الرياض وواشنطن، وتزويدها بالسلاح المتقدم والسماح لها بتطوير مشروع نووي مدني. سواء في واشنطن أو في عدد من العواصم في المنطقة، فقد تولد الانطباع بأن نتنياهو لم يتنازل تماماً عن هذا الحلم، والاتصالات حول ذلك مستمرة طوال فترة الحرب في القطاع.
للمفارقة، ربما بالذات القرار الفضائحي الذي دفع به نتنياهو إلى “كابينيت” الحرب في بداية الأسبوع، عندما استجاب لضغط الوزير إيتمار بن غفير، وأشار إلى القيود التي سيتم فرضها على صلاة عرب 48 بالحرم في شهر رمضان، أدى إلى زيادة الشعور بالخطر لدى دول الوساطة. اعتبار أساسي يتم ذكره الآن كمبرر للحاجة إلى صفقة، يتعلق بالخوف من اشتعال آخر في القدس والضفة الغربية على خلفية شهر رمضان وبمرافقة رجال دين.
خلال ذلك عمليات إطلاق النار في الضفة وداخل الخط الأخضر تزداد على خلفية الحرب في غزة والتوتر حول الحرم. صباح أول من أمس، قتل مخربون مواطناً إسرائيلياً وأصابوا عشرة أشخاص في عملية إطلاق نار على حاجز قرب “معاليه أدوميم”. في عملية مشابهة قبل أسبوع قتل جندي ومواطن في مفترق “كريات ملاخي”. هذه العمليات تعكس السهولة في الحصول على السلاح بالضفة والقدس، وأيضاً في القرى العربية بإسرائيل. في السنوات الأخيرة توجد صناعة تهريب متشعبة للسلاح عبر الحدود مع الأردن، بتشجيع واضح من إيران. وجهاز الأمن يجد صعوبة في مواجهة هذه الظاهرة.
الحرم هو دائماً العامل الآخر في التركيبة القاتلة. في عملية “حارس الأسوار” في أيار 2021 حاولت “حماس” الربط بين القتال في القطاع والتوتر في القدس، وبعد ذلك ظهر أن سلوك بن غفير بالحرم في الأشهر التي سبقت الحرب الحالية وفر الذريعة لشن هجوم “حماس”. ما ينشغل به نتنياهو الآن دون توقف، كما قال شخص يعرفه عن قرب منذ عشرات السنين، هو تصفية يحيى السنوار. رئيس الحكومة بحاجة إلى إنجاز ظاهر للعيان، صورة انتصار يمكنه عرضها على الجمهور في البلاد حتى لو كان من المرجح أن رجال “حماس” سيستمرون في القتال بعد قتل الزعيم. هو يبحث عن إنجاز رمزي يبدو أنه سيعطي جواباً مناسباً للسقوط الذي حل بإسرائيل في 7 أكتوبر. عندها يمكن البدء في الدفع قدماً بصفقة تبادل والسعي إلى وقف إطلاق النار.
إن تقدم الجيش الإسرائيلي في الميدان أصبح الآن متواضعاً بدرجة كبيرة. وما زالت الحركة البطيئة في خان يونس التي تركز على السنوار مستمرة؛ في الوقت نفسه يتم القيام بهجمات محدودة في شمال القطاع على مواقع “حماس” التي لم يتم التعامل معها بشكل جذري في السابق، أو التي حاولت “حماس” إعادة تأهيلها. واقتحام لواء الناحل واللواء 401 للمدرعات في حي الزيتون الأسبوع الماضي ركز على شرق مدينة غزة.
السلطة المحلية
الهجوم العسكري يستمر بحجم قوات مقلص: الجيش الإسرائيلي لديه الآن فقط ستة طواقم حربية لوائية في القطاع، أي ربع حجم القوات التي عملت هناك في ذروة الحرب. معظم قوات الاحتياط التي عملت هناك تم تسريحها. الأزمة الإنسانية في القطاع تتفاقم بعد أربعة أشهر ونصف الشهر من القتال. وفي شمال القطاع تزداد التقارير عن ظاهرة الجوع أو شبه الجوع. توجد لـ”حماس” مصلحة في إظهار ذلك أكثر لأن هذه المنطقة هي لا تسيطر عليها، خلافاً لجيب رفح. لكن حتى لو كانت هناك مبالغة في عدد من الشهادات، فإنه من الواضح جداً أن الظروف هناك صعبة جداً.
