اسرائيل:خارطة طريق لإخضاع “حماس”
يؤكد البعض، وبقوة، أن حماس لا يمكن إخضاعها. ومن الصعب بالفعل القضاء على تنظيم مثل حماس، الذي يقوم على أساس حركي اجتماعي، ويتبنى إيديولوجية دينية قومية متطرفة، وله ذراع عسكرية مسلحة. لكن من الممكن تقليص نفوذ حماس بشكل كبير بين الجمهور الذي تدعي أنها تمثله وتقوده، وذلك من خلال إلغاء “سلطة النفوذ” و”الفيتو” التي كانت تتمتع بهما وما زالت تحتفظ بهما.
ولهذا يتطلب الأمر ستة جهود مشتركة:
1- الجهد العسكري: استمرار التفكيك العملياتي للذراع العسكرية لحركة حماس. ومن الضروري المثابرة على الجهد العسكري لفترة طويلة، حتى بعد انتهاء الحرب رسمياً، لضمان عدم قيام التنظيم ونموه من جديد مع استعادة قوته العسكرية. والغرض من الحملة المستمرة هو منع حماس من القدرة على نسف التحركات السياسية والمدنية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في قطاع غزة والساحة الفلسطينية بشكل عام بعد الحرب.
2- الجهد المدني: حيثما أمكن، يجب إطلاق عمليات تهدف إلى تحقيق الاستقرار وإعادة تأهيل القطاع، مع تحييد نفوذ حماس. لم يعد هناك أي احتمال لتأجيل الجهود والسعي لتحديد وتحديد كيان سيكون مسؤولاً عن السيطرة المدنية والنظام العام، والذي سينفذ العمليات مع منع التدخل والتورط من جانب حماس. على سبيل المثال، لا يزال بإمكان إسرائيل تحقيق الاستقرار في شمال قطاع غزة، والسماح للسلطات المحلية بالعمل مع إزالة المسؤولين المرتبطين بحماس، وإرسال إشارة إلى سكان المنطقة بأنهم يستطيعون العودة وإعادة التأهيل دون خوف من المنظمة.
3- جهد سياسي: يجب تشكيل فريق عمل مع الولايات المتحدة والدول العربية البراغماتية، هدفه إحياء السلطة الفلسطينية وإصلاحها، ومساعدتها على فرض سيطرة مدنية على القطاع. ومن أجل كسب دعم سكان قطاع غزة، يجب على السلطة أن تعود إلى هذه المنطقة بدعم ومساندة واسعة من الدول العربية والمجتمع الدولي، وهو ما سينعكس، من بين أمور أخرى، في حزمة إعادة تأهيل لقطاع غزة. السكان. ومع ذلك، فمن الضروري تجنب المحاولات المبكرة لترويج مبادرات بعيدة المدى، مثل إنشاء دولة فلسطينية. ولن تصبح مثل هذه المبادرات ممكنة إلا بعد أن تنقطع العلاقة بين 7تشرين الأول (أكتوبر) وقيام الدولة الفلسطينية، وبعد أن تثبت السلطة الإصلاحية أنها قادرة بالفعل على إدارة الدولة.
4- التكامل والتعاون مع الدول العربية المعتدلة: المحرك الذي سيقود هذه الخطوة هو التطبيع بين السعودية وإسرائيل بمشاركة أميركية فاعلة. ولم تنقلب بنية القوى الإقليمية بعد، فكل الدول التي وقعت اتفاقيات سلام أو تطبيع مع إسرائيل تلتزم بالعلاقات بين الدول. رغم تآكل أصول إسرائيل. لكن، ومن أجل حشد دعمها ومشاركتها في إقامة نظام فلسطيني مصلح ومعتدل وترميم الآثار في قطاع غزة، فإن إسرائيل مطالبة بدعم مبادرة الرئيس جو بايدن لتغيير البنية الإقليمية، والتي تتضمن أربعة مسارات:
(1) إنشاء تحالف أمني موسع مع المملكة العربية السعودية، والذي سيشمل أيضًا التطبيع بين إسرائيل وإسرائيل؛
(2) مبادرة تقودها الولايات المتحدة لإطلاق عملية سياسية، نحو إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي لن تشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل، وبشرط أن يكون نظام تحسين مؤسسات المراقبة وآلياتها الأمنية بشكل شامل؛
(3) تشكيل نظام إقليمي بقيادة الولايات المتحدة للحد من النفوذ الإيراني السلبي في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛
(4) إنشاء ممر اقتصادي من الهند إلى الخليج العربي ومن هناك إلى البحر الأبيض المتوسط، مما سيعزز الازدهار والازدهار الاقتصادي لجميع الدول البراغماتية في المنطقة.
5- الجهد الإنساني: توسيع المساعدات لسكان قطاع غزة، مع تحييد قدرة حماس على السيطرة على المساعدات وتوزيعها حسب مصالحها. ويجب أن تتحقق فكرة إنشاء “جزر” إنسانية، حيث سيتم نقل المساعدات الإنسانية إليها تحت الأمن الإسرائيلي، وإيصالها إلى سكان قطاع غزة. ومن أجل استعادة الشرعية الدولية، يتعين على إسرائيل أن تثبت أنها لا تعاقب سكان قطاع غزة، بل تركز على تفكيك حماس.
6- جهد ذهني: لتحييد تأثير حماس على سكان قطاع غزة – لا خوف ولا أمل – لا بد من إحباط أي فكرة لدمج حماس في نظام الحكم الفلسطيني ومنع تنظيمها وفقا لها نموذج حزب الله – نفوذ سياسي يعتمد على قوة ميليشيا عسكرية مستقلة، مما يقوض قدرة السلطة الفلسطينية على الاحتفاظ باحتكار السلطة وتحقيق رؤية الرئيس محمود عباس – “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد“.
وحتى لو قامت فلول حماس من وقت لآخر بتشغيل خلايا إرهابية، فلا يزال من الممكن جعلها عاملا بلا تأثير في الساحة الفلسطينية إذا عرفنا كيفية استخدام كل الجهود المفصلة أعلاه كمجموعة متماسكة ومتزامنة.
* عن “معهد بحوث الأمن القومي” بجامعة تل أبيب