مأزق إسرائيل الإستراتيجي: يوجد مخرج (يديعوت أحرونوت)!
بقلم: ميخا غودمان*
صورة إسرائيل في الغرب جريحة جدا. في الجامعات، في “التك توك”، في قنوات الإعلام الرائدة نحن نعتبر دولة وحشية، خارقة للقانون، يتوجب كبحها من اجل السلام العالمي. لكن صورة إسرائيل في الغرب ليست الصورة الوحيدة المهمة للإسرائيليين: يهمنا أيضا الشكل الذي نبدو فيه وتنظر إلينا به القوات الجهادية في الشرق الأوسط. توجد لنا صورتان لتعزيزهما: علينا أن يروا في الغرب بنا دولة أخلاقية تلعب حسب القواعد، وفي الشرق الأوسط يرونا كدولة مصممة، عدوانية، غير متوقعة بل واحيانا وحشية.
نحن معنيون بالإحساسين: الحب والخوف. نحن نريد في الغرب أن يحبونا وفي الشرق الأوسط أن يخافونا. المشكلة هي أن هذه لعبة مبلغها الصفر: كل عمل يستهدف ترميم الخوف والردع من إسرائيل في الشرق الأوسط، يسحق التأييد والعطف تجاه إسرائيل في الغرب ومن الجهة الأخرى، كل ما نمتنع عن فعله كي نعزز عطف الغرب، يؤدي إلى هزال الخوف في الشرق الأوسط.
ولئن كانت حاجة للاختيار بينهما، فإن جواب معظم الإسرائيليين واضح: المعرفة بأنهم في الشرق الأوسط يخافوننا كانت تهدئنا اكثر من المعرفة انهم في الغرب يحبوننا. صورتنا في الشرق الأوسط اهم لنا من صورتنا في الغرب، لكن دون دعم الغرب لن نتمكن من ترميم صورتنا المهددة في الشرق الأوسط. فنحن متعلقون بالغرب، متعلقون بالذخيرة، بالسلاح وبمظلة الدفاع القانونية والسياسية. إذا ما فقدنا تماما عطف الغرب، لن تكون لنا القدرات لترميم الخوف منا في الشرق الأوسط. كما أننا في مأزق منطق – استراتيجي: نحن متعلقون بصورة إسرائيل في الغرب، وبدونها نحن غير قادرين على مدى الزمن أن نقيم وندير حربا – تفكك صورتنا في الغرب.
والآن، بعد ثمانية اشهر، المأزق اصبح فخا. في أكتوبر خرجنا إلى حرب لإعادة المخطوفين، كسر القدرات العسكرية والسلطوية لـ”حماس” وإعادة الأمن لمواطني اسرائيل. الائتمان الذي اعطي لإسرائيل في صالح الحرب انتهى قبل أن تنهي إسرائيل المعركة وتستوفي مهامها. صفينا الائتمان قبل أن نصفي “حماس”. الوضع الذي وصلنا إليه هو الأسوأ في كل العوالم: في الغرب نحن نعتبر كغير أخلاقيين، وفي الشرق الأوسط كغير مهددين.
ما هو النصر؟ استيفاء معقول لأهداف الحرب. الطريق إلى هناك طويل ونجاحه متعلق بعنصرين متملصين: وحدة صف إسرائيلية وشرعية دولية. إذا لم تكن إسرائيل مرصوصة الصفوف ومصممة – فلا نصر؛ إذا كان أصدقاء إسرائيل في العالم لا يدافعون عنها في الساحة الدبلوماسية ويسلحونها من ناحية عسكرية – فلا نصر.