هذا الوضع يقلق “حماس” أيضاً. ففي هذا الأسبوع للمرة الأولى، ظهرت دلائل كثيرة على عدم صمت متزايد للجمهور، الذي بعضه موجه ضد “حماس”. الدكتور ميخائيل ميلشتاين، من جامعة تل أبيب وجامعة رايخمان قال، أول من أمس، للصحيفة: إنه ربما استعداد “حماس” للعودة إلى مفاوضات ناجعة أكثر حول صفقة تبادل يتعلق بتفاقم الوضع الإنساني. “طوال العملية القتالية لم نشهد تظاهرات مثل التظاهرات التي تم تنظيمها في هذا الأسبوع في جباليا ورفح”، قال. “الناس يتحدثون هناك للعدسات بوجوه مكشوفة واتهموا السنوار وحماس عما حل بهم”. مع ذلك، ميلشتاين يقدر أن النظام في القطاع ما زال قادراً على إدارة الأزمة، وعند الحاجة سيوجه غضب الجمهور هناك من أجل مواصلة اتهام إسرائيل.
يكمن جزء كبير من الأزمة في صعوبة إدخال المساعدات الإنسانية. قوات الجيش الإسرائيلي في الشمال والجنوب قامت بقتل نشطاء مسلحين لـ”حماس” حاولوا السيطرة على الشاحنات التي أرسلتها المنظمات الدولية. النتيجة هي أن الكثير من الشاحنات تم سلبها والمنظمات منعت عدة مرات رجالها الدخول إلى القطاع، خوفاً من أن يجدوا أنفسهم في خط النار بين الجيش الإسرائيلي و”حماس”.
في الوقت الذي فيه الحكومة الإسرائيلية، برئاسة نتنياهو، تهربت من النقاشات العملية حول “اليوم التالي”، فإن السلطة الفلسطينية بالذات لا تضيع الوقت. فرجال الرئيس محمود عباس اعتبروا الحرب في القطاع فرصة إستراتيجية كبيرة، رغم أنها تثبت أيضاً إلى أي درجة ملت الولايات المتحدة والدول العربية من السياسة المترددة والجهاز الفاسد لمحمود عباس. ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، انشغل مؤخراً في إعداد قائمة بأسماء النشطاء الذين يمكن دمجهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية في القطاع إذا تم إسقاط حكم “حماس”. بعض الأسماء في القائمة هي لسكان من القطاع وأسماء أخرى لسكان في الضفة. الولايات المتحدة، السلطة الفلسطينية والأردن، ينشغلون الآن في بلورة خطة لتدريب وإعداد هؤلاء النشطاء في غضون بضعة أشهر على الأراضي الأردنية وبمواكبة أميركية.
موضوع الساعة
المساعد أول، أوري يعيش، وهو جندي الاحتياط الذي قتل في العملية بمفترق “كريات ملاخي”، خدم في السابق ثلاثة أشهر في الحرب بالقطاع، وبعد ذلك تم استدعاؤه للخدمة في كتيبته، هذه المرة في “غوش عصيون”. وقد قتل وهو بالطريق إلى إجازة في البيت. أحد المصابين في العملية، أول من أمس، قرب “معاليه أدوميم” هو حنانيا بن شمعون، الذي نجح في إطلاق النار على أحد المخربين. والده ووالدته قالا: إنه تسرح قبل أسبوع بعد خدمته أربعة أشهر في القطاع.
هذه هي ظروف عدد كبير من جنود الاحتياط وضباط وجنود يخدمون في القيادات. كثيرون منهم تم تسريحهم وهم يحملون أمراً في أيديهم، أي الاستدعاء للخدمة القادمة، وآخرون قيل لهم: إنه سيتم استدعاؤهم للخدمة في الربيع. المرة القادمة يمكن أن تكون معقدة أكثر. فهناك فجوة كبيرة بين الاستدعاء السريع للخدمة مع كل منظومة الاحتياط على الفور بعد المذبحة، لأن الدولة كلها كانت في حالة حرب، وبين الاستدعاء لخدمة أخرى على الحدود أو في الضفة الغربية، حيث يبدو أنه في الجبهة الداخلية الحياة تقريباً عادت إلى مسارها.
الدكتور أريئيل هايمان، وهو عضو بمعهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، قال: إن الجيش يتصرف بعدم إدراك وعدم فاعلية في تعامله مع جنود الاحتياط. هايمن، الذي هو عميد احتياط قاتل في الجيش النظامي في حرب يوم الغفران، يوجد له منظار ليفحص فيه. في بداية سنوات الألفين، في ذروة الانتفاضة الثانية، تم تعيينه في منصب ضابط الاحتياط الرئيس الأول في الجيش الإسرائيلي. النموذج البارز في سلوك الجيش الإسرائيلي الذي تمت مناقشته في السابق هنا، يتعلق بنية إجازة قانون يرفع سن الخدمة في الاحتياط إلى جيل 46 سنة للمحاربين القدامى، وتمديد الحد الأقصى لفترة الخدمة في السنة وإلغاء الخطة التي بحسبها يتم استدعاء كتائب لعمل عملياتي مرة واحدة فقط كل ثلاث سنوات. كل ذلك يحدث تقريباً دون أي حوار مع جنود الاحتياط، وفي الوقت الذي لا يبذل فيه الجيش الإسرائيلي أي جهود لتقليص عدم المساواة في تحمل العبء، ناهيك عن محاولة الضغط على الحريديين من أجل الانضمام لصفوف الجيش.
لكن يوجد لدى هايمن الكثير من النماذج الأصغر على عدم التفكير ونقص التخطيط. مثلاً، سلاح البحرية. لأن الوظائف القتالية في الغواصات والسفن تحتاج إلى الحفاظ على مستوى مرتفع بشكل خاص للاحتراف والخدمة المستمرة، فإن هذا السلاح تقريباً لا يقوم باستدعاء رجال الاحتياط لهذه الوظائف. وباستثناء قوة الكوماندو البحرية لا يتم استدعاء معظم المقاتلين من غير الضباط إلى الاحتياط على الإطلاق. هكذا فقد الجيش عدداً من الأفراد والمقاتلين أصحاب الكفاءة، الذين كانوا بالفعل في العشرينيات من أعمارهم.
في العقد الأخير لفظ الجيش الإسرائيلي من بين صفوفه حوالى 100 ألف من جنود الاحتياط، بينهم الكثير من المقاتلين، قبل جيل الإعفاء. هذا حدث بذرائع مثل إغلاق وحدات وزيادة النجاعة. عشرات الآلاف منهم طلبوا العودة للخدمة في 7 أكتوبر، وكثيرون منهم تم تجنيدهم بالفعل. لكن حتى الآن لم يتم القيام بعمل منهجي لإعادة الحاصلين على الإعفاء، ناهيك عن نقل المسرحين من سلاح البحرية إلى الخدمة بالاحتياط في سلاح البر.
هايمن قال: إن الجيش الإسرائيلي يستمر في التصرف مثل الفيل في محل الخزف، حيث يفرض تحركات واسعة تحت وطأة الصدمة الثقيلة للحرب دون أن يفحص إلى النهاية معناها الواسع.
حتى إذا لم تندلع حرب واسعة مع “حزب الله” في السنوات القريبة القادمة، فإنه كما يبدو سيزداد العبء الأمني الجاري على الحدود. السكان في غلاف غزة وعلى الحدود مع لبنان لن يعودوا إلى بيوتهم إذا لم يقم الجيش الإسرائيلي بمضاعفة حجم القوات التي تنتشر هناك بثلاثة أضعاف. جزء من العبء سيتم إلقاؤه على جهاز الاحتياط، في حين أن الخدمة الإلزامية ستتم زيادتها بأربعة أشهر.
إن عدم المساواة يصرخ إلى عنان السماء، عندما يتم الأخذ في الحسبان أن الائتلاف يستمر في العمل على شرعنة التهرب الجماعي من التجنيد في أوساط الحريديين. الدولة أبلغت، أول من أمس، المحكمة العليا بأنه إذا لم يتم سن قانون للتجنيد حتى 1 نيسان القادم، فإنه سيتم نفي الأساس القانوني لعدم تجنيد الحريديين. وفي النقاشات بالكنيست أصبح واضحاً، خلافاً للأكاذيب التي تم تداولها في بداية الحرب، أن 540 جندياً حريدياً فقط تجندوا للجيش في السنة الماضية، في حين أن 66 ألف حريدي من دورات التجنيد ذات الصلة حصلوا على الإعفاء.
من غير الواضح كيف أن هذه البينات، إلى جانب الأداء المعيب للحكومة في الحرب وفي التعامل مع المخلين من الشمال والجنوب، ما زالت لا توقظ مجدداً حركة الاحتجاج. ربما أن اللحظة الحاسمة ستأتي قريباً حول قرار إذا كان سيتم التوقيع على صفقة تبادل جديدة للمخطوفين. إذا كان هناك عرض معقول على الطاولة وقام نتنياهو برفضه فربما أن كرة الثلج ستبدأ في التدحرج، الذي بدايته ستكون انسحاب وزراء المعسكر الرسمي من الحكومة.
*عن “هآرتس”