في 8 أكتوبر، انطلقت على الدرب آلة الحرب الإسرائيلية، فيما أن مخزون شرعيتها الدولية مليء ومخزون التصميم ورص الصفوف الداخلي يفيض على ضفتيه. في أثناء ثمانية اشهر الحرب، مخزون التصميم ورص الصفوف ضعف، ومخزون الشرعية فرغ تماما تقريبا. اليوم، إذ ما نظرنا إلى ساعة وقود التصميم ورص الصفوف الإسرائيلي سنكتشف انه رغم التآكل لا يزال يوجد فيها ما يكفي من التصميم كي نكمل المعركة. لكن إذا ما نظرنا إلى ساعة وقود الشرعية الدولية، سنكتشف أننا نوجد قريبا من الصفر.
كيف يمكننا أن نملأ من جديد هذين المخزونين؟ في الأشهر الأخيرة، تجرى محادثات على خطوة سياسية يمكنها أن تغير الوضع الاستراتيجي لإسرائيل. يتحدثون عنها في دوائر النشطاء، يكتب عنها شخصيات عامة ويبحث بها أيضا في غرف سياسية مغلقة. بخطوط عريضة هذه خطوة من قسمين: يتقرر في القانون موعد مبكر ومتفق عليه للانتخابات، وفي هذه الأثناء لابيد وليبرمان يرتبطان بغانتس ويجلسان في الحكومة حتى يوم الانتخابات.
الاحتمالات بالطبع متدنية. في أوساط مؤيدي الحكومة يوجد امتناع عن تقديم موعد الانتخابات – فهم لا يريدون فقدان الحكم. في أوساط معارضي الحكومة، يوجد امتناع عن الدخول إلى الحكومة. فهم لا يريدون إعطاء شرعية لمن هم في الحكم. لكن في الجانبين أيضا يفهمون بأننا في لحظة تاريخية هشة وخطيرة.
إذا أصبحت هذه خطوة، بجزأيها بشكل مفاجئ واقعا، فإنها ستبث رسالتين قويتين للمجتمع الإسرائيلي: أ، في الطرق الآخر من المعركة يمكننا أن نختار من جديد الحكومة وان نحرك مسيرة إشفاء المجتمع الإسرائيلي وولادته من جديد. ب. حتى الانتخابات، الأجزاء التالية، الحساسة والخطيرة من المعركة، تقودها حكومة تحظى بشرعية جماهيرية واسعة. اثر هاتين الرسالتين سيكون فوريا: سيخفض لهيب الاستقطاب، يزيد نار التصميم. ومهم بقدر لا يقل: اتساع واعتدال القيادة الإسرائيلية، إلى جانب إلغاء تعلقها السياسي باليمين المتطرف، ما يبرد أزمة الثقة التي بين زعماء دول الغرب وحكومة إسرائيل – ويمنح دولة إسرائيل حقنة شرعية إضافية في الساحة الدولية.
هل ستسحق هذه الحقنة هي الأخرى؟ نعم. مع أن إحساس التجدد سيكون عظيما لكنه سيخلق شرعية محدودة وقصيرة المدى. مع ذلك، الأشهر القليلة التي ستضاف لنا ستكون فرصتنا التاريخية الكبرى، وستتمكن إسرائيل من استغلالها كي تسرع عملية تفكيك “حماس”، إعادة المخطوفين، التصدي للتحدي في الشمال وترميم صورة إسرائيل في الشرق الأوسط كدولة مصممة، حازمة ومهددة.
هذه الخطوة، التي تزيد المقدرين الحيويين، الشرعية ورص الصفوف، تقلص المخاطر الاستراتيجية التي تقف أمامها إسرائيل لكنا تزيد المخاطر السياسية على الزعماء الذين يمكنهم أن يتخذوها.
إن حسم المعركة يتطلب من مقاتلي الجيش تعريض حياتهم للخطر، لكها تتطلب أيضا من قادة الأحزاب الكبرى تعريض حياتهم السياسية للخطر. عندما تنضم إلى البطولة العسكرية للمقاتلين بطولة سياسية للزعماء، نصل إلى النصر.
عن “يديعوت أحرونوت”